في مثل هذا اليوم13 يوليو2008م..
إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط في باريس، والرئيسان الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري محمد حسني مبارك يتولان رئاسته.
الاتحاد من أجل المتوسط هو منظمة حكومية دولية تضم 43 بلداً من أوروبا وحوض البحر المتوسط: بلدان الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرون وخمسة عشر بلداً متوسطياً شريكاً من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا.
أُُنشئ الاتحاد في يوليو 2008 في قمة باريس من أجل المتوسط بهدف تعزيز الشراكة الأورومتوسطية التي أُقيمت في عام 1995 وعُرفت باسم عملية برشلونة. اللغات الرسمية له هي الإنجليزية والعربية والفرنسية.
يتبنى الاتحاد هدف تشجيع الاستقرار والتكامل في عموم منطقة البحر المتوسط. وهو عبارة عن منتدى لمناقشة القضايا الاستراتيجية الإقليمية استناداً إلى مبادئ الانتماء المشترك والمشاركة في اتخاذ القرارات والمسؤولية المشتركة بين ضفتي البحر المتوسط. ويتمثل هدفه الرئيسي في زيادة التكامل بين الشمال والجنوب وفيما بين بلدان الجنوب على السواء في منطقة البحر المتوسط، بغية مساندة التنمية الاجتماعية الاقتصادية للبلدان وضمان الاستقرار في المنطقة. يركز الاتحاد، من خلال إجراءاته، على ركيزتين رئيسيتين، وهما: تعزيز التنمية البشرية وتشجيع التنمية المستدامة. وتحقيقاً لهذه الغاية، فإنه يحدد ويساند مشاريع ومبادرات إقليمية بأحجام مختلفة، يمنحها ختم اعتماده بعد قرار بالتوافق في الآراء بين البلدان الثلاثة والأربعين. تركز هذه المشاريع والمبادرات على 6 قطاعات أنشطة، وذلك بمقتضى التفويض الممنوح للاتحاد من الدول الأعضاء فيه.
في قمة باريس من أجل المتوسط (13 يوليو 2008)، قرر رؤساء دول وحكومات المنطقة الأورومتوسطية الثلاثة والأربعون تدشين عملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط. قُدّمت هذه العملية كمرحلة جديدة من مراحل الشراكة الأورومتوسطية مع أعضاء جدد وبهيكلية مؤسسية محسّنة تهدف إلى “تعزيز العلاقات متعددة الأطراف، وزيادة الانتماء المشترك إلى العملية، ووضع الحوكمة على قدم المساواة، وترجمتها إلى مشاريع محددة أكثر بروزاً في أعين المواطنين. وقد حان الوقت لإعطاء زخم جديد ومتواصل لعملية برشلونة. فهناك الآن حاجة إلى المزيد من الانخراط والمحفزات الجديدة لترجمة أهداف إعلان برشلونة إلى نتائج ملموسة.”
اعتبر الرئيس الفرنسي ساركوزي قمة باريس نجاحاً دبلوماسياً، بعد أن تمكّن من جمع كافة رؤساء دول وحكومات البلدان الأورومتوسطية الثلاثة والأربعين، باستثناء العاهلين المغربي والأردني.
وفي مؤتمر وزراء خارجية الدول الأورومتوسطية المنعقد في مرسيليا في نوفمبر 2008، قرر الوزراء اختصار اسم المبادرة إلى صيغته الحالية “الاتحاد من أجل المتوسط”.
واختُتم هذا الاجتماع بإعلان مشترك جديد، توّج إعلان باريس بتحديد الهيكل التنظيمي للاتحاد من أجل المتوسط والمبادئ التي سيعمل وفقاً لها. وأُنشئت رئاسة دورية تشترك في توليها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي مع أحد الشركاء المتوسطيين، فكانت فرنسا ومصر أول بلدين يتوليانها. وتنص القواعد على حضور الجامعة العربية لكافة الاجتماعات. ثم أُنشئت أمانة عامة ذات وضع قانوني منفصل ولديها نظامها الأساسي الخاص بها، حيث اتُّخذ مقرها في برشلونة.
إن تدشين الاتحاد من أجل المتوسط كمرحلة جديدة في الشراكة الأورومتوسطية معناه قبول الاتحاد من أجل المتوسط لمجموعة صكوك برشلونة والتزامه بها، حيث يتمثل غرضها في نشر “السلام والاستقرار والرخاء” في ربوع المنطقة (برشلونة، 2). وبالتالي تظل فصول التعاون الأربعة التي صيغت في إطار عملية برشلونة أثناء السنوات الثلاث عشرة صالحة:
السياسة والأمن
الاقتصاد والتجارة
الاجتماعية الثقافية
العدالة والشؤون الداخلية. ضُمّن هذا الفصل الرابع في القمة الأورومتوسطية المنعقدة بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لإعلان برشلونة الصادر في عام 2005 في برشلونة.
