قراءة بسيطة بقلمي المتواضع لنص الدكتور حمد حاجي Hamed Hajji / #في_الطريق_إليك
#القراءة
إلى أين ؟؟؟
طريق طويل بين أرض و ريح و نار ، كان مستقرها مقبرة !!!
ملتاعة النفس ، و فاقدة لكل مقومات الحياة .
نفس كئيبة ، و جسم هزيل ، و لم تجد النيران ما تأكله فقد غلبتها نيران الشوق …
…….
يقول الدكتور حمد حاجي في اول نصه واصفا حالة ميؤوس منها ، و كيف بها انا تخطو طريقا … ” إليك ”
في هذه الخطوات مع هذه الحالة كأنه يمشي دهرا من الزمن و لا نهاية للمسافة :
قال الشاعر عبد الغفار الأخرس:
بلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أرَادَ
وقَضَى مِن مُهجةِ الصَّبِّ المُرادا
فليَدَعْهُ في الهوى عاذِلُه
يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ رشادا
وقالت لي الارض
لما مشيتُ
إِلامَ الكآبة والكَمَدُ
ألا يا هبوب الريح بلغ رسالتي
سليمى وعرض بي كأنك مازح
شعر الشاعر: البحتري
وقالت لي الريح
لما رأتني: كأنّك لاشيءَ
ما تحت اثوابك جسدُ !
الأيام الماضية قاسية، تأتي معتقة حارقة، كهذه الذاكرة المثقلة بالنار وأخبار الموت”. (واسيني الأعرج)
وقالت لي النار
لما رأت سقمي
كيف نيرانك الكبدُ؟!
تعدد القول ، و لا من مجيب ، فهو في الطريق إليك ، هذا هو الهدف ، لم يفقه القول و لا الحوار ، ” قالت ” تحتاج لإجابة ، كانه سؤال …
هذا المشهد بين الأرض ، و الريح ، و النار
لنعتبر الأرض ترابا ، و الريح هواءا و النار نارا ، هناك حلقة مفقودة و هي الماء ، هذه العناصر التي مثلت حسب الفلاسفة القدامى خلق الكون ، فهل رحلة ” الطريق هذه نوعا من انواع البحث ، و البحث عن ماذا ؟؟؟ عن الماء لتهدأ خطوات الشاعر ، و تنطفيء قليلا هذه النار ، ربما
؟؟؟؟؟؟
رقت الأرض ، لهذا الدرب الطويل و ما مشاه الشاعر
و رقت ” الريح ” و التي جاء في لفظ المفرد ، و عادة ما تكون مدمرة و لا يحول بينها و بين الدمار شيئا ، عكس الرياح عندما تكون مبشرة …
و رقت الريح هي الأخرى …
و النار كالريح ، لا يهزمها إلا الماء و أحيانا تتفوق عليه ، و لكن في نصنا هزمت نار الشوق نار الحقيقة ، كم أكلت من حطب الروح حين رأتها سقيمة
مشيت طويلا مشيت بعيدا
لِتُسْلِمَني ذي الدروبُ لتلك الدروبْ
كأنّ المدى أمدُ
هل هي خطوات فعلا ام ويلي من خطوة واقفة
الدروب طويلة جدا ، فكم أخذت من الزمن ، لتأخذ من الجسد ، من الفكر و الوجد …
المشي إليك هو آخر رصيف ، الهدف الوحيد في هذه الرحلة ، فلا يهم ، الدروب تسلمني لتلك الدروب … كأن المدى أمد
يا نائم الطَّرف عن سهد وعن أرق
وفارغ القلب من وجد ومن حرق
ابراهيم ناجي
سهرتُ وهم خمدوا
وشقيتُ
وهم سعدوا
لن يسهر إلا من كان به قلق ، حتى وصل إلى حالة الأرق
و لا يسعد إلا من كان في السعادة غارقا ” و لا على باله من في الشقاوة يغرق
و من هم هؤولاء السعداء ، هم من اخذ الشاعر الطريق إليهم ؟؟؟ كم بعيد دربهم !!
أسوق خُطَايا
مبعثرةً
والطريق أبدٌ.. ابد
خطى مبعثرة ، يسوقها الشاعر مرغما و الطريق لا يظهر نهايتها طريق أزلي
” يمكن تعريف الأبد على أنه استمرار الوجود في أزمنة مستقبلة لامتناهية، فهو لا آخر له، ولا يطرأ عليه العدم، ويقابل الأزل.”
يدٌ للدعاء،
وأخرى
على القلب ترتعدُ
كم من التعاسة أخذت هذه الصورة ، و كم من الألم …
دعاء لعل هذا الطريق ينتهي ، و يصل مبتغاه ، لو تُقتصر المسافات ،
بيد واحدة يدعو
و الأخرى على القلب كي لا يتوقف نبضه
لا لشيء ، إلا للوصول إليك
ولما وصلتُ
لمقبرة الحي حيّيتُها
وبثثتُ لها التياعي وما أجدُ..!
