في مثل هذا اليوم 13 يناير1992م..
اليابان تعتذر لكوريا عن الاعتداءات الجنسية التي إرتكبها جنودها بحق النساء أثناء فترة الحرب العالمية الثانية.
في مثل هذا الوقت من عام 1992 اعتذرت اليابان لكوريا الجنوبية عن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها جنودها بحق نساء كوريات خلال الحرب العالمية الثانية، فيما عُرف باسم قضية “نساء المتعة” أو “نساء المتعة العسكرية”.
فقد قال كويتشي كاتو المتحدث باسم الحكومة اليابانية حينئذ: “إنه لا يمكننا إنكار أن الجيش الياباني السابق لعب دورا في اختطاف واحتجاز نساء المتعة “.
وأضاف كاتو قائلا: “نود أن نعرب عن اعتذارنا وأسفنا”، مضيفا أن رئيس الوزراء كيتشي ميازاوا سيكرر اعتذاره خلال زيارة مرتقبة لكوريا الجنوبية.
لكن كاتو قال إن اليابان لن تعوض الضحايا.
جاء ذلك في أعقاب الكشف عن وثائق في أرشيف الجيش الياباني ربطت الجيش والحكومة اليابانية في زمن الحرب بإدارة “نظام نساء المتعة”.
وتعد قضية “نساء المتعة” ركيزة أساسية في السياسة الكورية الجنوبية منذ أن أدلت الناشطة الحقوقية كيم هاك سون في عام 1991 بشهادتها علنا عن تجربتها بهذا الشأن لأول مرة.
منذ ذلك الحين، مارس الضحايا والنشطاء ضغوطا للحصول على اعتذارات وتعويضات من الحكومة اليابانية.
وقد ظلت قضية “نساء المتعة” تمثل ملفا شائكا في العلاقات بين كوريا الجنوبية واليابان، التي احتلت شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1910 و 1945، في ظل مطالبة سول لطوكيو بمزيد من الخطوات لتصحيح أخطاء الماضي.
وقد سحبت اليابان في عام 2017 مؤقتا سفيرها في كوريا الجنوبية بسبب وضع تمثال لـ”نساء المتعة” خارج القنصلية اليابانية في بوسان.
كما وُضع تمثال آخر مماثل خارج القنصلية اليابانية في سول، وعبرت طوكيو عن رغبتها في إزالة التمثالين.
وفي الأول من مارس/آذار من عام 2018 وصف رئيس كوريا الجنوبية مون جيه برنامج “نساء المتعة” بالـ “جريمة ضد الإنسانية”، مما دفع طوكيو للاحتجاج سريعا.
وقال مون في خطاب ألقاه في يوم عطلة وطنية لإحياء ذكرى المقاومة الكورية للاحتلال الياباني إن اليابان ليست في موقف يؤهلها لإعلان تسوية القضية.
وفي العام الماضي تبنت اليابان رسميا وجهة نظر مفادها أنه من المناسب حذف كلمة “العسكرية” في وصف الضحايا اللائي يُطلق عليهن على نطاق واسع اسم “نساء المتعة العسكرية”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية إن الموقف الياباني مؤسف، مشيرا إلى أن “الطبيعة القسرية لتعبئة وتجنيد وتحريك الضحايا حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها”.
اليابان وكوريا الجنوبية تتفقان على حل قضية “نساء المتعة”
كوريا الجنوبية تحذر اليابان من مراجعة تقرير “نساء المتعة”
وأضاف قائلا إن الشهادات الحية للضحايا هي دليل قوي وواضح يثبت أنهن أجبرن على تلك الممارسة من قبل الجيش الياباني، مشيرا إلى أن “اليابان نفسها اعترفت بذلك بالفعل، واتخذ المجتمع الدولي قرارا واضحا بشأن هذا الأمر”.
فما هي قصة تلك الاعتداءات التي مارسها جنود يابانيون ضد نساء من كوريا وغيرها من البلدان والتي عُرفت باسم “نساء المتعة”؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن نساء المتعة أو نساء المتعة العسكرية تعبير مُلطف للنساء اللائي أجبرن على على تقديم خدمات جنسية لقوات الجيش الإمبراطوري الياباني خلال الحكم العسكري الياباني الذي انتهى بنهاية الحرب العالمية الثانية واللائي عشن عموما في ظل ظروف العبودية الجنسية.
وتصل تقديرات عدد النساء اللائي خضعن لهذه الممارسات لنحو 200 ألف امرأة، لكن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك. وكانت الغالبية العظمى منهن من كوريا (التي كانت محمية يابانية آنذاك)، وقد خضعت نساء من الصين وتايوان وأجزاء أخرى من آسيا، بما في ذلك اليابان، وهولنديات في إندونيسيا لتلك الممارسات.
ومنذ عام 1932 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، تم احتجاز نساء المتعة في بيوت دعارة تسمى “محطات المتعة” التي تم إنشاؤها لـ “تعزيز الروح المعنوية للجنود اليابانيين وتقليل الاعتداءات الجنسية العشوائية” وقد تم إغراء بعض النساء بوعود كاذبة بالتوظيف حيث وقعن ضحية ما يرقى إلى مخطط ضخم للاتجار بالبشر يديره الجيش الياباني. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وكان قد تم اختطاف الكثيرات وإرسالهن رغما عنهن إلى محطات المتعة، والتي كانت موجودة في جميع المناطق التي احتلتها اليابان، بما في ذلك الصين وبورما (ميانمار)، فضلا عن محطات المتعة داخل اليابان نفسها. وكانت تلك النساء يعشن عادة في ظروف مروعة حيث كن يتعرضن للاغتصاب المستمر والضرب أو القتل إذا قاومن.
