قراءة نقدية :”أضحى التنائي بديلا من تدانينا…”
الشاعر :حمد حاجي
الناقدة: جليلة المازني
استهل الشاعر القصيدة بجملة استئنافية لها دلالتها على الحبيبة المسرعة التي تستأنف سيرها غيرمكترثة بتحية الحبيب الصباحية للبحث عن وسيلة نقل( تاكسي) للمضي في سبيلها .
من خلال هذا المشهد الذي أضحى فيه التنائي بديلا من تداني الحبيبين دليل على توتّر العلاقة بينهما فقد حلّ الخصام بدل التفاهم
ويبدو ان الحبيب قد أسرّ الندامة فها هو يلاحقها ويتقرّب منها بالقاء التحية.
وأكثر من ذلك فهو يغارُ عليها وهي توقف تاكسي ولعل غيرته المفرطة هي سبب الخصام بينهما فالغيرة غير المعقلنة دمّرت العديد من العلاقات بين الحبيبين.بل وتخامره عدة أسئلة بالصبابة
هذه الاسئلة شبهها “ببقايا حباب بقيعة كاس”.
والحبابُ هي تلك الفقاقيع التي تظهر عل سطح الماء اوالخمر
ووجه الشبه ان أسئلته التي تخامره فقدت قيمتها واصبحت كالحثالة بقاع كأس لانها لن تجد أذُنَ الحبيبة الصاغية.
والحبيب لا يُخفي عنّا ندامته بل ويأسه من اللقاء وقد عبّر عن ذلك بقوله”وغابت بعمق الزحام” فالغياب وعمق الزحام لهما دلالتهما النفسية لدى الحبيب الذي اعتبرها قد ضاعت منه ومن الصعب ان لم يكن من المستحيل العثور عليها.ولعل الزحام كناية عن كثرة المنافسين له وعدم الاكتراث به قد يدعم ذلك .
انه ضيّع ما كان بين يديه لسبب من الاسباب ولعله التجاهل لها ولمشاعرها وقد عبّر عن ذلك بقوله”وكنت نسيت أقول أحبّك جدا
وما كنت ناسي” والشاعر جعل الحبيب يعترف بذنبه في عدم البوح للحبيبة بشدّة حبه لها وهويتناسى قول ذلك وكاني بالشاعر هنا يتهكّم من هكذا مفهوم للحب قائم على القول وليس على المشاعر .
والشاعر ايضا يتهكّم من موقف هذا الحبيب في التناسي والتجاهل للحبيبة والاهمال لها بهذا التناسي مما جعلها تنفر منه ويعضّ أنامله ندما على ما فرّط فيه وكأنه له حسابات مع الحب والبوح به.
ان هذا الحبيب قد جرّد الحب من تلقايته وعفويته بل من مشاعره .
ان هذا الحبيب يعيش اضطرابا حين استبدّ به الشيطان متوهّما ان الحبيبة ستقصّ تجربته معها مع السائق بل يتساءل في قرارة نفسه ان كانت ستحكي عن ذبول العلاقة بينهما ام عن حبهما لبعض اكبارا له.
وذبول الغراس عادة بسبب انعدام الماء والله جعل” من الماء كل شيء حيّ” وبالتالي فان هذا الذبول قد يؤدّي حتما الى الموت الى موت علاقة الحبّ بينهما .
ان الشاعر شفقة عليه منحه بصيصا من الأمل حين جعله بين فرضيّتيْن فرضية اليأس من عودتها (ذبول غراسي) وفرضية الامل في رجوعها(ترفع رأسي).
ولعل هذا الحبيب واهمٌ بهذا الامل وهي لا تفكّر في الرجوع اليه لأنّ اصرارها على عدم الاكتراث به دليل على انها مجروحة لاي سبب من الأسباب.
وهنا تصح تلك القولة الشهيرة”لا تغرسوا الاهمال في القلوب كي لا تحصدوا الرحيل…لا تراهن على شديد التعلّق ..فحين يجرح يصبح شديد التخلّي”….
بتاريخ 08/ فيفري/2024






