قراءتي في قصيد(وغَلَّقَتِ الرُّوح )
للشاعر الدكتورHamed Hajji
————————-
وعجتُ إلى صالة الدّلك
أمشي على طرف كعبي
أسيرُ وأتئدُ..
نضوتُ ثيابي
وأسلمتُ نفسي
وفي يدها يرقد الروحُ والجسدُ..
وسرتُ إلى حافة كالنعيم
وأسندتُ كلّي إليها
كما الطائر الغرِدُ ..
تُمسّدني كفُّها
لكأنه تسكاب أوجاع دهرٍ
فيذهب كل الذي أجدُ..
وددتُ حَلَا أن تكونَ مُدَلِّكَتي…
وحَلَا حين تأتي
تفي بالغرام وما تَعِدُ…
وكنتُ اِلْتَمَحتُ
على كفّها عُرْفَ حِنّاءَ
تَنْحَلُّ من طيب نفحَتِهِ العُقَدُ ..
تراها
تُبَسْمِلُ ساعَةَ تَدْعَكُ صدري
وتهبط شَبْهَ الذي يسجدُ..
وتسكب ريقا على كفّها..
قبلةََ سخنةََ..
مثلما نار نمرود تتّقِدُ..
بمحرابها يختفي وجعي..
وتُتَمْتِمُ دوما
صلاة النّبيْ.. مَدَدٌ… مَدَدُ ..
فقلتُ لها يا حَلَا..
غلّقي الروح
كي لا يرانا بغرفة تدليكنا أحدُ..
وتدنو بهيئة طير..
جَناحَا ملاكٍ
وتنزِلُ ظمآى ولا تَرِدُ..
يداها ثعابين (هرمِسَ)
تلتف بي
وأنا(الصولجان) كما وتَدُ..
تُطرّي تجاعيد وجهي
المراهمُ
حتى انجلى السقمُ والنكدُ..
تُنَشّفُنِي وتقول:
ولا ينعم الْقلبُ بالحب
إلا إذا يبرأ الجَسدُ..
تمنيتُ تُودِعُ
-بين شفاهي حلا-
قُبَلََا.. ليس يحصى لها عددُ..
——————————————————-
🌿قراءتي في قصيد
-وغلّقت الروح—
————————————
هذا يذكر بذاك
والشاعر متلبس بـ[حلا]
كما الروح بالجسد…….
شاعر عاشق يمارس حياته كما خلق الله
يزور قاعة(Spa)
للتدليك وازالة ما لقيه من تعب جسدي
وللشعور بالاسترخاء
وفي قاعة التدليك الحركات التي تقوم بها المدلكة
عادية ومدروسة علميا
والامر يكون عاديا جدا اذا كان زائر قاعة التدليك شخصا عاديا
أمَـا وهذا الزائر شاعر فالنظرة تخلف والحدث يأخذ مجرى شطحة وجدانية وتراتيل روحانية في رحاب العشق والشغف
فلمسات المدلكة تأخذه الى حلا وتهيّج ذكراها
في خاطره ووجدانه
وحلا هي طبيبه المداوي
وهكذا انتقل بنا الشاعر من المدلكة الى حلا حيث هذه المتعة الحسية حملته على جناح الخيال الى المتعة الروحية
وراح يتعقب حلا بقلبه وغرق في تفاصيلها المثيرة والكثيرة
فمن مجرد امنية (وددت حلا …) في خيال مسترخٍ
الى واقع محسوس حيث حضرت حلا وغزت المكان
واختفت المدلكة نهائيا من المشهد
وسافر الشاعر مع حلا حيث سحر اليد التي تلامس جسده يزيل كل ألم ويبعث الحب من مكامنه
وسحر الكف المخضبة بالحناء يزيد المشهد شفافية وصفاء
وقلبه يرى أن ما في حلا من صفات لا يمكن أن تكون في امراة بعدها
وهو من فرط وجده يراها تدلك صدره وعملية التدليك عندها هي حالة خشوع وتلبس بصلاة من بين طقوسها السجود وتلاوة تعويذة الهوى
وترديد الصلاة على النبي
وبريقها جسد الحبيب يتطهر ويغتسل
وتتعدّد هيئات ظهور حلا فهي ملاك باجنحة تحيطه بهالة حضورها القوي في ذات الشاعروهي ثعبان هرمس وهو الصولجان المجنح والصولجان هو علامة ورمز السلطة
والمعنى ان الشاعر له سلطة استحضار حبيبته في خياله متى شاء ومتى اشتقاق إليها وخياله هو مصباحه السحري يدعمه فتلبّي حلا
وهي نار النمرود في حرارة قبلها
وعلى لسان حلا يقول الحكمة ويخبر بان راحة الجسد من راحة القلب وراحة القلب في نعيم الحب
تُنَشّفُنِي وتقول:
ولا ينعم الْقلبُ بالحب
إلا إذا يبرأ الجَسدُ
كما استدعى لنا الشاعر ترسانة من الشخصيات الاسطورية والرموز فهذا ثعبان هرمس الذي له علاقة بالطب والشفاء
العصا التي يلتف حولها ثعبان هي رمز للطب ومهنة الطب (وهذا الرمز مستمد من أسطورة أسكليبيوس في اليونان القديمة
وهذا النمرود واسمه يعني الجبروت والتمرد
وحب حلا ساعة الصفاء يكون جبارا متمردا
—وتسكب ريقا على كفّها..
قبلةََ سخنةََ..
مثلما نار نمرود تتّقِدُ..
—ويقفل بهذه الكلمات
تمنيتُ تُودِعُ
-(بين شفاهي حلا-
قُبَلََا.. ليس يحصى لها عددُ..)
كلمات نابضة محت المدلكة وقاعة التدليك لتتربع حلا على العرش ويتضاءل كل ما حول الشاعر ويضمحل ويتلاشى الا حلا التي استحوذت عليه وبات سابحا في أفلاكها ….
نحن نقف امام شاعرية التشكيل البصرية بامتياز
وقد يكون لي معها وقفة في قراءة قادمة….
دمت مبدعا دكتور حمد الشاعر
مع احترامي لحرفك
فائزه بنمسعود







Discussion about this post