في مثل هذا اليوم 2 فبراير1943م..
استسلام قائد الجيش الألماني السادس للقائد السوفيتي غيورغي جوكوف وذلك في معركة ستالينجراد في الحرب العالمية الثانية.
معركة ستالينغراد هي إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. جرت في مدينة ستالينغراد (فولغوغراد اليوم) خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفيتي، واستمرت حوالي 6 أشهر بين 21 أغسطس 1942 و2 فبراير 1943.
بدأ الهجوم على ستالينغراد في صيف 1942، حيث سبق سلاح الجو الألماني وصول القوات البرية منفذا حملات قصف جوي عنيف ومتواصل حولت المدينة إلى أنقاض وأطلال. لكن ذلك انعكس بعدها سلبا على الجيش الألماني وأرغمه على التخلي عن تكتيكه الناجح الـ”Blitzkrieg” أو حرب البرق الذي يعتمد بصفة كبيرة على سلاح الدبابات والهجمات السريعة الخاطفة، ليجد نفسه غارقا في حرب مدن من بيت لبيت ومن شارع لشارع.
داخل المدينة احتدم القتال العنيف بين الفيرماخت والجيش الأحمر، وسط قلة اعتبار لسقوط الضحايا سواء عسكريين أومدنيين، فقد أعطى اسم «ستالينغراد» للمعركة أهمية بالغة واستثنائية عند كل من جوزيف ستالين الذي تحمل المدينة اسمه ونظيره الألماني أدولف هتلر، فكان من المستحيل أن يقبلا الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر. على الرغم من تمكن الألمان من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات، إلا أنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا.
في 19 نوفمبر 1942، بدأ السوفيات حملة عسكرية أطلقوا عليها «عملية أورانوس». شن الجيش الأحمر هجومين متزامنين ضد مواقع القوات الرومانية التي تحمي الجناحين الأيمن والأيسر للجيش السادس الألماني[6] المتواجد داخل المدينة. كانت هذه القوات ضعيفة مقارنة بنظيرتها الألمانية فانهارت بسرعة بعد معارك عنيفة مع السوفيات الذين تمكنوا في 23 نوفمبر من محاصرة وتطويق حوالي 250,000 من قوات الجيش السادس والفيلق 4 التابع للجيش الرابع بانزر داخل المدينة. بحلول الشتاء، ومع تواصل الحصار بدأت المقاومة الألمانية تضعف، فقد تسبب البرد والجوع في إنهاك الجنود، وتعطلت الآليات والمدرعات لقلة الوقود، إضافة إلى نقص الذخيرة، في وقت اشتدت الهجمات السوفيتية التي تريد إنهاء وجودهم. ازداد الأمر سوءا برفض هتلر قيام الجيش السادس بكسر الحصار والخروج من ستالينغراد حيث أمرهم بالبقاء مهما كلفهم الثمن مع ضمان مواصلة تزويدهم بالإمدادات عن طريق جسر جوي، وقيام القوات الأخرى بهجوم مضاد لكسر الحصار وتوحيد القوات. لكن ذلك لم ينجح بعدما فشل الهجوم الألماني المضاد «عملية عاصفة الشتاء» في الوصول إلى ستالينغراد، وعجزت عمليات التموين بالجو عن نقل كميات كافية من المؤن والذخيرة لتغطية حاجيات الجيش، ثم توقفت كلياً بعد احتلال الجيش الأحمر للمطارات التي تستعملها القوات الألمانية سواء التي داخل المدينة أو القريبة منها. قاد كل ذلك للانهيار التام للجيش الألماني السادس الذي اضطر قائده فريدريك باولوس للاستسلام في 2 فبراير 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس رغم مواصلة البعض الآخر القتال إلى أن تمت تصفيتهم [7]:p.932.
بلغت الخسائر البشرية في معركة ستالينغراد حوالي مليوني ضحية، ما يصنفها كإحدى أكبر المعارك دموية في تاريخ الحروب. الجيش الألماني تعرض لثاني أكبر خسارة له في الحرب العالمية الثانية، والتي كان لها الدور الأكبر في تحول مجرى الحرب العالمية الثانية فلم يستعد النازيون قوتهم السابقة ولم يحققوا بعدها أي انتصار استراتيجي في الشرق.[8]
يمكن تلخيص المعركة في ثلاثة فصول وهي:
الحصار الألماني لستالينغراد.
المعركة داخل المدينة.
الهجوم السوفيتي المضاد وتدمير الجيش السادس
جغرافية المدينة وأهميتها
تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغا ويبلغ طولها 30 كم ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراضي المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات.
