___وقفة مع رباعيتي(تجيء..)و(تجيء تسير)
للشاعر الدكتور Hamed Hadji
———————————-
الرباعية الأولى(تجيء…)
تجيء.. فمقرورة لكأنّ بأطرَافِها رعشةَ الضوءِ أو رفّةَ الطّيرِ بالأفقِ
وشمتُ نقوشا من الذكريات على كفها مثل عنقود فاكهة باطن الطبق
ومن كلماتي نسجتُ لها معطفا ناعما وأسدلتُ فروا على العنق
وشبّكتُ كفي براحتها وسلكنا دروب الهوى.. ليتنا ما افترقنا على الطرق!
————————
رباعية تعبر بنا مِنَ يباب الاحاسيس إلى خصوبتها والارتواء
حيث يطالعنا الأفق مُوَظَّفا برمزية عالية
لأنه يمثل خط التقاء الشاعر بحبيبته
على غرار التقاء سطح الارض الظاهر مع السماء
ولقاء الحبيبن براح
وحبيبته تأتي مقرورة باحثة عن الدفء
فهي كالطير ترّف في خفوقه وهي كالضوء في مهب الهوى ترتعش
وبين رعشة ورفة تطفو ذكريات اللقاءات عند ملامسة الكف للكف
ويسري معها دفء اللحظة المنشودة
وهمسات الحبيب تنعش الوجدان ويطرب لها الفؤاد
وتنتعش الروح ويشهد الحب بعث الحبيبة هذا بلمسة سحرية من الحبيب
ويذكر الشاعر العنق
نسجتُ لها معطفا ناعما وأسدلتُ (فرواعلى العنق
فمن الكف اتجهت ريشة الفنان صعودا الى رسم العنق
والعنق في لغة الجسد لها دلالات وهذا حسب موضع لمسها
واسدال الفرو على العنق هي حركة مقصودة حتى يحافظ الحبيب على تعففه وعفة حبيبته لان رؤية العنق فيها إثارة والعنق تحتلّ مرتبة عالية في قائمة المناطق المثيرة حسب (لغة الجسد) لأنها منطقة اهتزازات وذبذبات
وتعبير عن التواصل والانسجام العاطفي
ويكتفي الحبيبان بشبك اليدين والسير في دروب الهوى
وللهوى دروب ومسالك كما له متاهات
ونرى الحبيبين يبتعدان ويختفيان في ضباب الطرق وفي رحابة الأفق وتكتمل اللوحة حبيبان جاءا من الأفق وعادا إلى الافق
يستخدم الشاعر (حمد حاجي) اللغة كقوة بنائية تصل به إلى أعلى الدرجات في القيمة الجمالية لأعماله الفنية وهو غالبًا ما يستثمر كلمات طبيعية هادئة في رسم لوحاته الشعرية
لكن هذه الكلمات لها دلالات وإيحاءات
عميقة مع إحساس قوي بالحركة وفنية المشهدية
وبإيجاز فان وضوح المعاني والعفوية المقصودة في تصوير المشهد بالكلمات
تكسب رباعياته خصوصية تتمثل في عذوبتها ونفاذها السلس لوجدان المتلقي..
===========================
الرباعية الثانية ( تجيء تسير)
تجيءُ تسيرُ وتضحكُ ضِحْكَ الحَصا عند مَطْرَحِ مَوْجِ
فقائلة ما ألذك يا أسمر اللون حَمْدَانَ يا.. ابن حجي
فأرسم قلبين فوق الجدار وأحفر حرفين في كلّ نهج
وأنفخ كالهرّ شعري وأفخَرُ… لا لومَ تلك طبائع زنجي.!
————————
وها نحن امام
-الخيل والليل والبيداء تعرفني،
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
رباعية رغم طابعها الهزلي
تحمل في طياتها بعض الغرور المتواضع
غرور حيث يقول الشاعر
(أنا لست إنسانًا متكبرًا أو مغرورًا، بل مجرد شخص يثق بنفسه وبقدراته.)
وتواضع حيث يعترف بهذا الغرور دون اي مركبات ويضفي عليه طابعا هزليا
(وأنفخ كالهرّ شعري وأفخَرُ… لا لومَ تلك طبائع زنجي.!)
ويطالعني المتنبي مرة ثانية
كم تطلــــبون لنا عيـــــبًا فيعجزكم
ويكره المجد ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي
أنا الثّريا وذان الشيب والهرم
وإذا أتــــتك مذمتي من نـــــاقصٍ
فهي الشــــهادةُ لي بأني كامــلُ
(فقائلة ما ألذك يا أسمر اللون حَمْدَانَ يا.. ابن حجي)
فالشاعر يفخر بنفسه على لسان حبيبته
ويحق له ذلك إلى حد لان المبالغة في مدح الذات وتزكيتها يعد من السلبيات
وهذه المبالغة في إطراء النفس تسمى في علم النفس السلوكي بـ(انتفاخ الذات)الذي يؤدي الى الهوس وجنون العظمة
وكلنا نعلم ان شاعرنا منزه عن النرجسية وادعاء ما ليس فيه من صفات وخصال
وكل ما أستطيع قوله أنه شاعر يمتلك
ناصية القصيدة ويستطيع تطويعها
لأي غرض يشاء بما في ذلك المديح
ومديح النفس أولى اذا ماجانب الواقع
وما اعتلى صهوة الغرور
في كلا الرباعيتين(تجيء…)
وبين تجيء وتجيء امرأة عاشقة تتكبّد عناء المجيء….
فائزه بنمسعود
🍃Ottawa/5/1/2024🍃
Discussion about this post