العولمة والكونية صراع الثقافات
ونزال القوة الناعمة
د.زينب لوت
تعد العولمة موضوعا مهما بل هاجساً قويا يضرب أصول الفكر عبر العالم، ليتحد في فاصلة الهيمنة ويتشكل عبر نقطة التَّحول الجذري لمكونات الثقافة، حيث تتمركز حول الانفتاح وهذا التيار المفتوح عبر القارات تتحكم فيه دولٌ تنتج التكنولوجيا وتسيرها، هي انعكاس للعصور الوسطى أين سيطرت الكنيسة على العقول في أوروبا منذ بزوغ القرن الخامس بالخزعبلات والخرافات وضرب العلوم بفأس اللاهوتية ومنطق البابوات، ثم جاءت ثورة نابليون ليكشف الستار على العرب في مواجهته للغرب سنة 1798، هي كذلك الرقمنة تحفر جذورها الصلبة داخل الدماغ البشري لكن بالمعرفة الدقيقة والآلة التي تعلو على صوت الحضارات وامتدادها لتمزق شرايين الأصالة والانتماءات الجغرافية والثقافية معا.
أصبح التاريخ هو التاريخ فقط مجموعة أزمنة مرتبطة بالمكان كأنها لوحة ذاكرة وهنا أقف عند كتاب زاريوش شايغان (الأصنام الذهنية والذاكرة الأزلية) ليجيب على مفهوم خريطة التفكير المستقبلي أو الآني مقابل تجذيف مراكب السلع المستودة دون تحديد ماهية الحقائق خلف اكتساحها الأسواق العالمية وامتداد الماركة بانعكاسها البصري والثقافي مثل: هامبرغر والأيفون وغيرها من المنتجات العالمية، نظام التجارة ومصدرها هو الفاعل في تحريك قوة الصورة الكونية للسلعة وبذلك تصبح الهوية والانتماء لا تخدم هذا التقدم نحو العالمية.
الثورة المعلوماتية جمدت العقل، من خلال جاهزية المعرفة والتوحد في المعلومة عبر العالم، نفي الإبداع البشري بلْ تهميشه مُقابل سُرعة الآلة وقدرتها الهائلة، تقدير الآخر وتأخير جودة الذات في تحديد ماهياتها، وتكثيف الإدخار المعلوماتي في الدماغ حيث تتوقف حاجته للوعي والتفكير.
ما يحدث في غزة هو نتاج أكيد لهذه المقولات فالقمع العسكري يتخطى حدود الجريمة مقابل تخدير كلِّي للإنسانية العربية خاصة، أما الغرب ووفق مفهوم الصورة وفاعليتها وأثرها تشجعُ المسيرات المناهضة للحرب الإسرائيلية، لكن هذا التصور ليس تفاضلاً بين الشقين العربي والغربي وإنما ما يُنقلُ لنا هو تلك المنظمات الداعية لحماية حقوق الإنسان التي تنتسب للأجنبي فتجسد الملاك الحارس للكرة الأرضية بعوالمها مقابل سكون عربي تخذله قوته وحريته المنحصرة على توفير أدنى ظروف المعيشة والانبهار الذي يكسر شوكته ويجعله في النقطة الصفر من الوجود أمام هالة الدمار من حوله وهوكنه ثقافتنا التي تقتات .