فى مثل هذا اليوم 14 سبتمبر 1960م..
العراق وإيران والسعودية والكويت وفنزويلا يؤسسون منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وذلك باجتماعهم في بغداد.
منظمة حكومية أنشئت عام 1960 أساسا لمواجهة شركات النفط العملاقة وتنظيم عمليات الإنتاج. تضم عددا من الدول المنتجة والمصدرة للبترول.
النشأة والتأسيس
تأسست منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) يوم 14 سبتمبر/أيلول 1960 بمبادرة من الدول الخمس الأساسية المنتجة للنفط -وهي السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا- في اجتماع عقد بالعاصمة العراقية بغداد.
وهي أهم منظمة أنشئت من طرف الدول النامية لرعاية مصالحها، وكان السبب الأساسي لهذه المبادرة هو التكتل في مواجهة شركات النفط الكبرى، والسيطرة بشكل أكبر على أسعار البترول.
وتضم في عضويتها 13 دولة، هي الجزائر وأنغولا والكونغو وغينيا الاستوائية وإيران والعراق والكويت وليبيا ونيجيريا والسعودية والإمارات وفنزويلا والغابون. وعلقت إندونيسيا عضويتها عام 2009، وانسحبت منها كل من قطر عام 2019 والإكوادور عام 2020.
بدأت المنظمة في الظهور بقوة عندما اتفقت السعودية وإيران -وتبعتهما في ذلك باقي الدول- على استخدام سلاح النفط في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 بين العرب وإسرائيل.
وتمثل استخدام سلاح النفط يومها في تخفيض الإنتاج والصادرات، وقطع إمدادات النفط عن الدول التي وقفت مع إسرائيل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.
وفي أوائل الثمانينيات كان دور أوبك يقتصر على مجرد العمل على الحفاظ على أسعار النفط في السوق العالمية، ومنذ عام 1983 بدأت تتبع سياسة جديدة تقوم على تحديد سقف إنتاج معين لا يجوز للدول الأعضاء تجاوزه، مع توزيع الحصص الإنتاجية وفقا لهذا السقف على الدول الأعضاء، وحسب الطاقة الإنتاجية المتاحة لكل منها.
وفي التسعينيات من القرن العشرين تذبذب سعر البرميل بين الارتفاع والانخفاض، وفي عام 2000 وضعت أوبك آلية لضبط الأسعار، وارتفع سعر النفط في السنوات التي تلتها حتى تجاوز حاجز 100 دولار عام 2007.
الأهداف
تؤكد المنظمة أن دورها الرئيسي يتمثل في تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء لتوحيد السياسات الخاصة بقضية النفط، وضمان استقرار الأسواق، بغرض إنجاح المعادلة المثالية المتمثلة في الحفاظ على ثبات الأسعار ضمانا لمصلحة المستهلكين، لكن دون أن يؤثر ذلك سلبا على المنتجين والمستثمرين في صناعة النفط.
تصنف أوبك على أنها منظمة حكومية، وفقا للنظام الدولي، وبموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. والمنظمة ليست مؤسسة تجارية ولا تشارك في عمليات تجارية، ويعتبر أمينها العام الشخص القانوني المسؤول عن أعمالها، كما أن موظفيها يعدون موظفين مدنيين دوليين.
تتكون المنظمة من ثلاثة أجهزة، هي:
المجلس الوزاري: وهو السلطة العليا للمنظمة، ويتكون من وفود تمثل الدول الأعضاء، وبموجب دستور المنظمة، يعقد المجلس الوزاري اجتماعين عاديين كل عام، وقد ينعقد في دورة غير عادية بناء على طلب أي دولة عضو في المنظمة بواسطة الأمين العام بالتشاور مع رئيس المؤتمر.
مجلس المحافظين: ويتكون من مندوبين يرشحون من قبل حكوماتهم، ومن حق المجلس الوزاري للمنظمة أن يشكل أجهزة متخصصة كلما تطلبت الظروف ذلك.