خلفية تاريخية
بحلول ربيع 1942، ورغم عدم بلوغ «عملية بارباروسا» هدفها بالقضاء النهائي على الاتحاد السوفيتي إلا أن الحرب كانت تجري بصفة جيدة للألمان، فغواصات “U-boat” كانت تقود بنجاح معركة الأطلسي، ورومل نجح في احتلال مدينة طبرق الليبية[9]:p.522. الجانب الشرقي كانت فيه الجبهة تعرف استقرارا على طول الخط الرابط بين مدينتي لينينغراد شمالا إلى روستوف جنوبا تخللتها بعض الهجمات خصوصا في نطاق موسكو شمالا وخاركوف جنوبا والتي أجبرت الألمان على التراجع بعض الشيء، لكنها لم تكن ذات تهديد كبير. هتلر كان واثقا من السيطرة على الجيش الأحمر بعد شتاء 1941، فبرغم مواجهة مجموعة الجيوش الوسطى لمعاناة كبيرة غرب موسكو في ذلك الشتاء إلا أن 65% من قواتها لم تكن قد شاركت بعد في الحرب وكانت ترتاح ويجري إعادة تجهيزها.أما مجموعة الجيوش الشمالية ومجموعة الجيوش الجنوبية فلم تواجها أيضا ضغوطا شديدة خلال فصل الشتاء[10]:p.144. في الجانب الروسي كان ستالين قد أصدر القرار رقم 227 «لا خطوة إلى الوراء»[ملاحظة 4] بعد معاناة الجيش الأحمر من خسارة بلغت 259% من قوته في 1941، وصار يتوقع أن يكون الهجوم الألماني الصيفي موجها أساسا إلى موسكو.
الهجوم الألماني الصيفي في الجبهة الجنوبية والشرقية كان مقيدا بهدفين رئيسيين: الوقت والموارد المادية. هتلر كان يصر على إنهاء الهجوم قبل أن يصير دخول الولايات المتحدة الأمريكية أمرا لا مفر منه، إضافة إلى عزمه على تأمين نفط منطقة القوقاز لصالحه، ما يمنعه عن السوفيات ويؤمن موارد نفط اضافية لألمانيا[9]:p.528.
استنتج السوفيات أنهم تحت ضغوط هائلة بسبب الوقت والموارد التي قد تضيع، وأمروا بتجنيد كل من يملك قوة كافية لحمل السلاح وإرسالهم للقتال[11]:p.94. خلال هذه المرحلة من الحرب كان السوفيات أقل قدرة على القيام بعمليات تحريك سريع للقوات من نظرائهم الألمان، في حين كان يغلب على المعارك في المناطق الآهلة بالسكان القتال المتقارب بالأسلحة الفردية أكثر من الوحدات المدرعة والميكانيكية الذي كانت القوات الألمانية بارعة فيه، فهي أساسا كانت مدربة وخبيرة في أداء التحركات والهجمات السريعة الخاطفة بدبابات البانزر.
الحالة الزرقاء
العملية الزرقاء: التقدم الألماني ما بين 7 مايو حتى 18 نوفمبر 1942
حتى 7 يوليو 1942
حتى 22 يوليو 1942
حتى 1 أغسطس 1942
حتى 18 نوفمبر 1942
التقدم الألماني نحو نهر الدون ما بين 7 مايو و 23 يوليو 1942.
معركة ستالينغراد اذا لم نحصل على نفط غروزني ومايكوب عليّ اذا أن أنهي هذه الحرب معركة ستالينغراد
—أدولف هتلر[12]:p.514
تم اختيار مجموعة الجيوش الجنوبية من أجل التقدم السريع في مناطق سهوب روسيا إلى غاية منطقة القوقاز والاستيلاء على حقول النفط هناك. مخطط الهجوم الصيفي تم إعطاؤه الاسمي الترميزي العملية الزرقاء (بالألمانية: Fall Blau، بالإنجليزية: Case Blue) وأوكلت مهمة تنفيذه لكل من الجيش السادس، الجيش السابع عشر، الجيش الرابع بانزر والجيش الأول بانزر. تمكنت مجموعة الجيوش الجنوبية من تجاوز جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية في 1941.
