في مثل هذا اليوم 1 فبراير 1327م..
تتويج إدوارد الثالث ملكا لإنجلترا، وهو في سن المراهقة.
إدوارد الثالث ملك إنجلترا من عام 1327 حتى وفاته يشتهر بنجاحاته العسكرية واستعادة ما فقده والده الملك إدوارد الثاني كما تحولت مملكة إنجلترا في عهده إلى واحدة من أشرس القوى العسكرية في أوروبا، أيضا هو أحد الخمسة ملوك في تاريخ إنجلترا الذين حكموا لأكثر من خمسين عامًا. هو آخر ملوك بلانتاجانت من خط السلالة الرئيسي.
جاء حكمه في أعقاب ثلاثِ سنين من وصاية والدته «إيزابيلا من فرنسا» وعشيقها «روجر مورتيمر»، كان أول عمل قام به هو استبعاد «إيزابيلا»، فيما كان مصير «مورتمر» الإعدام. قدم المساعدة لـ«إدوارد من باليول» (1283-1364 م) عندما أخذ يطالب بحقه في عرش اسكتلندا.
أعلن الملك إدوارد الثالث نفسه الوريث الشرعي للعرش الفرنسي وذلك بعد وفاه الشقيق الأكبر لوالدته الملك تشارلز الرابع عام 1328 والذي لم يكن له وريث ذكر. كان الملك إدوارد الثالث هو أقرب الذكور إليه من جهة والدته. ولكن تم رفض مطالبته بسبب كونه قريبا من جهة إنثى وكذلك رفض من قبل النبلاء الفرنسيون الذين لا يتقبلون إخضاع التاج الفرنسي تحت التاج الإنجليزي وبذلك إصدر قانونا يتضمن استبعاد الذكور الذين يستمدون أحقيتهم بوراثة التاج عن طريق أنثى. وبالتالي كان أقرب الذكور وفقا لهذا القانون هو فيليب كونت فالو (ابن عم تشارلز الرابع) الذي يعرف بالملك فيليب السادس. وعلى إثر ذلك أعلن الملك إدوارد الحرب التي تعرف بحرب المئة عام.
حياته المبكرة
وُلد إدوارد في قلعة وندسور في 13 نوفمبر 1312، وأُطلق عليه اسم إدوارد وندسور في سنواته الأولى. اتسمت فترة حكم والده، إدوارد الثاني، بكثرة المشاكل. كان لخمول الملك وفشله المتكرر في الحرب القائمة مع إسكتلندا دورًا أساسيًا في نشوب الجدل حول حكمه. كانت محاباة الملك الحصرية لمجموعة صغيرة من المفضلين له سببًا من أسباب الجدل الأخرى التي أحاطت بفترة حكمه. ساهمت ولادة وريث ذكر له في 1312 بتحسين موقف إدوارد الثاني مؤقتًا فيما يتعلق بالمعارضة البارونية له. منح الملك ابنه لقب إيرل تشستر في عمر 12 يومًا فقط، وذلك لتدعيم المكانة المستقلة للأمير اليافع.
واجه إدوارد الثاني في 1325 طلبًا من صهره، شارل الرابع ملك فرنسا، لتأدية تحية الولاء لصالح دوقية أقطانيا الإنجليزية. تردد إدوارد في ترك البلاد بعد أن لاحت مظاهر الاستياء المحلية في الأفق مرة أخرى وخاصة حول علاقته مع المقرب هيو ديسبينسر الأصغر. عين الملك ابنه إدوارد دوقًا لأقطانيا بدلًا عنه وأرسله إلى فرنسا لتأدية تحية الولاء. ذهبت إيزابيلا والدة إدوارد الأصغر برفقته إلى فرنسا، وهي أخت شارل ملك فرنسا، من أجل التفاوض على عقد هدنة مع الفرنسيين. تآمرت إيزابيلا مع المنفي روجر مورتيمر أثناء وجودها في فرنسا من أجل خلع الملك إدوارد. أرغمت إيزابيلا ابنها على خطبة فيليبا هينو التي بلغ عمرها 12 سنة في وقتها، وذلك لتوفير دعم دبلوماسي وعسكري لحملتها ضد حكم زوجها الملك إدوارد. شُن غزو على إنجلترا وهُجر إدوارد الثاني كليًا من قبل قواته المسلحة. استدعى كل من إيزابيلا ومورتيمر البرلمان، وأُجبر الملك على التنازل عن عرشه لصالح ابنه، والذي أُعلن ملكًا في لندن في 25 يناير 1327. تُوج الملك الجديد تحت اسم إدوارد الثالث في دير وستمنستر في 1 فبراير وهو بعمر 14 سنة.
