في مثل هذا اليوم 13 يناير1986م..
إسرائيل توافق على التحكيم بشأن مسألة طابا المختلف على سيادتها مع مصر.
تقع طابا على رأس خليج العقبة ضمن محافظة جنوب سيناء، في موقع جغرافي فريد على الحدود مع إسرائيل، على بعد 7 أميال من مدينة إيلات الإسرائيلية، وفي مواجهة قاعدة تبوك العسكرية السعودية ومقابلة لميناء العقبة الأردني.
كيف بدأ النزاع؟
كانت بداية الخلاف بين مصر وإسرائيل أواخر العام 1981، حين رفض الإسرائيليون الانسحاب من طابا استكمالا لتنفيذ معاهدة كامب ديفيد التي أبرمها الجانبان بالولايات المتحدة عام 1978، وتحججت تل أبيب بأن هناك خلافا بشأن بضع علامات على الحدود خصوصا العلامة 91، وهي علامة الحدود الأخيرة على الشريط الحدودي في طابا، حيث ادعت إسرائيل بأنها تتبع لها.
وبقيت المنطقة المتنازع عليها رغم صغرها (مساحتها نحو كيلومتر مربع واحد) مسألة حياة أو موت للإسرائيليين، نظرا لأهميتها البالغة لمدينة إيلات المجاورة، والتي حاول الإسرائيليون إثبات تبعيتها لهم بإقامة استثمارات سياحية تصعب من عودتها للمصريين مثل فندق سونستا طابا الذي افتتحته إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 1982 رغم اتفاق الطرفين على عدم تشييد أي منشآت جديدة.
اللجوء للتحكيم الدولي
وفي 13 مايو/أيار 1985 جاء قرار رئيس الوزراء المصري بتشكيل اللجنة القومية لطابا، يرأسها عصمت عبد المجيد وبعضوية 24 خبيرا، منهم 9 قانونيين واثنان من علماء الجغرافيا والتاريخ، و5 دبلوماسيين، و8 من العسكريين، وكان من أبرز هؤلاء الخبراء نبيل العربي ومفيد شهاب وفايزة أبو النجا وأحمد ماهر ويونان لبيب رزق.
وكانت تعليمات الرئيس مبارك واضحة “أريدكم أن تدرسوا بعناية إذا كانت طابا مصرية أم لا، فإذا جاءت الإجابة بأنكم على اقتناع بمصرية الأرض، فسوف نخوض المعركة بكل بسالة وشجاعة”.
وفي سبتمبر/أيلول 1986 وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي برئاسة شيمون بيريز على اللجوء للتحكيم الدولي حول السيادة على طابا بعد ضغط الولايات المتحدة، وتنفيذا للمادة السابعة من معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل، والتي نصت على حل الخلافات بين الطرفين عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتسر ذلك تحال إلى التحكيم.
تمكن الفريق المصري من جمع الوثائق والخرائط التي تثبت تبعية طابا للسيادة المصرية، من الأرشيف المصري والبريطاني والتركي، كما تمكنوا من جمع 10 وثائق من الأرشيف الإسرائيلي ذاته، وتم جمعها من دور الوثائق في القاهرة ولندن والخرطوم وإسطنبول ومحفوظات الأمم المتحدة في نيويورك.
واستند الموقف المصري إلى انسحاب الإسرائيليين من سيناء بما فيها طابا إلى الحدود الدولية عقب العدوان الثلاثي عام 1956، لكن الإسرائيليين تحججوا بأن هذا الانسحاب كان خطأ وأن موقفهم قائم على اتفاقية 1906 الخاصة بترسيم الحدود بين مصر والدولة العثمانية.
يعلق العربي قائلا “إسرائيل لم تكن ترفض الانسحاب من طابا بل كانت ترفض أيضا اللجوء للتحكيم الدولي، وسعت لأن يكون حسم مصير الخلاف حول طابا من خلال التفاوض الهادف للتوفيق”.
كانت مهمة استعادة طابا في غاية الخطورة، فالإسرائيليون ربما طمحوا في أكثر من مجرد مدينة صغيرة غير معروفة، وكانت أطماعهم تصل حتى شرم الشيخ ذاتها، وفقا للواء محسن حمدي رئيس لجنة المفاوضات المصرية الإسرائيلية.
ويشير اللواء في تصريحات نشرها موقع جريدة الأهرام المصرية “كانت هناك مقولة خطيرة جداً لموشى ديان، وقالها لجيمي كارتر (رئيس الولايات المتحدة آنذاك) في إحدى أزمات المفاوضات بعبارة واضحة: السلام مع مصر بدون شرم الشيخ مرفوض، لكن مسموح لنا أن نتفاوض معهم بعقد لقاءات في شرم الشيخ للسلام، فإسرائيل كانت تريد شرم الشيخ تحديداً، وتوقعاتهم بفشل مفاوضات طابا كانت البوابة الأساسية للاستيلاء على شرم الشيخ بعد ذلك”.
انتصار دبلوماسي
في 29 سبتمبر/أيلول 1988، وأثناء جلسة علنية بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف، أيدت هيئة التحكيم الدولية موقف مصر بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد هو ممثل إسرائيل، لتنتقل ملكية طابا بما فيها من منشآت سياحية إلى مصر، وتم تغيير اسم الفندق الإسرائيلي إلى هيلتون طابا.
وتحتفل محافظة جنوب سيناء بعيدها القومي يوم 19 مارس/آذار كل عام، وهو اليوم الذي اكتمل فيه الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، واحتفل المصريون برفع علم بلادهم على طابا.!!
Discussion about this post