***. الهاربة ***
كم مرّة تباغتني…
تطرق باب مخيّلتي على حين غرّة
تشعّ كبرق خاطف
كنجمة بارقة في سماء داجية
كقطرة ندى عند أول بزوغ الشمس…
كلؤلؤة تنعكس فيها الأضواء.
تُحاورني… تشغل بالي…
تحوم من فوق رأسي كشعاع
كذرّات تتهاجم من شقوق الباب بين أبيض وسواد
أنشغل عنها بضربات مهراس تصلني من خلف الجدران
بأواني المطبخ تتهامس في المغسل وفوق النار
بهمسات الخضر والثمار
بقهوة أحتسيها دون أن اصافح محيّاها في الفنجان
بقطعة شكلاطة سالت حالما أخرجتها من البرّاد
تلازمني الفكرة… أتخلّى عنها لأصافح فكرة
تغرقني في يمّ النهار
تتوارى… في انكسار.. مثقّلة بهموم الإنسان
أحاول استدراجها عند أول اختلاء
دونما كلام
أو سلام
ويحها لا تأبه بعناق أو دلال…
تتستّر في وشاح السّواد…
لا تهاب حارس الليل…
يبات يقيس الأمكنة شبرا شبرا
خطوة خطوة…
يطرد القطط المتسكعة، يمنعها من العواء
لا يترك صوت النباح يتسرّب إلى الأسماع
وحده رنين المفاتيح… يؤنسه
في وحشة الظلام…
لا أحد يشركه جعّة العنب..
لا أحد يعالج قفل باب من الأبواب سواه…
لا احد يمسك باللص الهارب…
لا أحد يمسح للشمعة دمعها الحارق ..
ولا احد يأتيه حديث الجدران.. إلاّه
يا أيتها الفكرة الهاربة…!
لا تهجري قفصك…
لا تبرحي أضلاعي..
لا… تكوني شعلة بارقة
رأفة بحالي…
امكثي قليلا عند شباك الذاكرة
هي مشغولة بترتيب مشاغل النهار ..
بطرد السأم.. بإزالة المرار
بزرع بذرة حبّ
بواساة نبتة الصّبار
امهليني وقتا… لا تهربي..
يا وحي القصيد!
لست نبية….
فكيف آتيكم بشعر يحاكي القرآن
لست شاعرة
لا املك الأفعال…
أجهل بحور الأوزان
وكيف ينضّدون الأشعار
لا املك بوصلة… توصلني سوق عكاظ
يا قصيدة لا تأتيني..!
يا لغة المجاز!
يا حروفا بلا دلالة..!
يا اسماء الاستعارة..!
امنحوني شذرة..
ومضة
شرارة
أحتاج إشارة…
التحليق ليس محالا
السرّ في الأجنحة وليس
في الطّيران…
سونيا عبد اللطيف
قليبية 24/ 08/2023
Discussion about this post