فى مثل هذا اليوم17يوليو 1958م..
العراق ينفصل عن الاتحاد العربي الهاشمي مع الأردن وذلك بعد الإطاحة بالنظام الملكي.
الاتحاد العربي ويعرف أيضا بالاتحاد العربي الهاشمي، هو اتحاد غير اندماجي كونفدرالي أعلن عنه رسمياً في 14 فبراير/شباط 1958 بين المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية. بحكم أن البيتين الحاكمين في العراق والأردن ينتميان إلى الملك الحسين بن علي اللذي عرف بملك العرب. ينص دستور الاتحاد على أن الاتحاد يتكون من «المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية وعضويته مفتوحة لكل دولة عربية ترغب في الانضمام إليه بالاتفاق مع حكومة الاتحاد»، وعلى احتفاظ «كل دولة من أعضاء الاتحاد بشخصيتها الدولية المستقلة وبنظام الحكم القائم فيها». ينص الدستور كذلك في المادة 5: أ على (يكون ملك العراق رئيساً للاتحاد وفي حالة غيابه يكون ملك الأردن رئيساً للاتحاد) وتنص المادة السادسة من الدستور على (يكون مقر حكومة الاتحاد بصورة دورية في بغداد لمدة ستة أشهر من السنة وفي عمان لمدة ستة أشهر أخرى). في 17 شباط/فبراير تمت المصادقة على الاتفاقية من قبل مجلسي الأعيان والنواب العراقيين.
تتعدد الأسباب التي أعلن على أساسها الاتحاد العربي الهاشمي، إذ يقول أستاذ التاريخ السياسي المعاصر الدكتور إبراهيم العلّاف إن إعلان الاتحاد جاء كرد فعل على قيام الجمهورية العربية المتحدة التي كانت مصر وسوريا تعتزمان الإعلان عنها يوم 22 فبراير/شباط 1958.
أما الرغبة في تحقيق الاتحاد بين العراق والأردن فلم تكن جديدة، بحسب العلاف، إذ إن النظاميْن الحاكمين في كلا البلدين تحكمهما أسرة واحدة متمثلة في الأسرة الهاشمية، التي ترجع لقائد الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي (شريف مكة) الذي ثار على الدولة العثمانية عام 1916.
أولى الخطوات بدأت بإيفاد ملك الأردن الحسين بن طلال وزير البلاط الملكي سليمان طوقان إلى بغداد، حاملا رسالة إلى ملك العراق حينها فيصل الثاني داعيا إياه لزيارة العاصمة الأردنية عمَّان. وفي 11 فبراير/شباط 1958، زار الملك فيصل الأردن على رأس وفد كبير، حيث لم يلبث المجتمعون أن توصلوا إلى إعلان الاتحاد العربي بين البلدين.
بعد الزيارة بثلاثة أيام، صدر في عمّان إعلان مشترك عن تأسيس الاتحاد يوم 14 فبراير/شباط من السنة نفسها، في مشهد أعاد إلى الأذهان حينها أيام الثورة العربية الكبرى وأهدافها في تحرير الوطن العربي الكبير وتوحيده، بحسبه.
أما أستاذ تاريخ العراق السياسي الحديث الدكتور مؤيد الونداوي فيشير في كاتبه “الاتحاد العربي الهاشمي في الوثائق البريطانية” إلى أن زيارة الوزير الأردني سليمان طوقان إلى بغداد أدت في 30 يناير/كانون الثاني من العام ذاته لتفهم ملك العراق أهمية مشروع الوحدة العربية المصرية السورية ومخاطر ذلك على العراق ليؤسس ذلك لإعلان الاتحاد فيما بعد.
ويتابع الونداوي أنه في الأول من فبراير/شباط 1958 أُعلن رسميا عن قيام الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا قبيل الإعلان عن الجمهورية العربية المتحدة يوم 22 فبراير/شباط من العام ذاته، وبذلك ترسخت قناعة لدى العراق والأردن بضرورة المضي في تأسيس كونفدرالية الاتحاد المناوئ في هيكليته وأيديولوجيته للجمهورية العربية المتحدة.
