فى مثل هذا اليوم 10يناير1920م..
عقد أول اجتماع لمنظمة عصبة الأمم، وفي هذا الاجتماع أقرت معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى.
خسرت ألمانيا الحرب العالمية الأولى. وفي معاهدة فرساي عام 1919، فرضت القوات المنتصرة (الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا وغيرها من دول التحالف) بنودًا إقليمية وعسكرية واقتصادية على ألمانيا المهزومة. وفي الغرب، أعادت ألمانيا ألساكي لورين إلى فرنسا. وقد كان قد تم الاستيلاء عليها من قبل ألمانيا منذ أكثر من أربعين عامًا. وبالإضافة إلى ذلك، استردت بلجيكا إيبين ومالميدي، وتم وضع إقليم سار الصناعي تحت إدارة عصبة الأمم لمدة خمسة عشر عامًا، كما استردت الدنمارك شليزفغ الشمالية. وأخيرًا، تم نزع سلاح الراينلاند، أي أنه لم يتم السماح بوجود قوات عسكرية أو حصون ألمانية. وفي الشرق، استردت بولندا أجزاء من بروسيا و سيليزيا الغربية من ألمانيا. وبالإضافة إلى ذلك، استردت تشيكوسلوفاكيا مقاطعة هولتشين من ألمانيا، وأصبحت مدينة دانسيج مدينة الألمانية الكبرى حرة تحت حماية عصبة الأمم، وتم إعادة شريط ميميل، وهو إقليم شريطي صغير في بروسيا الشرقية على طول بحر البلطيق، أخيرًا إلى السيطرة الليتوانية. وخارج أوروبا، خسرت ألمانيا كل مستعمراتها. وخلاصة القول، خسرت ألمانيا 13 % من أقاليمها الأوروبية (أكثر من 27,000 ميل مربع) وعشر سكانها (بين 6.5 و7 ملايين نسمة).
معاهدةُ ڤرساي (بالإنجليزية: Treaty of Versailles)، (بالفرنسية: Traité de Versailles)، (بالألمانية: Versailler Vertrag) أو «صلح ڤرساي»، أو «معاهدةُ السلامِ بينَ الحلفاءِ والقوى المرتبطة وبينَ ألمانيا» بحسبِ الاسمِ الرسمي، هي المعاهدةُ التي أسدلتِ الستارَ من جانب القانونِ الدوليِّ على أحداثِ الحرب العالمية الأولى. وُقِعَ عليها بعدَ مفاوضاتٍ شاقّةٍ وعسيرةٍ استمرَّت ستةَ أشهرٍ هي وقائعُ مؤتمرِ باريسَ للسلامِ (دخلتِ الهدنةُ العامةُ مع ألمانيا حيز التنفيذ في الساعة الحادية عشرة من ضحى يوم 11 /11 /1918). وقَّعَ الحلفاءُ المنتصرونَ في الحرب اتفاقيَّاتٍ منفصلةً معَ دولِ المركزِ الخاسرةِ وهي الرايخ الألمانيّ، والإمبراطورية النمساوية-المجرية، والدولة العثمانية، ومملكةُ بلغاريا. سُلمَتِ الصياغةُ النهائيةُ للنصّ الذي تمَّ الاتفاقُ عليهِ إلى الحكومةِ الألمانية في 7 مايو/أيار 1919 للموافقةِ عليِهِ من قِبَلِها، وجرتْ مراسمُ التوقيعِ في 28 يونيو/حزيران 1919م. تضمّنَتِ المعاهدةُ الاعترافَ الألمانيَّ بالمسؤوليةِ الكاملةِ عنِ الحرب ما أثارَ حنقاُ واسعاً داخلَ ألمانيا فقدِ اعتبرَ تنازلاً عن الكرامةِ الوطنيّةِ، فألمانيا وإنْ كانَ عليها نصيبُها من المسؤوليّةِ إلا أنَّه ليستِ المسؤوليّةُ كاملةً. لقدْ كانَ بنداً مثيراً لكثيرٍ منَ الجدلِ: «إقرارُ ألمانيا وحلفائِها بمسؤوليّتِهم عنِ التسببِ في جميع الخسائرِ والأضرارِ» التي وقعتْ أثناءَ الحربِ (تضمنتِ المعاهداتُ معَ دولِ المركزِ الأخرى موادَّ مماثلةً). أضحت هذهِ المادةُ (المادة 231) تُعرفُ باسمِ «بندِ ذنبِ الحربِ».
تمخّضتِ المعاهدة عن تأسيسِ عصبة الأمم التي أريدَ منها الحيلولةُ دونَ وقوعِ نزاعٍ مسلّحٍ بينَ الدولِ كما حدثَ في الحرب العالمية الأولى، ونزعِ فتيلِ النزاعاتِ الدوليةِ قبلَ انفجارها. ألزمتِ المعاهدةُ ألمانيا بخسارةِ بعضٍ من أراضيها وتقديمِ تنازلاتٍ إقليميّةٍ واسعةٍ، وتقاسمتِ الدولُ المنتصرةُ الرئيسةُ مستعمراتِها في إفريقيا والمحيط الهادي. وخسرتِ الدولة العثمانية -كذلك- أراضٍ شاسعةً في آسيا وانتهت نهائيّاً كإمبراطوريّةٍ، وتوزعت ممتلكاتُ الإمبراطورية النمساوية المجرية على عدةِ بلدانٍ في وسطِ القارةِ وشرقها وذلكَ بموجبِ معاهداتٍ لاحقةٍ لمعاهدةِ ڤرساي.