لم يكن المخطط في البداية يشمل الهجوم على ستالينغراد، إلا أن هتلر ورغم تحذيرات جنرالاته، أمر مجموعة الجيوش الجنوبية بتقسيم القوات إلى مجموعتين مجموعة جيوش «أ» وتحتوي الجيش السابع عشر والجيش الأول بانزر بقيادة فيلهلم لست وأوكلت لها مهام مواصلة الهجوم نحو حقول نفط القوقاز، في حين أوكلت لمجموعة الجيوش «ب» وتحتوي الجيش السادس الذي يقوده فريدريك باولوس والجيش الرابع بانزر الذي يقوده هرمان هوث مهمة الهجوم على ستالينغراد ومنطقة نهر الـفولغا. كانت قيادة مجموعة الجيوش «ب» موكلة للـماريشال فيدور فون بوك وبعده أوكلت للجنرال ماكسيميليان فون فيخس[7]:p.915.
بداية «العملية الزرقاء» كانت مقررة في شهر مايو 1942، لكن بعض الوحدات الألمانية والرومانية المشاركة كانت ما تزال في شبه جزيرة القرم للمشاركة في عملية حصار سيفاستوبول والقوات السوفيتية التي بداخلها. تأخر نهاية الحصار أجّل بداية «العملية الزرقاء» عدة مرات، ولم تسقط مدينة سيفاستوبول إلا في نهاية شهر يونيو. في نفس الوقت كانت عمليات أخرى جارية لإنهاء جيوب المقاومة السوفيتية في معركة خاركوف الثانية بعدما تم حصار عدد كبير من القوات السوفيتية في 22 مايو.
بدأت «العملية الزرقاء» أخيرا بعدما شنت مجموعة الجيوش الجنوبية هجومها على الجنوب الروسي في 28 يونيو 1942، بدأ الهجوم بنجاح حيث تقدمت القوات الألمانية خلال السهوب الشاسعة متوجهة نحو الشرق. وواجهت خلالها بعض المقاومة السوفيتية وعدة محاولات من طرفهم لإقامة خطوط دفاعية، باءت كلها بالفشل بعد التفاف الوحدات الألمانية عليها، ما نشأ عنه حصار عدد كبير من القوات وتدمير اثنين من جيوب المقاومة السوفيتية الأول في شمال خاركوف في 2 يوليو والثاني في محاذاة مدينة ميليروفو في منطقة روستوف أوبلاست أسبوعا من بعد.
في نفس الوقت كان الجيش الثاني المجري والجيش الرابع بانزر يشنان هجوما على مدينة فورونيج التي تم إخضاعها بتاريخ 5 يوليو.
التقدم الأولي للجيش السادس كان ناجحا ما جعل هتلر يتدخل ويأمر بضم الجيش الرابع بانزر لمجموعة الجيوش «أ» في الجنوب. نجم عن ذلك ازدحام كبير على الطرق القليلة الموجودة التي كان كلا الجيشين بحاجة للمرور عبرها في نفس الوقت، وصل الأمر إلى تعطل كلي لتنقل الجيشين في محاولة لتنظيم حركة مرور آلاف المركبات والآليات العسكرية، كل ذلك سبب تأخير الحملة لحوالي أسبوع كامل. لكن هتلر تراجع بعد رؤيته حجم التأخر الذي حدث، وقرر إعادة الجيش الرابع بانزر إلى مجموعة الجيوش «ب» المكلفة بالهجوم على ستالينغراد.
في أواخر شهر يوليو، دفع التقدم الألماني القوات السوفيتية للتراجع وراء نهر الدون الذي يفصله عن نهر الفولغا حوالي 64 كلم، تقدم الألمان وأبقوا على مستودعات التموين الرئيسية لهم غرب نهر الدون وهو ما سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة على سير المعركة بعد ذلك. بدأ آنذاك توجيه القوات الإيطالية والرومانية والمجرية لحماية الجناح الشمالي للجيوش الألمانية. حصل الإيطاليون على عديد الأوسمة الألمانية، لكن كان ينظر لهم أحيانا بقلة احترام، وكانوا حتى متهمين بالخيانة وهبوط روحهم المعنوية، لكن في الحقيقة عدم فعاليتهم في المعارك ترجع أساسا لندرة المعدات، قدم الأسلحة، والتكتيكات البدائية التي يستعملها الضباط الإيطاليون، وقد برز الإيطاليون بالفعل في عدد من المعارك منها معركة نيكولايفكا.
تقدم الآليات الألمانية نحو ستالينغراد، قائد إحدى الدبابات التابعة للفرقة 24 بانزر يستطلع الأوضاع.
صار الجيش السادس بعيدا عشرات الكيلومترات فقط عن ستالينغراد، أما الجيش الرابع بانزر الموجود في جنوبها فسيتجه شمالا للمساعدة في إخضاع المدينة. إلى الجنوب مجموعة الجيوش «ب» تندفع إلى منطقة القوقاز، لكن تقدمهم تباطأ بسبب تزايد مدى خطوط الإمدادات. لم تكن مجموعتا الجيوش تساعدان بعضهما البعض نظرا للمسافة الكبيرة الفاصلة بينهما.