و أخيرا وصلت ” إليك ”
مقبرة الحي
بكل لوعة
رحلة وجع و معاناة ، رحلة حقيقية بخطاها المتعبة ، خلنا انها لن تنتهي ، عشناها نحن القراء بكل وجداننا ، تعاطفنا مع الشاعر ، و انتظرنا املا في آخر النفق ، فوجدنا مقبرة ، ميتون أحياؤها ، ام هو العكس بالنسبة للكاتب ، لعل في المقابر أحياء حتى و إن كانوا تحت ” التراب” ، ليس من السهل ان يقطع ” أمد و أمد ” لأجل الأموات ، لكن ، من يعيشون هنا في وجداننا هم أحياء فينا أبدا .
في هذه الرحلة ، رحلة عذاب وصل فيها الكاتب إلى مشارف الموت ، و ما اتجاهه إلى المقبرة إلا ” لينشد ” الموت إلى جانب من يحب ” إليك ” ، كثف فيها الكاتب المشاهد و الصور الشعرية ، حد الوجع الحقيقي ، شد انتباهنا ، بتكثيفه و تشخيصه للعناصر الطبيعية ” قالت الأرض ، قالت الريح ، قالت النار
و جمعهم مع الأهل و البلد في رقتهم .
هذا الإنزياح في تشخيصه لهذه العناصر ، اراد تحريك كل شيء ، رغم ان هذه العناصر فيها حركة ، النار في لهيبها ، و الريح في حركتها ، و الأرض في ولادتها حين تزهر و تعرش … أعطاها الإحساس ” حين رقت ” . و فقدت الحلقة ” الماء ” كان النص جافا ، و الكاتب يشكو حالة من العطش ” يد تدعو و الأخرى على قلبه ” لو ارتوى ، لواصل طريقه بأكثر راحة .
رحلة في صحراء قاحلة ، ربما …
حرف الدال جاء مدويا في النص ، زلزل الحركة ، رغم خطى النص البطيئة ، و التعب ، و الهزال ،على مشارف الموت كما ذكرت أعلاه ،
فالدال من الحروف التي يتحقق فيها الوضوح السمعي و الراحة في النطق ، اكاد ان أسمي النص بهذا الحرف على غرار اللامية التي تنتهي بحرف اللام و النونية التي تنتهي بحرف النون .
…………
في تعريجي الأخير على اللوحة المصاحبة للنص ، ألوم الشاعر على ما أرفقه من قراءة مختصرة للوحة ، كان عليه ذكر اسم اللوحة و صاحبها ، حتى يتسنى لنا الإبحار في خطوطها و ألوانها ، في ظلالها و اتجاه نظرتها ، لكن من وموقعي كمحبة للفن التشكليلي أقول : او أضيف لما جاء بالمختصر ، ريشة الفنان لعبت بوجه الفتاة كما شاءت ، إلى ان جعلت من نظرتها جاحظة ، و دهشة رهيبة إلى المجهول ، ركز الفنان على الفتاة كعنصر أساسي في اللوحة ، جعل منها الحركة في مقبرة صامته و هذا واضح جدا من الخلفية للوحة ، الألوان مشتقة من الطين و الطبيعة ، لم تلمس الريشة عتمة الموضوع ، واضحة جدا ، و فيها الكثير يقال مع رحلة ” في الطريق إليك ”
دام مداد حرفك دكتور 💐……………
نص لم اجد له وصفا ، لكن ، لم أقطع عنه القراءة حد اتمامه ، بقلمي المتواضع و حرفي البسيط
سعيدة بركاتي ✍️
#النص
في الطريق إليك
ا============
وقالت لي الارض
لما مشيتُ
إِلامَ الكآبة والكَمَدُ
*****
وقالت لي الريح
لما رأتني: كأنّك لاشيءَ
ما تحت اثوابك جسدُ !
*****
وقالت لي النار
لما رأت سقمي
كيف نيرانك الكبدُ؟!
*****
ورقت لي الأرض
والريح
والنار والاهل والبلدُ
*****
مشيت طويلا مشيت بعيدا
لِتُسْلِمَني ذي الدروبُ لتلك الدروبْ
كأنّ المدى أمدُ
*****
سهرتُ وهم خمدوا
وشقيتُ
وهم سعدوا
*****
وجئت
لشاهدة القبر
والكل قد رقدوا
*****
أسوق خُطَايا
مبعثرةً
والطريق أبدٌ.. ابدُ
*****
يدٌ للدعاء،
وأخرى
على القلب ترتعدُ
*****
ولما وصلتُ
لمقبرة الحي حيّيتُها
وبثثتُ لها التياعي وما أجدُ..!
ا =========
اللــوحه:يتيمه فــي المقـابـر
راسم اللوحة : للفنـان الفـرنـسـي يـوجـيـن ديـلاكـروا
مختصر عن اللوحة :
( تمثل اشهر اعمال لاكورا واكثرها احتفاء ، واللوحة تصور فتاة وحيدة تجلس بين القبور, وقد تحجرت العيون فى مآفيها , وارتسمت فى عينيها نظرة مشحونة تحمل مالا تستطيع الكلمات التعبير عنه من وحدة موحشة ويأس وضياع وتساؤل لتلك السماء التى تصوب نحوها نظراتها الخرساء..)
Discussion about this post