في مثل هذا اليوم 27 اغسطس2001م..
طائرات إسرائيلية تطلق صواريخ على مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله وتقتل أمين عام الجبهة أبو علي مصطفى الذي كان وقتها في مكتبه.
درجت دولة الاحتلال الإسرائيلي على استخدام “الاغتيالات” بحق الناشطين الفلسطينيين، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، بدافع الانتقام ومراكمة الردع وتدفيع الثمن، وإضعاف الفصائل الفلسطينية والمساس بقدرتها وتأثيرها ودفعها إلى وقف مقاومتها للاحتلال، أو بهدف رفع الروح المعنوية للجمهور الإسرائيلي وكسب مزيد من أصوات الناخبين، إلى أن أضحت “الاغتيالات” سياسة رسمية مُعلنة، وجزءاً أساسياً من الاستراتيجيا الإسرائيلية في مواجهة المقاومة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، أقدمت بتاريخ 27 آب/أغسطس 2001 على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى، بواسطة صواريخ أُطلقت من طائرة إسرائيلية حربية في أثناء تواجده في مكتبه في رام الله، في عملية استهدفت شخصه ومنظمته، وفي رسالة إلى القادة الفلسطينيين كافة، مفادها: أن لا أحد منكم خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي.
وعقب كل عملية اغتيال، كان هناك ردّ من الفصائل الفلسطينية، يتراوح بين الضرورة والحاجة، ويتفاوت في الحجم والتأثير، طبقاً لفكر وجاهزية الفصيل الذي ينتمي إليه المُستهدف، وقدرة مَن بقوا أحياء من قادته على مواجهة التبعات ودفع الاستحقاقات. بينما الرد على اغتيال أبو علي مصطفى لم يكن طبيعياً أو تقليدياً، إنما كان مختلفاً تماماً، إذ إن فكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مختلف عن بقية الفصائل الأُخرى، وشخصية القائد أحمد سعدات، الذي تسلّم الأمانة العامة خلفاً للشهيد أبو علي مصطفى، مختلفة هي الأخرى عن الآخرين، وذلك حين أطلق وعده الشهير: “لن نستحق احترام الشهداء، ولن نستحق احترام شعبنا، إذا لم يكن شعارنا: العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس.”
كان ذاك بمثابة رسالة إلى مقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع العسكرية للجبهة الشعبية، الذين لم يتوانوا عن ترجمته، ونفّذوا عملية غير مسبوقة وفريدة في نوعها، وكانت الأرفع بمستواها، والتي زلزلت أركان الاحتلال ومؤسساته المختلفة، بعد أن نجحت مجموعة من مقاتلي الكتائب في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2001 في اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي بمسدس مزود بكاتم للصوت في مكان إقامته بفندق حياة ريجنسي في القدس المحتلة، ثأراً وانتقاماً لدماء الشهيد القائد الوطني والقومي أبو علي مصطفى، وبهذا الرد المزلزل، أراد سعدات إعادة الاعتبار للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمقاومة الفلسطينية المشروعة، وتعزيز قوة الردع من خلال رفع سقف الرد الفلسطيني على عمليات الاغتيال المستمرة. وفي اعتقادي، لو طبقت الفصائل الفلسطينية شعار سعدات “العين بالعين والرأس بالرأس”، عقب كل عملية اغتيال لأحد قادتها، لما استمرت إسرائيل في اغتيالاتها واستهدافها القادة الفلسطينيين، ولفكرت ألف مرة قبل إقدامها على اغتيال هذا القائد أو ذاك، ولما تجرأت على التلويح والتهديد بين الفينة والأخرى باستئناف الاغتيالات.
ولا تزال الجبهة الشعبية تدفع ثمن جرأتها، بينما تُرك سعدات يغرد بوعده منفرداً في ساحة المقاومة الفلسطينية، ويدفع الكثير من الألم والمعاناة وسنوات طويلة من عمره خلف القضبان ثمناً لذلك.أما رفاق الشعبية، فمن حقهم أن يكتبوا القصائد والأشعار ويعزفون أجمل الألحان ويرددون أغنيتهم الشهيرة باستمرار: 17 أكتوبر زغرد كاتم الصوت. فخراً بما تحقق وتقديراً لمن وعد ونفّذ. ومن واجب فصائل المقاومة الفلسطينية كافة السعي الجاد لكسر قيد سعدات ورفاقه وكافة رموز المقاومة.!!







Discussion about this post