فى مثل هذا اليوم6اغسطس135م..
الإمبراطورية الرومانية تفرض حصاراً على بيتار لتقضي على ثورة بار كوخبا.
ثورة بار كوخبا (بالإنجليزية: Bar Kokhba revolt، بالعبرية: מֶרֶד בַּר כּוֹכְבָא) هي تمرد قام به يهود ولاية يهودا الرومانية، بقيادة شمعون بار كوخبا، ضد الإمبراطورية الرومانية. وكونها خيضت بين عامي 132 و136 م تقريبًا، كانت آخر الحروب اليهودية الرومانية الثلاثة الكبرى، لذا فهي تُعرف أيضًا باسم الحرب اليهودية الرومانية الثالثة أو الثورة اليهودية الثالثة، ويشير إليها بعض المؤرخين باسم ثورة يهودا الثانية، دون أن يحتسبوا حرب كيتوس (115-117 م)، التي لم تشمل يهودا إلا بشكل هامشي.
اندلعت الثورة نتيجة للتوترات الدينية والسياسية في يهودا بعد فشل الثورة الأولى بين عامي 66 و73 م. وكانت هذه التوترات مرتبطة بترسيخ وجود عسكري روماني كبير في يهودا، وتغيرات طرأت على الحياة الإدارية والاقتصاد، إضافة إلى اندلاع ثورات اليهود وقمعها في بلاد الرافدين وليبيا وبرقة. أما الأسباب القريبة فيظهر أنها تمثلت في تشييد مدينة جديدة، هي إيليا كابيتولينا، فوق أنقاض أورشليم وإقامة معبد للإله جوبيتر فوق هضبة الهيكل. ويؤكد آباء الكنيسة والأدب الحاخامي على دور روفوس، حاكم يهودا، في التحريض على قيام الثورة.
في عام 132، انتشرت الثورة التي يقودها بار كوخبا بسرعة من وسط يهودا إلى أنحاء البلاد، فقطعت الإمدادات عن الحامية الرومانية الموجودة في إيليا كابيتولينا (أورشليم). وقد ألقي اللوم على كوينتوس تينيوس روفوس، حاكم الولاية إبان اندلاع الانتفاضة، بالفشل في إخمادها خلال مرحلتها المبكرة. ويرد آخر ذكر موثق لروفوس في عام 132، السنة الأولى من الثورة؛ وليس من المؤكد إذا ما كان قد توفي أم نُقل. وعلى الرغم من وصول دعم روماني معتبر من سوريا ومصر وشبه الجزيرة العربية، فقد رسخت الانتصارات الثورية المبدئية حالة استقلال سادت معظم أجزاء ولاية يهودا طيلة عامين، واكتسب شمعون بار كوخبا لقب «ناسي» (أمير). وإلى جانب قيادته للثورة، كان العديد من اليهود ينظرون إليه باعتباره الماشيح، الذي سيعيد لهم استقلالهم القومي. غير أن هذه الهزيمة كان من شأنها حمل الإمبراطور هادريان على تجميع قوة رومانية كبيرة من أنحاء الإمبراطورية، تولت غزو يهودا في عام 134 تحت إمرة الجنرال سكستوس يوليوس سيفيروس. كان الجيش الروماني يتألف من ستة فيالق كاملة مع قوات احتياطية وعناصر تشكل ما يقارب ستة فيالق إضافية، واستطاع أن يسحق الثورة في نهاية المطاف.
تسببت ثورة بار كوخبا بإخلاء سكان واسع المدى في مناطق يهودا، فاق ما حدث خلال الحرب اليهودية الرومانية الأولى في عام 70 م. وبحسب كاسيوس ديو، فقد لقي 580,000 يهودي حتفهم في الحرب ومات العديد غيرهم من الجوع والأمراض. إضافة إلى ذلك، فقد بيع العديد من أسرى الحرب المنتمين إلى يهودا بوصفهم عبيدًا. وقد عانت المناطق اليهودية في يهودا دمارًا بلغ درجة جعلت الباحثين يصفونه بالإبادة الجماعية، غير أن التجمعات اليهودية ظلت قوية في أجزاء أخرى من فلسطين، إذ ازدهرت في الجليل والجولان ووادي بيت شيعان على الأطراف الشرقية والجنوبية والغربية ليهودا. واعتُبرت الخسائر الرومانية هي الأخرى كبيرة – وسُرّح فيلق ديوتاروس الثاني والعشرون بعد ما كابده من خسائر خطيرة. إضافة إلى ذلك، يقول بعض المؤرخين إن تسريح الفيلق التاسع الإسباني في منتصف القرن الثاني ربما كان نتيجة لهذه الحرب. وفي محاولة لمسح كل ما يُذكِّر بيهودا ومملكة إسرائيل القديمة، مسح الإمبراطور هادريان اسمها عن الخريطة واستعاض عنه باسم سوريا فلسطين. غير أنه لا يوجد إلا دليل ظرفي يربط هادريان بتغيير الاسم، والتاريخ الدقيق لذلك غير معروف، والرأي الشائع القائل إن النية من تغيير الاسم كانت «قطع اتصال اليهود بوطنهم التاريخي» هو موضع جدال.