كما صودق أيضاً على هدف إنشاء منطقة للتجارة الحرة في المنطقة الأورومتوسطية بحلول 2010 (وما بعدها)، والتي اقتُرحت أول مرة في مؤتمر برشلونة في عام 1995، خلال قمة باريس لسنة 2008.
بالإضافة إلى فصول التعاون الأربعة هذه، حدد وزراء الخارجية الثلاثة والأربعون المجتمعون في مرسيليا في نوفمبر 2008 ستة مشاريع محددة تستهدف تلبية الاحتياجات المعينة للمناطق الأورومتوسطية ومن شأنها زيادة بروز الشراكة:
إزالة التلوث من البحر الأبيض المتوسط. يشمل هذا المشروع الموسع الكثير من المبادرات التي تستهدف الإدارة الحكومية الرشيدة، وإمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب، وإدارة المياه، والحد من التلوث، وحماية التنوع البيولوجي في البحر المتوسط.
الطرق البحرية والبرية السريعة. يهدف هذا المشروع إلى زيادة حركة السلع والأشخاص في عموم المنطقة الأورومتوسطية وتحسينها بالنهوض بموانئها وبناء الطرق السريعة والسكك الحديدية فيها. وعلى وجه التحديد، يشير إعلانا باريس ومرسيليا إلى إنشاء شبكة سكك حديدية وطرق برية عابرة للمغرب العربي تصل بين المغرب والجزائر وتونس.
الحماية المدنية. يهدف مشروع الحماية المدنية إلى زيادة الوقاية من كل من الكوارث الطبيعية والاصطناعية والاستعداد والتصدي لها. وأما الهدف النهائي فيتمثل في “الاقتراب تدريجياً بالبلدان المتوسطية الشريكة من آلية الحماية المدنية الأوروبية.
الطاقات البديلة: خطة الطاقة الشمسية المتوسطية. يهدف هذا المشروع إلى تشجيع إنتاج الطاقات المتجددة واستخدامها. وعلى نحو أكثر تحديداً، يهدف إلى تحويل البلدان المتوسطية الشريكة إلى منتجين للطاقة الشمسية ثم تداول الكهرباء الناتجة عبر المنطقة الأورومتوسطية. وفي هذا الصدد، وقّع الاتحاد ومبادرة ديزرتيك الصناعية في مايو 2012 على مذكرة تفاهم للتعاون المستقبلي تضمنت وضع استراتيجيتيهما طويلتي الأجل: “خطة الطاقة الشمسية المتوسطية” و”الطاقة الصحراوية 2050″. وبمناسبة التوقيع في مراكش، وصف الأمين العام للاتحاد الشراكة الجديدة بأنها “خطوة مهمة على طريق تنفيذ خطة الطاقة الشمسية المتوسطية”.
التعليم العالي والبحث العلمي: الجامعة الأورومتوسطية. في يونيو 2008 افتتحت الجامعة الأورومتوسطية في سلوفينيا في بيران (سلوفينيا)، حيث تقدم برامج للدراسات العليا. كما دعا وزراء الخارجية المجتمعون في مرسيليا في عام 2008 أيضاً إلى إنشاء جامعة أورومتوسطية أخرى في مدينة فاس المغربية، وهي جامعة المغرب الأورومتوسطية. وقد أُعلن قرار المضي قُدماً في إنشاء جامعة فاس في يونيو 2012. وفي قمة باريس لسنة 2008، اتفق رؤساء الدول والحكومات الثلاثة والأربعون على أن هدف هذا المشروع تشجيع التعليم العالي والبحث العلمي في منطقة البحر المتوسط، وكذلك إنشاء “منطقة أورومتوسطية للتعليم العالي والعلوم والبحوث” في المستقبل.
مبادرة تنمية الأعمال المتوسطية. تهدف هذه المبادرة إلى تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في البلدان المتوسطية الشريكة بـ “تقييم احتياجات هذه المشاريع وتحديد الحلول على صعيد السياسات وتزويد هذه الكيانات بالموارد على هيئة مساعدة فنية وأدوات مالية”.
انعقدت القمة الأولى في باريس في يوليو 2008. وكان ينبغي أن تنعقد القمة الثانية في بلد غير تابع للاتحاد الأوروبي في يوليو 2010، لكن البلدان الأورومتوسطية اتفقت بدلاً من ذلك على عقد القمة في برشلونة بتاريخ 7 يونيو 2010، برئاسة الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي. غير أنه وفي 20 مايو، قررت الرئاسة المشتركة المصرية والفرنسية بالإضافة إلى إسبانيا إرجاء انعقاد القمة، وذلك في تحرّك وصفته ثلاثتها بأنه يهدف إلى إعطاء المزيد من الوقت للمحادثات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي انطلقت ذلك الشهر. وأما وسائل الإعلام الإسبانية فألقت باللائمة في إرجاء القمة على التهديد العربي بمقاطعتها إذا حضر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مؤتمر وزراء الخارجية السابق على القمة.