النوايا الألمانية التي صارت واضحة في شهر يوليو، دفعت جوزيف ستالين لتعيين الماريشال أندري يريومينكو لقيادة الجبهة الجنوبية الشرقية يوم 1 أغسطس، يريومينكو والكوميسار نيكيتا خروتشوف كلفا بإعداد خطة دفاع ستالينغراد[13]:p.25, 48. الحدود الشمالية للمدينة كان يشكلها نهر الفولغا الكبير، والذي تم عبره نشر وحدات روسية إضافية تم بها تشكيل جيش جديد هو الجيش 62 الذي عيّـن يريومينكو لقيادته الفريق فاسيلي تشويكوف في 11 سبتمبر. كانت الوضعية جد صعبة، حين سأله خروتشوف عن كيفية تقييمه لمهمته أجاب تشويكوف: «سندافع عن المدينة أو نموت أثناء المحاولة»[14]:p.127. وجهت للجيش 62 مهمة الدفاع عن المدينة بأي ثمن. قادة تشويكوف قلدوه أثناء المعركة أحد وسامي بطل الاتحاد السوفيتي اللذين حصل عليهما.
ولد غيورغي جوكوف عام 1896 في عائلة فلاح فقير بقرية ستريلكوفكا الواقعة في مقاطعة كالوغا الروسية، ولقبه والده اسم غيوري تيمنا بالقديس جورجيوس الذي يرمز الى النصر.
ودرس غيورغي في مدرسة كنسية تخرج منها ضمن المتفوقين في الدراسة. في عام 1907 توجه الى موسكو ليتعلم دباغة وصناعة الجلود. وفي عام 1915 تم استدعاؤه للخدمة في الجيش الروسي حيث
القائد العسكري الروسي غيورغي جوكوف
ترقى الى رتبة ضابط صف وذلك ابان الحرب العالمية الاولى. وتم تكريمه بوسام القديس جورجيوس من الدرجتين الرابعة والثالثة، وذلك لقاء اسره لضابط ألماني ولشجاعته في المعارك ضد الالمان. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 قامت ثورة البلاشفة في روسيا التي ادت الى نشوب الحرب الاهلية الدامية. وتطوع جوكوف للخدمة في الجيش الاحمر وبقي قائدا فيه حتى عام 1958. وتدرج جوكوف في قيادة الجيش، حيث قاد فوجا ولواء وفرقة وفيلقا وجيشا ومجموعة جيوش، والقوات المسلحة باسرها.
كان جوكوف في عامي 1924 و1925 يدرس في مدرسة الخيالة العليا بمدينة لينينغراد (بطرسبورغ حاليا). وفي عامي 1929 و1930 تلقى دورة قيادات الجيش العليا. وتم تعيينه في منصب مساعد مفتش الخيالة في الجيش الاحمر. ووصفه القادة العسكريون حينذاك بانه قائد يتسم بارادة قوية وبشعور المسؤولية العالية في اداء المهام التي تناط به. وفي أعوام 1933 – 1938 كان غيورغي جوكوف يشغل مناصب قائد اللواء وقائد الفرقة وقائد الفيلق، ونائب قائد المنطقة العسكرية في بيلوروسيا.
نشب عام 1939 نزاع مسلح بين منغوليا واليابان في منطقة نهر خالخين غول المنغولية. وارسلته الحكومة ليقود القوات السوفيتية المنغولية المشتركة في المعارك ضد اليابانيين. فدحر جوكوف قوات المعتدين اليابانيين في معركة خالخين غول. ومنحته الحكومة لقاء ذلك لقب بطل الاتحاد السوفيتي ورتبة فريق اول. وتم تعيينه عام 1940 قائدا لمنطقة كييف العسكرية الخاصة. ثم تعين في يناير/كانون الثاني عام 1941، اي عشية نشوب الحرب بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية، رئيسا لهيئة الاركان العامة السوفيتية ونائبا لوزير الدفاع. وتجلت موهبة جوكوف كونه قائدا عسكريا للجيش وبطلا عظيما للشعب الروسي ابان الحرب الوطنية العظمى ضد ألمانيا النازية التي بدأت في 22 يونيو/حزيران عام 1941. وكان جوكوف يقود الجبهة الاحتياطية في معركة “يلنيا” حيث تمكن من إيقاف هجوم الجيش الالماني على موسكو وتوجيه ضربة مضادة اليه. ثم اوفده جوزيف ستالين ليوقف الالمان الذين سعوا الى اجتياح مدينة لينينغراد. فلجأ جوكوف الى طرق لا مثيل لها في التكتيك والمهارة القتالية، الامر الذي ادى في آخر المطاف الى استقرار الوضع العسكري في منطقة لينينغراد والحيلولة دون احتلالها من قبل القوات الالمانية.