حقائق عن كوريا الجنوبية
معلومات أساسية عن اليابان
وكانت الحكومة اليابانية مهتمة بالحفاظ على الجنود أصحاء فكانت تُخضع تلك النساء بانتظام للفحص الطبي. ووفقا لتقارير عديدة، لا سيما دراسة برعاية الأمم المتحدة نُشرت في عام 1996، تم إعدام العديد من نساء المتعة في نهاية الحرب العالمية الثانية.
كما خلص تقرير حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1996 إلى أن النساء كن ضحايا “للاستعباد الجنسي العسكري”. وتعترض اليابان على هذه النتيجة، ولم تتناول اتفاقية التعويضات لعام 2015 بينها وبين كوريا الجنوبية مسألة ما إذا كان الإكراه سياسة ممنهجة من جانب الإمبراطورية اليابانية آنذاك.
وغالبا ما عانت النساء الناجيات من أمراض جسدية (بما في ذلك العقم) وأمراض نفسية والنبذ من أسرهن ومجتمعاتهن. وتم التخلي عن العديد من الناجيات في البلدان الأجنبية من قبل اليابانيين في نهاية الحرب وكُن يفتقرن إلى المال للعودة إلى بلادهن.
وقد قامت أكثر من 30 مجموعة نسائية في كوريا الجنوبية في عام 1990 بتأسيس المجلس الكوري للنساء اللائي تم تجنيدهن للاستعباد الجنسي العسكري من قبل اليابان بعد إنكار اليابان الأولي للمسؤولية.
وطلب المجلس من اليابان الاعتراف بالذنب والاعتذار وإقامة نصب تذكاري وتقديم التعويض المالي للضحايا وتعديل الكتب المدرسية اليابانية بشكل مناسب لتعكس حقائق العبودية الجنسية.
ومن جانبها، نفت الحكومة اليابانية وجود أدلة على إكراه نساء المتعة ورفضت الدعوات للتعويض، قائلة إن معاهدة عام 1965 بين اليابان وكوريا الجنوبية حسمت جميع الأمور المُعلقة.
واكتسبت قضية نساء المتعة بعداً دوليا في عام 1991 عندما قامت مجموعة من النساء الناجيات، بعد كسر عقود من الصمت، برفع دعوى قضائية جماعية ضد الحكومة اليابانية. وقد رفعت النساء وأنصارهن دعوى للحصول على تعويض على أساس انتهاكات حقوق الإنسان.
في نفس الوقت تقريبا، اكتشف يوشيمي يوشياكي، وهو مؤرخ من جامعة تشو في طوكيو، وثائق في أرشيف قوة الدفاع الذاتي اليابانية ونشر تقريرا عن النتائج التي توصل إليها والتي ربطت الجيش والحكومة اليابانية في زمن الحرب بإدارة برنامج نساء المتعة.
وعقب ذلك اعترفت الحكومة اليابانية علنا لأول مرة بوجود محطات المتعة أثناء الحرب. وفي مثل هذا الوقت من عام 1992، أقرت الحكومة في بيان صادر عن رئيس مجلس الوزراء بتورطها في تجنيد نساء المتعة وخداعها لهؤلاء النساء، واعتذرت عن الإساءة إلى شرفهن.
وعلى الرغم من أن الحكومة اليابانية نفت أي مسؤولية قانونية عن الاعتداءات الجنسية، إلا أنها أنشأت صندوق المرأة الآسيوية في عام 1995 كمحاولة لحل المشكلة.
جدل حول قضية “نساء المتعة الجنسية” في فترة الحرب العالمية الثانية
اليابان تراجع الإجراءات التي قادت إلى صدور “بيان كونو بشأن نساء المتعة الجنسية”
ومع ذلك، كان الصندوق مُمولا من تبرعات المواطنين العاديين وليس من الأموال الحكومية، وعارض النشطاء الكوريون وجوده وقد توقف الصندوق عن العمل في عام 2007.
وظلت هذه القضية مسألة حساسة للغاية في اليابان، فعلى الرغم من أن ما حدث خلال الحرب أصبح معروفا هناك إلا أن العديد من اليابانيين، ولا سيما القوميين اليمينيين، استمروا في دحض تلك الحقائق لا سيما ما إذا كانت النساء قد أُجبرن على العمل في محطات المتعة.
ويقول بعض المعارضين للاعتذار إن السيدات كن يعملن بالبغاء ولم يجبرن على ذلك، الأمر الذي تنفيه كوريا الجنوبية.
وصرح آبي شينزو، خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء، في عام 2007 أنه لا يوجد دليل على الإكراه رغم أنه تراجع عن تعليقه لاحقا.
وظهر الموضوع مرة أخرى على الملأ في عام 2014 خلال فترة ولاية آبي الثانية كرئيس للوزراء.
فقد ذكرت صحيفة يابانية أنها تراجعت عن قصص من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي حول إكراه النساء على العمل في محطات المتعة بعد أن نفى الرجل الياباني الذي أعلن مسؤوليته عن ذلك فيما بعد تورطه في ذلك.
تبع ذلك بعض النقاش بين المسؤولين الحكوميين حول مراجعة بيان الاعتذار ولكن سرعان ما تم التخلي عن هذه الفكرة لعدة أسباب من بينها الضغط الخارجي (بما في ذلك الضغط من الولايات المتحدة).!!
Discussion about this post