“قاع المزود” 4
بقلم نصر العماري
لم يعُد “مُعز” أو “رِتِّيلا” -صاحب هذه الكنية التي تُحيلك الى الرتيلاء وما تتميزبه هذه الحشرة رغم صغر حجمها وسرعةحركتها من قدرتها على نصب الشراك والايقاع بفرائسها – لم يعد “رتيلا” الصّبيّ النّحيل المُعفر بالتّراب الذي أوقف مركز الامن بأعوانه على قدم وساق .فالكل يبحث عن “رتّيلا” ، ولا أحد يعرفه.
يسمعون بكنيته ولا يعرفون اسمه أو شكله ،
فكل الأعمال الصقت به،كل التقارير تجزم انه هو. وهو المسؤول.
فإشعال اطارات السيارات وهذا الدخان المتصاعد الى عنان السماء، من تدبير “رتيلا”
وتعطيل حركة المُرور في حيّ قاع المزود والاحياء المجاورة وراءه “رتيلا”
وقطع شبكة الهاتف وحرق مركز الامن وسرقة واتلاف ادباش الاعوان و تهشيم بلور “الباقا” وغيره كلّه من تخطيط وتنفيذ “رتيلا”.
واجزم الاعوان والمفتشون على مختلف رتبهم ان
جميع أعمال الشّغب والهرج، هي محاولة قلب نظام الحكم. ومطالبة اولاد عون بالحكم الذاتي .وهي من تدبير “رتيلا” من غير شكّ…
فماإن وصلت التّقارير الأمنية الى والي الجهة، حال عودته ليلا و على جناح السرعة من مسقط رأسه ، حتّى صرخ في وجه قوّاته “تجيبوه حيّ والا ميت”…
احس المنوبي وهو لم يسترجع وعيه بعد وكأنه يسمع أصواتا من حوله وجلبة ودويا، وكأنها منبهات سيارات الإسعاف او سيارات الحماية المدنية تدوّي في رأسه. وكأنه يرى اطيافا بيضاء ملائكية تتحلّق حوله …
كان المنوبي يشعر وكأن المنية وافته. وأن الملائكة تسوقه الى حتفه . فقد سمع أكثر من مرة عبارة ” مات … مات … تقريب مات”
لكن دماغه ثقيلة. يحس وكأن يد مهراس نحاسي أصابت رأسه .
كل مايتذكّره المنّوبي أنه وقف في شرفة داره يستطلع أمر المظاهرة ويراقب من بعيد. وشعر وكأن سقف الدار وقع على أم رأسه. واكتنفه دخان حار نتن خانق.
قطع عليه أنفاسه وسقط في غيبوبة…
Discussion about this post