ولم تتوقف بطولات جوكوف عند الذود عن العاصمة السوفيتية بمعركة موسكو في اكتوبر/تشرين الاول عام 1941 – فبراير/شباط عام ، 1942 بل وأعد الظروف للانتقال الى الهجوم المضاد الناجح الذي تمخض عن دحر القوات الالمانية وطردها من مشارف موسكو لمسافة تزيد عن 200 كيلومتر. في عام 1942 كان غيورغي جوكوف يقوم بتنسيق عمليات الجبهات السوفيتية في معركة ستالينغراد وحقق النصر فيها شأنها شأن معركة كورسك ومعركة دنيبر وتحرير مدينة كييف الاوكرانية. كما انه كان يقود الجبهة السوفيتية في عملية بيلوروسيا عام 1944 ، الامر الذي اسفر عن تحرير بيلوروسيا وجزء كبير من بولندا من قبضة النازيين. وفي المرحلة الختامية للحرب العالمية الثانية ترأس جوكوف القوات التي اقتحمت برلين وحررتها من القوات الهتلرية النازية.
القائد العسكري الروسي غيورغي جوكوف
ومثل جوكوف الجانب السوفيتي في الاجتماع الذي عقد في 8 مايو/آيار عام 1945 بمدينة بوتسدام الالمانية وجرى فيه توقيع وثيقة استسلام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. فوقع جوكوف نيابة عن الحكومة السوفيتية بيان استسلام المانيا دون شرط وقيد.. وفي شهر يونيو/حزيران عام 1945 اشرف جوكوف على استعراض النصر العسكري الذي اقيم بالساحة الحمراء في موسكو.
في عامي 1945 – 1946 كان جوكوف يشغل منصب القائد العام لقوات الاحتلال السوفيتية في المانيا. وفي الفترة مابين عام 1946 وعام 1953 شغل مناصب مختلفة في القوات المسلحة السوفيتية. وكان حينذاك يحظى بشعبية هائلة بين اوساط الشعب و افراد الجيش، الامر الذي أثار غيرة لدى ستالين الذي اعتبر نفسه هو البطل والمنتصر على الالمان. لكن لم يتجرأ ستالين علىى عزل جوكوف خوفا من ان الاجراءات الصارمة المتخذة حياله ستضر بمصلحته. فلجأ ستالين الى تعيين جوكوف في منصب غير مهم وهو قائد المنطقة العسكرية في جنوب البلاد.
بعد وفاة ستالين استعان نيكيتا خروشوف زعيم الحزب الشيوعي آنذاك بجوكوف ليساعده في اسقاط خصمه لافرينتي بيريا الذي
القائد العسكري الروسي العظيم غيورغي جوكوف
كان يترأس المخابرات السوفيتية في تلك الفترة. فتمكن خروشوف بمساعدة جوكوف من اقصاء بيريا عن الحكم ومن ثم إعدامه. ثم وقف جوكوف الى جانب خروشوف كونه وزيرا للدفاع عام 1957 أثناء محاولة انقلابية قام بها بعض خصومه في الحزب الشيوعي. لكن خروشوف فكر ان جوكوف شأنه شأن الرئيس الامريكي ايزنهاور يسعى الى زعامة الدولة والحزب فاتهمه بميله الى المغامرات والسعي الى سحب القوات المسلحة من تحت رقابة الحزب الشيوعي واعفاه عام 1957 من منصب وزيرالدفاع للاتحاد السوفيتي واحالته الى التقاعد، ووضعه تحت الرقابة الشديدة.
توفي غيورغي جوكوف عام 1974 . وألف جوكوف وقت تقاعده كتابا اطلق عليه تسمية “المذكرات والتأملات” حيث قال:”كانت خدمة الوطن بالنسبة لي اهم شيء. ويمكن القول بكل شرف انني عملت كل ما في وسعي لتأدية واجبي”.
يعتبر الشعب الروسي، والكثير من شعوب الاتحاد السوفيتي السابق، جوكوف قائدا عسكريا عبقريا وبطلا شعبيا انقذ شعوب الوطن السوفيتي من النازيين والاحتلال الالماني. وتم في موسكو نصب تمثال جوكوف بالقرب من الكرملين. واسست الحكومة الروسية ميدالية ووساما باسمه.!!