السكرتارية: تتكون من الأمين العام ورؤساء الإدارات وبقية الموظفين المعارين من الدول الأعضاء، وتضم سكرتارية المنظمة 5 أقسام رئيسية، وتباشر أعمالها ونشاطها ضمن حدود المواد الخاصة بها في دستور المنظمة وعلى ضوء تعليمات مجلس المحافظين.
حاولت منظمة أوبك عام 1965 أن تؤثر على أسعار النفط الخام بتحديد سقف زيادة الإنتاج، فحددت لكل دولة حصتها منه، إلا أن الدول الأعضاء لم تلتزم بذلك.
وفي يناير/كانون الثاني 1968 -أي بعد حرب يونيو/حزيران 1967- تمكنت المنظمة من إبرام اتفاق مع الشركات الغربية يقضي بنزع الخصم على سعر البيع.
وخلال مؤتمر المنظمة في فبراير/شباط 1971 اضطرت الشركات النفطية إلى التخلي عن عقودها التقليدية الثنائية وتوقيع اتفاق جماعي يرفع مستوى الأسعار، ووضع برنامج للسعر لست سنوات.
في أكتوبر/تشرين الأول 1973 اتفقت السعودية وإيران على موقف موحد بشأن الإنتاج، واتبعتهما في ذلك بقية أعضاء المنظمة، ودخل سلاح النفط معركة الصراع العربي الإسرائيلي إثر حرب أكتوبر، إذ تم تخفيض إنتاج النفط وصادراته ورُفعت أسعاره بشكل كبير من دون موافقة الشركات النفطية، كما فرض العرب حصارا نفطيا على الدول المؤيدة لإسرائيل.
وقد أدت أزمة عام 1973 إلى تكتل الدول الغربية لمواجهة منظمة أوبك، كما أدت إلى بناء الدول الصناعية مخزونا إستراتيجيا من النفط تستخدمه في الأزمات وللتأثير على سعر النفط.
وأدت هذه الأزمة أيضا إلى دفع الدول الصناعية للبحث عن بدائل للطاقة المعتمدة على البترول، وإلى إنشاء الوكالة الدولية للطاقة يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1974 لحماية مصالح الدول الغربية المستهلكة للنفط، وذلك إثر زيادة أسعاره بنسبة 130% (11.65 دولارا للبرميل). وفي مارس/آذار 1975 عُقدت أول قمة لرؤساء دول أوبك في الجزائر.
في ديسمبر/كانون الأول 1975 احتجزت مجموعة مسلحة بقيادة إيليش راميريز سانشيز (المعروف بكارلوس) 70 شخصا رهائن بمقر أوبك في العاصمة النمساوية فيينا، وكان بينهم 11 وزير نفط يتقدمهم وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني. ثم أفرج لاحقا عن الرهائن بعد حصول الخاطفين على فدية مقدارها 50 مليون دولار.
الصدمة النفطية الثانية
قامت الثورة الإيرانية عام 1979، فنتج عنها توقف الصادرات الإيرانية، مما أدى إلى زيادة كبيرة في سعر البرميل، إذ وصل أحيانا إلى 70 دولارا. وفي العام الموالي نشبت الحرب العراقية الإيرانية التي تسببت في ارتفاع جديد لأسعار النفط.
ترسيم آليات التحكم
خلال 1982-1990 حاولت أوبك التحكم في مستوى إنتاج النفط وأسعاره، فقررت في 1982 أول تحديد لسقف الإنتاج، وكان بمعدل 17.5 مليون برميل في اليوم، إلا أن الدول الأعضاء لم تلتزم تماما بهذا التحديد.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1984 قلصت أوبك حصص كل دولها. وفي يناير/كانون الثاني 1985 انخفضت الأسعار وضعف التنسيق بين دول المنظمة والدول غير الأعضاء، مما أدى لانهيار الأسعار عام 1986 (10 دولارات)، فسقطت نظرية تحديد السعر الثابت، وأصبحت هذه السلعة الإستراتيجية تخضع لضغوط السوق.