بعد مداولات ومفاوضات شاقة استمرت أشهرا، وُلدت حكومة الاتحاد الهاشمي التي تشكّلت من رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد ونائبه الأردني إبراهيم هاشم، في حين حظي العراقي توفيق السويدي بمنصب وزير الخارجية، والأردني سليمان طوقان بوزارة الدفاع، والعراقي عبد الكريم الأزري بوزارة المالية.
من خلال الوثائق السرية البريطانية التي كشف عنها مؤيد الونداوي في كتابه، يتبيّن مدى الدور البريطاني في تأسيس الاتحاد، وهو ما يذهب إليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان مهند الجنابي، الذي يرى أن جميع الوثائق والآراء التاريخية تميل إلى اعتبار أن تشكيل الاتحاد جاء بضغط بريطاني لمواجهة الجمهورية العربية المتحدة المقربة من الاتحاد السوفياتي.
ويضيف الجنابي للجزيرة نت أن المنطقة آنذاك كانت تشهد تفاعلات لا تقل أهمية عن التفاعلات الحاصلة حاليا، فمنذ قيام إسرائيل عام 1948 وإعلان حلف بغداد 1955 وصولا إلى الجمهورية المتحدة والاتحاد الهاشمي في فبراير/شباط 1958، شكلت هذه التفاعلات نقطة مفصلية في حياة المنطقة.
ويتابع أنه باعتبار أن بريطانيا كانت الفاعل الدولي شبه المتحكم في سياسات الشرق الأوسط، فإنه كان لها الدور الفاعل في الاتحاد وتأسيسه ووضع دستوره، موضحا “يتجلى ذلك في أن الاتحاد جاء منسجما مع الرغبة البريطانية التي كانت ترفض انضمام الكويت إلى الاتحاد، وهو ما كان يطالب به العراق”.
أما المؤرخ العراقي سيار الجميل فيرى في كتاباته أن الاتحاد الهاشمي ولد ولادة غير شرعية ومات ميتة غير شرعية، بحسب تعبيره، معتقدا أن البريطانيين الذين باركوا صناعته أو كانوا وراء تلك الصناعة اعتُبِروا أول من حفر قبرا لمثل هذا الاتحاد.
ويتابع الجميل أن ما جرى في العراق من انقلاب على الملكية لا تزال كثير من تفاصيله غائبة رغم ما كتب تاريخيا عن أن الملك الحسين كان قد أخطر رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن محمد رفيق عارف بأن انقلابا وشيكا سيقع في العراق، متسائلا عما إذا كان بوسع ملك الأردن حينها السفر للعراق لتنبيه ابن عمه الملك العراقي من الانقلاب الذي أطاح بالملكية العراقية ومن ثم بالاتحاد العربي الهاشمي.
لم تمر أكثر من 5 أشهر على تأسيس الاتحاد حتى حدثت ثورة 14 يوليو/تموز 1958 في العراق التي انقلب فيها تشكيل الضباط الأحرار على الملك فيصل، ليقُتَل الأخير والأسرة الحاكمة ومن ثم السياسي العراقي المخضرم رئيس وزراء الاتحاد نوري السعيد.
ويضيف إبراهيم العلاف أنه بعد الانقلاب بيومين وفي 16 يوليو/تموز 1958 أصدر رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية عبد الكريم قاسم بيانا أعلن فيه انسحاب جمهورية العراق من الاتحاد العربي الهاشمي، وجاء في بيانه أن “الاتحاد بين العراق والأردن، على الصورة التي تم بها، لم يكن اتحادا حقيقيا يستهدف مصلحة الشعب في القُطرين، وإنما كان هدفه تدعيم النظام الملكي الفاسد وتمزيق وحدة الصف العربي المتحرر وتحقيق مصالح زمرة من الحاكمين الذين لم يأتوا للحكم عن طريق الشعب ولم يعملوا على تحقيق أمانيه”.!!!!!!!!!!!!







Discussion about this post