نَخلُ الشام ..
د. علي أحمد جديد
جئتُكِ ياشامُ من هَمِّ الليالي المُتعَباتِ ..
جئتُكِ من صَمتي ..
ومن صلبانِ ذاتي
بعدَ أنْ ..
أبحَرتُ في محيطاتِ الهَمِّ ..
وكنتُ بَحَّاراً عنيفا ..
سندباداً ..
غاصَ في جوفِ البحارِ ..
أبحثُ عن لؤلؤِ الخلاصِ ..
وأصيرُ للجياعِ رغيفا .
كان نَخلُ الشامِ حُلْمي ..
كان شَوقي ..
واستعاري ..
صارَ خبزُ الشامِ عَجزي ..
صارَ قَهري ..
صارَ جرحُ النخلِ عاري !!.
صِرتُ أبحثْ ..
وأنادي :
مَن رَأى منكم في قَسوةِ الإعصارِ داري ..
مَن رأى كيف التحامُ العَظمِ بالطاحونِ ..
حينَ تدورُ ألفَ دَوْرَة ؟!..
مَن رَأى منكم سقوطَاً للمِجَرَّة ؟!..
مَن رَأى منكم لحظاتِ انهياري ؟!.
شارِكوني ..
شارِكوني في جِراحي ..
وأنا رغمَ قسوةِ الجرحِ ..
مازِلتُ أرفضُ انكساري ..
وهاأنا أَخرجُ من كهفِ انتحاري .
هاأنا ذا بَعدَ الخُروجِ ..
أُشعِلُ الأرجاءَ جمراً …
حينَ أبكي مرتين .
حينَ تَسّاقَطُ الآمالُ ..
أبكي …
وحينَ تَزّاحَمُ سيوفُ الأهلِ في ميادينِ القتالِ ..
أبكي …
أبكي من فؤادي ..
قَبلَما دَمعي يَجفّْ ..
قَبلَما صَوتي يَخِفّْ .
فيا أضلاعُ بالله كوني ..
أرحَمَ السُجّانِ بالقلبِ ..
وأرحَمَ القُضبانِ ..
كوني .
حَسْبُ أيامي أَنني بالعمرِ أَكبُرْ ..
إنْ تناميتُ رماحاً في الوجوهِ ..
إنْ تَعاليتُ نَخيلا ..
أُحرِقُ الأحزانَ في صَحوي ..
وأُزهِرْ ..
عندما أحيا عذابي ..
أشربُ القهرَ المُقَطَّرْ ..
وأشعُرْ ..
أنني بالعمرِ أَكبُرْ ..
غيرَ أني – عفوَ أقداسِ الجِراح –
أُبصِرُ الأرضَ بَتولاً ..
تَزدريني ..
أُبصِرُ العِطرَ دِناناً ..
تَزدريني ..
والرَغيف يَزدريني ..
حينَ أَلقى كلَّ أحبابي حَزانى ..
كلَّ أحبابي يتامى .
أُبصرُ الأمواتَ حَولي ..
تَزدريني .
غيرَ أني لم أَزَلْ ..
ذلكَ النَسرُ المُقاتِلْ ..
أزرعُ الآفاقَ وروداً و سَنابلْ ..
أزرعُ الحاراتِ – ياشامُ –
ياسميناً ..
وزهوراً ..
وصموداً ..
ومَشاتِلْ .
Discussion about this post