فيما يتعلقُ بالقيودِ العسكريَّةِ على ألمانيا فرضتِ المعاهدةُ ضوابطَ وقيوداً صارمةً جداً على الآلةِ العسكريةِ الألمانيةِ بغيةَ منعِ الألمانِ من إشعالِ حربٍ ثانيةِِ، فنصّت على تجريدِ الجيشِ الألمانيّ من السلاحِ الثقيلِ، وإلغاءِ نظامِ التجنيدِ الإلزاميِّ المعمولِ به، والاحتفاظِ بمئةِ ألفِ (100,000) جنديٍّ عاملٍ فقط. بما فيه الالتزامِ بـخمسةَ عشرَ ألفَ (15,000) عنصرٍ عاملٍ (ما بين ضباطٍ وجنود) في البحريَّةِ، وعدمِ بناءِ قوّةٍ جويّةٍ، وتحديدِ السفنِ الحربيَةِ بعددٍ محدودٍ، ومنعِها بتاتاً من بناءِ غوّاصاتٍ حربيَّة. كما فُرِضَ عليها ألاّ يحقَّ البقاءُ في الخدمةِ العسكريةِ أقلَّ منْ اثنيْ عشرَ (12) عاماً للجنودِ وخمسةٍ وعشرينَ (25) عاماً للضبّاطِ بحيثُ يغدو الجيشُ الألمانيُّ قائماً على الكفاءاتِ العسكريّةِ غيرِ الشابّة.
ثمَّ جاءَ دفعُِ التعويضاتِ لبعضِ البلدانِ. حُدّدت هذهِ التعويضاتُ بمبلغِ تسعةٍ وستينَ ومئتيْ (269) مليارِ ماركٍ ألمانيٍّ ذهبيٍّ، ثمَّ خُفّضَ عدةَ مراتٍ فيما بعدُ، وبحسبِ خبراءٍ اقتصاديّينَ فإنها -رغمَ التخفيضاتِ- بقيت مغالىً فيها. ونتجَ عن ذلكَ أنْ أثقلتِ الديونُ الاقتصادَ الألمانيَّ المنهَكَ بسببِ الحربِ وتبعاتِها مما رفعَ درجةَ الغضبِ والغليانِ الشعبيِّ، وأسهمَ في النهايةِ في اندلاعِ الحربِ العالميّةِ الثانيةِ.
كانَ الاقتصاديُّ البريطانيُّ اللامعُ جون مينارد كينز (1883-1946م) -عضوُ الوفدِ البريطانيِّ إلى مؤتمرِ پاريسَ للسلامِ- بعيدَ النظرِ عندما وصفَ معاهدةَ ڤرسايَ بعبارتهِ الشهيرةِ: «سلامٌ قرطاجيٌّ» (إشارةً لمّاحةً منهُ إلى تدميرِ الرومان قرطاجةَ كليّاً؛ لقد حققوا السلامَ، ولكن على أنقاضِ دولة)، واعتبرَ أن من شأنِها أنْ تدمرَ ألمانيا اقتصاديّاً، وأنها ذاتُ نتائجَ عكسيّةٍ. وقد بقيَ هذا الأمرُ موضوعَ أخذٍ وردٍّ دائمين من قبلِ المؤرخينَ والاقتصاديّينَ على حدٍّ سواء.
من ناحيةٍ أخرى رأت شخصياتٌ بارزةٌ من الحلفاءِ المعاهدةَ من وجهةِ نظرٍ أخرى، فقد انتقدها ماريشال فرنسا فرديناند فوش (1851-1929م) -القائدُ الأعلى لجيوش الحلفاءِ الذي وقَّعَ على الهدنةِ مع الألمانِ- لأنها تُعامل ألمانيا بشكلٍ متساهلٍ للغاية، ووصفها بقولهِ: «هذا ليسَ سلاماً، إنّهُ فقط هدنةٌ لمدةِ عشرينَ عاماً»، ما اعتبرَ -فيما بعدُ- نبوءةً غيرَ مسبوقةٍ. ويُروى أنَّ صحافيّاً سألَ جورج كلمنصو رئيسَ الوزراءِ الفرنسي (1917-1920م) عن سببِ عدائِهِ للألمانِ -وقد اشتهرَ بتصلبهِ الشديدِ أثناءَ المفاوضاتِ- وقالَ له: «هلْ ذهبتَ يوماً إلى ألمانيا ورأيتَ الألمانَ؟»، فأجابَ: «لا، ولكني خلالَ حياتي رأيتُ الألمانَ مرتينِ يأتونَ إلى فرنسا» (إشارةً منه إلى الحربِ الفرنسيةِ-الپروسيةِ (70-1871م) عندما احتل الألمان باريس، والحرب العالمية الأولى)، وسواءً كانتِ الروايةُ صحيحةً أم صيغت على سبيلِ «المُضحك-المُبكي» فإنها تصورُ الروحَ والجِواءَ التي جرت فيها المفاوضاتُ التي أدّت إلى معاهدةِ ڤرساي.
سمّيتِ المعاهدةُ بمعاهدةِ ڤرسايَ على اسمِ المكانِ الذي جرت فيه مراسمُ توقيعِها النهائي وهو قاعةُ المرايا الشهيرةُ في قصر ڤرسايَ التاريخيِّ في ضواحي باريس، لكنَّ معظمَ المفاوضاتِ جرت في باريسَ، وعُقدتِ اجتماعاتُ «الأربعةِ الكبارِ»؛ بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والولاياتِ المتحدةِ بشكلٍ عامٍّ في مقر وزارةِ الخارجيةِ الفرنسيّةِ (بالفرنسية: Quai d’Orsay).!!
Discussion about this post