إبّان انعقاد قمة باريس، كانت فرنسا (التي كانت تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي) ومصر تتوليان الرئاسة المشتركة. ومنذ ذلك الحين عكفت فرنسا على إبرام اتفاقيات مع مختلف الرئاسات المناوبة للاتحاد الأوروبي (الجمهورية التشيكية والسويد وإسبانيا) بغية الاحتفاظ بالرئاسة بجانب مصر. وكان يُفترض أن تجدَّد الرئاسة المشتركة أثناء القمة الثانية للاتحاد من أجل المتوسط، لكن نظراً لإرجاء القمة مرتين، لم تسنح الفرصة لحسم البلدين اللذين سيتوليان الرئاسة المشتركة.
وكان الصراع بين تركيا وقبرص مسؤولاً عن تأخّر المصادقة على النظام الأساسي للأمانة العامة، الذي لم يتم إقراره إلا في مارس 2010، على الرغم من تحديد إعلان مرسيليا لشهر مايو 2009 كمهلة نهائية لشروع الأمانة العامة في ممارسة مهام عملها. وأثناء قمة باريس، وافق رؤساء الدول والحكومات على استحداث خمسة نواب للأمين العام يتولى مناصبهم مواطنون من اليونان وإسرائيل وإيطاليا ومالطة والسلطة الفلسطينية. وأسفرت رغبة تركيا في شغل أحد مناصب نائب الأمين العام ورفْض قبرص لهذا المطلب عن أشهر من المفاوضات ريثما وافقت قبرص في النهاية على استحداث منصب سادس لنائب الأمين العام يتولاه مواطن تركي.
يؤثّر الصراع العربي الإسرائيلي بعمق على الاتحاد من أجل المتوسط نظراً لخطورته. فنتيجة لصراع مسلح اشتعل بين إسرائيل وغزة في الفترة من ديسمبر 2008 إلى يناير 2009، رفضت المجموعة العربية حضور اجتماعات على مستوى رفيع، مما حال بالتالي دون انعقاد كافة الاجتماعات الوزارية المقرر انعقادها في النصف الأول من عام 2009. كما أسفر رفض وزراء الخارجية العرب التقاء نظيرهم الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عن إلغاء اجتماعين وزاريين لوزراء الخارجية في نوفمبر 2009 ويونيو 2010. وتأثرت اجتماعات الاتحاد القطاعية أيضاً بالأفعال الإسرائيلية المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين تحت احتلالها. وفي الاجتماع الوزاري الأورومتوسطي حول المياه المنعقد في برشلونة في أبريل 2010، لم تُعتمد استراتيجية المياه نتيجة خلاف مصطلحي على ما إذا كان يشار إلى الأرض التي يطالب بها الفلسطينيون والسوريون واللبنانيون كـ “أرض محتلة” أم “أرض تحت الاحتلال”. وتبع ذلك إلغاء اجتماعين وزاريين آخرين، حول التعليم العالي والزراعة، بسبب الخلاف ذاته.
وبعد إرجاء أوليّ، أعلنت كل من فرنسا وإسبانيا عن نيتهما عقد محادثات سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في إطار القمة المرجأة تحت رعاية الولايات المتحدة. وفي سبتمبر دُعي الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القمة لهذا الغرض. وعلى حد وصف نيكولا ساركوزي، أتاحت هذه القمة، التي كان مقرراً آنذاك انعقادها في برشلونة في 21 نوفمبر 2010، “مناسبة لدعم المفاوضات”.
ومع ذلك تعثرت محادثات السلام في مطلع نوفمبر 2010، ورهنت الرئاسة المشتركة المصرية عقد القمة بإيماءة من إسرائيل تفيد بأنها ستسمح باستئناف المفاوضات. ووفقاً لبعض الخبراء، قضى إعلان بنجامين نتنياهو عن إنشاء 300 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية على كافة احتمالات الاحتفاء بعقد القمة في 21 نوفمبر. وفي 15 نوفمبر قررت الرئاستان المشتركتان وإسبانيا إرجاء القمة إلى أجل غير مسمى، بدعوى أن جمود عملية السلام في الشرق الأوسط سيعوق “المشاركة المُرضية”
بعد تباطؤه بسبب الوضع المالي والسياسي في عام 2009، تلقى الاتحاد من أجل المتوسط دفعة حاسمة في مارس 2010 باختتام المفاوضات حول تكوين أمانته العامة وافتتاحها الرسمي في 4 مارس 2010 في برشلونة في قصر بالاو دي بيدرالبيس بعد تجديده خصيصاً.
وفي سبتمبر 2010 صرّح سفير الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، إنيكو لاندابورو، بأنه “لا يؤمن” بالاتحاد من أجل المتوسط، قائلاً إن الانقسام بين العرب “لا يسمح بتنفيذ سياسة أقاليمية قوية”، ويستدعي التخلي عن هذا المشروع الطموح المتضمن 43 بلداً والتركيز على العلاقات الثنائية.!!
Discussion about this post