تمتع إدوارد الثالث بشعبية غير مسبوقة خلال فترة حياته، ولم يُلق اللوم على الملك مباشرة نتيجة المشاكل التي حصلت في أواخر فترة حكمه. عاصر المؤرخ الفرنسي جين فروسارت الملك إدوارد وكتب عنه في سجلاته: «لم نشهد مثل شعبية الملك إدوارد منذ زمن الملك آرثر». استمرت هذه النظرة لفترة معينة، لكن تغيرت صورة الملك هذه مع الزمن. فضّل المؤرخون الأحرار في عصر لاحق الإصلاح الدستوري للغزو الأجنبي واتهموا إدوارد بتجاهل مسؤولياته تجاه أمته.
يكن إدوارد الثالث رجل دولة، على الرغم من امتلاكه لبعض المؤهلات التي كان من الممكن أن تجعل منه رجل دولة ناجح. لقد كان إدوارد محاربًا طموحًا وعديم الضمير وأنانيًا ومسرفًا ومتباهيًا. استخف كثيرًا بمهامه الموكلة إليه كملك. لم يحس إدوارد بأنه ملزم بأي مهمة خاصة، سواء كانت للمحافظة على نظرية السيادة الملكية أو لاتباع سياسة مفيدة لشعبه. ثمّن إدوارد إنجلترا بنفس طريقة ريتشارد الأول، معتبرًا إيها كمصدر للمؤن. — ويليام ستابس، التاريخ الدستوري لإنجلترا
كان لستابس تأثير كبير في قراءه، وصمدت وجهة النظر هذه لفترة طويلة دون أن يتحداها أحد. أشارت ماي مكيسيك إلى الطبيعة الغائية لحكم ستابس بعد نشرها لمقالة بعنوان «إدوارد الثالث والمؤرخون». لا يمكن توقع عمل ملك من العصور الوسطى لتحقيق مستقبل مثالي لملكية برلمانية وكأنها جيدة بحد ذاتها، بدلًا من ذلك، كان له دور عملي—وهو الحفاظ على النظام وحل المشكلات عند حصولها. برع الملك إدوارد الثالث بهذا كثيرًا. اتُهم إدوارد أيضًا بالإنعام على أولاده الصغار ببذخ مما أدى إلى صراع على العرش بينهم والذي وصل إلى ذروته عند نشوب حرب الوردتين. دُحض هذا الادعاء من قبل كينيث بروس ماكفرلين الذي رأى بأن هذه لم تكن السياسة الشائعة في ذلك الوقت فحسب، بل كانت الأفضل. اتبع كتّاب السيرة اللاحقون أمثال مارك أورمرود وإيان مورتيمرهذا المنحى في سرد التاريخ. لم تختف النظرة السلبية القديمة تمامًا؛ يبدو هذا واضحًا في وصف نورمان كانتور في 2001 للملك إدوارد الثالث، إذ وصفه بأنه: «جشع وسفاح سادي» و«ذو قوة مدمرة لا ترحم».
يُعرف عن طبيعة شخصية إدوارد بأنه مندفع ومتقلب المزاج، ويتضح هذا من أفعاله ضد كل من ستراتفورد والوزراء في 1340-1341. عُرف إدوارد بالرأفة أيضًا، إذ لم يعف عن حفيد مورتيمر فقط، بل قلده دورًا مهمًا في الحروب الفرنسية ومنحه بعد ذلك لقب فارس الرباط. كان إدوارد رجلًا تقليديًا فيما يخص توجهاته الدينية واهتماماته. كان إتقان فن الحرب مسعاه المفضل، وقد توافق في هذا مع مفهوم الملكية الجيدة السائد في القرون الوسطى. حقق إدوارد نجاحًا كبيرًا بصفته محاربًا من الطراز الأول، وهذا ما دفع أحد المؤرخين العسكريين المعاصرين لوصفه بأنه أفضل قائد عسكري في التاريخ الإنجليزي. يبدو أن إدوارد الثالث قد تعلق بزوجته الملكة فيليبا كثيرًا. دارت الكثير من الأحاديث حول الإباحية الجنسية للملك إدوارد، لكن لا توجد أدلة تشير إلى خيانة الملك لزوجته قبل اتخاذه لأليس بيررز عشيقة له بعد أن عانت الملكة من مرض عضال في ذلك الوقت. امتد هذا التفاني إلى بقية أفراد عائلته أيضًا؛ فعلى العكس من الكثير من أسلافه، لم يواجه الملك إدوارد أي معارضة من أولاده البالغين الخمسة.!!