أثرت ثورة بار كوخبا بشدة في سير التاريخ اليهودي وفلسفة الديانة اليهودية. وعلى الرغم من تخفيف اضطهاد اليهود بعد وفاة هادريان في عام 137 م، فقد منع الرومان اليهودَ من دخول أورشليم، إلا من أجل حضور ذكرى خراب الهيكل. باتت عقيدة الماشيحية في اليهودية مجردة وروحانية، وأصبح الفكر السياسي الحاخامي حذرًا ومحافظًا بشدة، إذ يشير التلمود -على سبيل المثال- إلى بار كوخبا باسم «ابن قصيبة»، وهو مصطلح ازدرائي كان يُستخدم للإشارة إلى أنه لم يكن الماشيح الحقيقي. وقد كانت هذه الثورة من بين الأحداث الرئيسية التي أدت إلى تمييز المسيحية بوصفها ديانة مختلفة ومستقلة عن اليهودية. وعلى الرغم من أن المسيحيين اليهود كانوا يعتبرون يسوع هو الماشيح ولم يؤيدوا بار كوخبا، لكنهم مُنعوا من دخول أورشليم حالهم في ذلك حال بقية اليهود.
عد الحرب اليهودية الرومانية الأولى (66-73 م)، اتخذت السلطات الرومانية إجراءات لقمع مقاطعة يهودا الرومانية المتمردة. وبدلًا من الوكيل، أقدمت السلطات على تعيين بريتور في منصب حاكم ونصّبت فيلقًا كاملًا، هو فيلق المضيق العاشر، في المنطقة. استمر تأجج التوترات في أعقاب حرب كيتوس، ثاني أكبر حملات العصيان المسلح اليهودية في شرق المتوسط بين عامي 115-117، والتي امتد القتال في المراحل الأخيرة منها إلى يهودا. ومن المحتمل أنّ سوء إدارة الولاية في أوائل القرن الثاني كان من الأسباب المباشرة للثورة، إذ استُقدم الحكام الذين يملكون مشاعر عداء واضحة لليهود لحكم الولاية. ومن المحتمل أن يكون غارجيليوس أنتيكس هو الذي سبق روفوس في الحكم خلال عشرينيات القرن الثاني، ويؤكد آباء الكنيسة والأدب الحاخامي على دور روفوس، حاكم يهودا، في التحريض على قيام الثورة.
وقد اقترح المؤرخون أسبابًا عديدة لاندلاع ثورة بار كوخبا، بعيدة المدى وقريبة. ويُعتقد أن عدة عوامل ساهمت في نشوب الثورة؛ مثل حدوث تغييرات في القانون الإداري، والإسهاب في الوجود الروماني، وتبديلات في الإجراءات الزراعية مع الانتقال من تملك الأراضي إلى الزراعة بالعمولة، والتأثير الذي خلّفته فترة محتملة من التراجع الاقتصادي، إضافة إلى نهوض النزعة القومية، وقد تأثر هذا العامل الأخير بثورات مشابهة اندلعت وسط تجمعات اليهود في مصر وبرقة وبلاد الرافدين خلال عهد تراجان في حرب كيتوس. أما الأسباب القريبة فيظهر أنها تمثلت في تشييد مدينة جديدة، هي إيليا كابيتولينا، فوق أنقاض أورشليم وإقامة معبد للإله جوبيتر فوق هضبة الهيكل، وتسلط إحدى التأويلات الضوء على زيارة هادريان لأطلال الهيكل اليهودي في أورشليم عام 130 م. وبسبب تعاطفه مع اليهود في أول الأمر، وعد هادريان بإعادة بناء الهيكل، لكن اليهود أحسوا بالغدر حين اكتشفوا أنه كان يعتزم بناء معبد للإله جوبيتر فوق أنقاض الهيكل الثاني. وتزعم نسخة حاخامية من هذه القصة أن هادريان خطط لإعادة بناء الهيكل، غير أن سامريًا حاقدًا أقنعه بالعدول عن ذلك، وتُعتبر الإشارة إلى السامري الحاقد من أدوات الأدب اليهودي المألوفة.
ووصل فيلق إضافي، هو الفيلق المدرع السادس، إلى الولاية من أجل حفظ النظام. وبدأ العمل على إيليا كابيتولينا، كما كان يُطلَق على أورشليم، في عام 131 م. وأقام حاكم يهودا، تينيوس روفوس، مراسم التأسيس التي تضمنت تعليم الحدود المعينة للمدينة بالمحراث. وتسبب «استخدام المحراث فوق الهيكل»، الذي يُعتبر إهانة دينية، في قلب العديد من اليهود ضد السلطات الرومانية. وقد أصدر الرومان عملة معدنية حُفر عليها اسم إيليا كابيتولينا.
ثمة مصدر تراثي يشكل موضع جدل، يقوم على مرجع واحد هو التأريخ الأوغسطي (باللاتينية: Historia Augusta)، ويُعتبر «مشكوكًا وغير موثوق»، يقول إن التوترات تصاعدت بعد حظر هادريان للختان الذي كان يُشار إليه باللاتينية باسم mutilare genitalia، وبالعبرية בְּרִית מִילָה (تُلفظ بريت ميلا). وإن صح الزعم فقد خُمّن أن هادريان، لكونه هيلينيًا، كان ليعتبر الختان شكلًا غير محبذ من التشويه. وعادةً ما يُعتبر هذا الادعاء موضع شبهة.!!
Discussion about this post