في أغسطس/آب 1990 جاءت أزمة الغزو العراقي للكويت وما ترتب عليها من فرض حظر تجاري على العراق من طرف الأمم المتحدة، ولذلك تم إقصاء العراق من سقف الإنتاج المحدد من طرف المنظمة، ثم اندلعت حرب الخليج الثانية فقاد ذلك لتراجع الأسعار، ثم عادت إلى مستوى ثابت ومرتفع خلال 1994-1997.
الأزمة الآسيوية
في نوفمبر/تشرين الثاني 1997 اجتمعت دول أوبك في جاكرتا ورفعت إنتاجها بنسبة 10% دون أن تأخذ بعين الاعتبار الأزمة الآسيوية، مما أدى إلى انهيار كبير في أسعار النفط بنسبة قدرها 40% خلال عام 1998، إذ وصلت إلى 9 دولارات فقط للبرميل، لكنها عاودت الارتفاع خلال 1999-2000.
اتفاق آلية الأسعار
في مارس/آذار 2000 بدأت أوبك -بالتنسيق مع دول نفطية خارجها- تطبيق آلية جديدة لضبط الأسعار تقضي بخفض الإنتاج بـ500 ألف برميل يوميا إذا ظل سعر سلة أوبك أدنى من 22 دولارا لمدة 10 أيام عمل متصلة، وزيادته بالكمية نفسها إذا ارتفع السعر فوق 28 دولارا للبرميل طوال 20 يوما متصلة، فحافظت المنظمة بذلك على أسعار مستقرة.
أزمة هجمات 11 سبتمبر/أيلول
ألقت أزمة أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 بظلالها على الاقتصاد الأميركي الذي أصبح يعيش أجواء الحرب، ومن ثم وجدت أوبك نفسها أمام خيارات صعبة، خاصة بعد أن بلغ سعر سلة نفطها نحو 17.5 دولارا للبرميل في نوفمبر/تشرين الثاني 2001، أي أن سعر النفط انخفض عن الحد الأدنى المتفق عليه في المنظمة.
الصدمة النفطية الثالثة
في 20 مارس/آذار 2003 تعرض العراق لغزو أميركي بريطاني لإسقاط نظام صدام حسين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير (75 دولارا للبرميل)، صاحبته عودة العراق مجددا لعضوية أوبك. وفي أواخر 2006 توقف تدهور الأسعار بعد قرارين متتاليين اتخذتهما المنظمة لخفض الإنتاج.
صدمة الأزمة المالية العالمية
ما بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2008 انهارت أسعار النفط بشكل هائل، إذ تراجع سعر البرميل من 147 إلى 32 دولارا بسبب الأزمة المالية العالمية وتدهور الاستهلاك.
وفي يناير/كانون الثاني 2009 حددت أوبك حصصها الإنتاجية بـ24.84 مليون برميل يوميا، ثم تراوحت ما بين 30.8 مليون و32.3 مليون برميل يوميا خلال 2011-2016.
الصدمة النفطية الرابعة
في يناير/كانون الثاني 2016 انخفضت أسعار النفط إلى 25 دولارا للبرميل مقارنة بأكثر من 100 دولار عام 2014، ومع ذلك فقد اختارت أوبك ألا تخفض إنتاجها. ورأى مراقبون أن هدفها من ذلك كان هو الضغط على منافسيها، خاصة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، والمحافظة على حصتها في السوق النفطية العالمية.
وأعلنت المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 عن البدء بخفض الإنتاج لضبط الأسعار، مع تعهدات بالتزام “أوبك+” المتمثلة بروسيا ودول نفطية أخرى من خارج المنظمة بذلك. وخفضت السعودية إنتاجها بـ500 برميل يوميا، وروسيا بـ350 برميلا.
عام 2021 ارتفعت إنتاجية النفط في منظمة أوبك حتى بلغت 27.882 مليون برميل يوميا، أي بما يزيد عن “أوبك+” بحوالي 116 ألف برميل باليوم، فتأثرت السوق العالمية للنفط، حتى قررت المنظمتان التعاون وخفض معدل الإنتاج بحوالي مليوني برميل، وذلك للحد من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط لموازنة العجز الذي سببته روسيا بحربها على أوكرانيا.!!
Discussion about this post