- في إحدى قصائده التي استهلها الدكتور حمد يقول :
يا بنت قلبي ويا نبض روحي..
” قد تكون أجنحة الفراشات رقيقة..
لكنها تخفق بقوة”
فليس بالغريب أن يكون هذا النص امتدادا لهذه القصيدة من وجهة نظري
نص جاء في أربعة أجزاء سأحاول قراءتها ثم حزمها لنرى علاقتها و اللوحة المرافقة لها .
……………………
الجزء الأول
و حديث سبق هذا الجزء يتحدث عنه حرف عطف ” و ”
كان الحديث عن الصور الشعرية التي تجود بها القصيدة ، حين سألته ” فوز ”
عن قيمة الشعر و هل للبلاغة فضل ؟
سطران في حد ذاتهما قمة في البلاغة التي لا يجيدها إلا فطاحلة الشعر عن الشعر الذين أمسكوا بآلياته ، تفعيلاته و قوافيه .
الحرف حين يُطوع يكون أبلغ من ” مشاهد فلم أو أغنية أو لوحة رسام أحيانا ”
حين ” يركب ” الشاعر قصيدته يكون فارسها يجول بين فيافي الحرف و سهوله
ينقل لنا أجمل إحساس و أنقاه ، يكتب لنا الفرح في أوجه و الحزن و دمعه و الذكرى و حنينها و الإنتظار و لوعته و اللقاء بعد الفراق …
نعانق معه الحرف ليتسع مداه و نبحر في صوره بين الخيال و الواقع .
…………………
روعة الصورة و البلاغة في هذا الجزء ” الجزء الثاني ”
حين تُرسم أرجوحة من الحرف فهي وصل بين طرفين ” ابن و بنت قلب ” تظل تغور و تعلو
من الرسم بالحرف إلى حركة فعلية تخيلية مع الأفعال التي انطلقت من سكونها ” أرسم ” إلى انطلاقها ” تغور ، تعلو ، اركبي ، طيري .
و تتحرر الكلمة مع الحركة
صورة شعرية كما ذكرت في الجزء الأول لفارس يخلص أميرة من زمن الأساطير بجدائل متدلية في سجن عالي الأبراج تكون سلمه حتى يصل إليها
” فإني مَسَكتُكِ جدا.. فلا ترهبي من سقوط.. فعندي رَواحُك وصْلُ ”
………………….
الجزء الثالث
من وحي قصص القرآن هذا الجزء ” يسقط رطب علينا و نخل ”
” القصيدة تأتي بتولا كما أم عيسى ”
أي نص شعر هو ولادة عسيرة للكلمة ، يحتاج فيها الشاعر أن يكون وحيدا ” ينتبذ مكانا قصيا ” لتكون في أبهى حلة ، يرعاها ، يراجعها ، يصححها ، فالشاعر هو الوحيد و المعني ” بتغذيتها لغة و بلاغة ”
” يقمطها ” قصيدة كابنة قلبه تماما .
أحيانا نصف بعض النصوص حين تُكتب ، نقول أنها كُتِبت بدم القلب لا بالحبر و القلم ، كهذا الجزء تماما غاص فيه الشعور و العقل .
فكان نبض القصيدة .
…………………….
الجزء الرابع
جزء للقصيدة و ابنة قلبه
لحظة الإلهام و خط أول حرف و كلمة على ورقة تنتظر أن تمتلأ سطورها
هذه ” هي ” لحظة المخاض الفعلي لولادة القصيدة ” يلهو بأعطافك الحبر ” ، ” ليأتي سرب المجاز و يسرح نحل ”
من وحي الطبيعة كانت الصورة : الريح بداية المخاض و ليست رياح ، لحظة الطلق
رحيق الزهور ، عطر الكلمات
يسرح النحل ، رحيق الكلمات
بين الجداول ، موسيقى الكلمات مع خرير ماء الجداول
و أخيرا :
سيؤويك حضني كأن يَدِي ثديُ مُرْضِعَةٍ وصراخُكِ بالحجرِ طفلُ
الصرخة الأولى عند ولادة القصيدة ، و الإطعام الأول ” كأن يدي ثدي مرضعة ”
فالشاعر هو الحاضن الأول و الأخير لقصيدته
………………
في الميتاشعر كانت هذه الوقفة المتواضعة مع نص باذخ ، حاكى فيه الشاعر عديد من عناصر الطبيعة جعلنا نسمع صوتها ، و تعددت فيه الرمزية و الصور البلاغية مثل الإستعارة و المجاز و الإشارة ، كان حوارا بينه و بين ابنة قلبه ، فأخذ النص نسقا تصاعديا ، انطلق من سؤال حول الشعر و البلاغة لينتهي إلى ولادة القصيدة و كأنها البتول أم عيسى .
……………………..
في نهاية هذه القراءة البسيطة أنعرج إلى اللوحة المصاحبة للفنان بيكاسو ” المرأة الباكية ”
اللوحة من الفن التشكيلي “” التكعيبي “” كلما بدأت بعنصر إلا و تولد عنه عنصرا آخر و هكذا دواليك …
وجه المرأة حزين فعلا غابت ملامحه إلا العينين و الدموع ، تشابكت اليدان و غطت على بقية ملامح الوجه للتركيز على الدموع ” الموضوع ” .
رغم أناقتها و هذا ما تؤكده القبعة على رأسها ، أتت منكسرة ، و هذه ميزة الفن التكعيبي كما ذكرت أعلاه ، يجعل من الموضوع مجزأ و يُقرأ من زواياه العديدة .
عدى الخلفية التي كانت مُشرقة لإبراز الموضوع .
بيكاسو من الرسامين الذين يعشقون اللون الأزرق ، لون الحزن و العزلة و كانت لوحاته مثقلة باللون الأزرق رسم العديد منها في المرحلة الزرقاء . مع اللون الأخضر ، زاد اللوحة بؤسا و كأن صاحبتها وصلت إلى مرحلة اليأس ، فكان اللون الرمادي بارزا ليغطي تقريبا كامل الوجه على شكل أيادي تشابكت أصابعها ليزيدها شحوبا و انكسارا .
تساءلت عن العلاقة بين النص و اللوحة ، لم أجد إلا تفسيرا واحدا و هو لحظة مخاض بين ولادة قصيدة يضع فيها الشاعر كل أحاسيسه و شعوره و ” عقله ” ، و ولادة للوحة فنية تجسد هي الأخرى معاناة الفنان او لحظة مر بها في حياته .
كلاهما نقل لصورة من صور الحياة .
…………………..
اتمنى أن تروق لكم هذه القراءة البسيطة بقلمي المتواضع سعيدة بركاتي ✍️







Discussion about this post