🖌📜شكراا صديقتي الناقدةJalila Mezni
قراءة نقدية : “القصيدة ورمزية الشخصية”.
(قصيدة :”اذا غضب الشعراء” نموذجا)
الشاعرة :فائزة بنمسعود(تونس)
الناقدة: جليلة المازني(تونس)
التفريغ النصي:” الشعراء وما يَسْطرُون ”
المقدمة:
ان علاقة الشعراء بالسّاسة هي علاقة قديمة حديثة وقد لا تختلف هذه العلاقة في قديمها وحديثها والتي لخّصتها الشاعرة فائزة بنمسعود في علاقة غضب. فأيّ غضب للشعراء؟ وأيّ غضب يستبدّ بأشعارهم؟
لقد اختارت الشاعرة عنوانا لقصيدتها جملة شرطية”اذا غضب الشعراء…”وهي جملة شرطية مبدوءة باداة الشرط”اذا”.
”اذا” هي أداة شرط تدلّ على ظرف زماني مستقبلي…ان هذه الجملة الشرطية ينقصها جواب الشرط الذي سنقف عليه في غضون القصيدة ولو اننا نشتمّ من الجزء الاول من الجملة الشرطية (جملة فعل الشرط) نبرة التهديد والوعيد او أقلّ مايقال لهجة التنديد.
لقد استهلت الشاعرة قصيدتها بفعل مضارع مجزوم بلام الامر مفاده الدعاء بالشرّعلى الجامعة العربية بالذهاب الى الجحيم وقد اتصلت كلمة الجامعة بضمير الجمع الغائب(جامعتهم) والضمير يدل على الدول العربية المنخرطة في الجامعة العربية وعددها اثنان وعشرون دولة.وكأني بالشاعرة باستعمال ضمير الغائب المتصل بالجامعة(هم) أنها تقرّ بغياب هذه الدول العربية على مهمتها الفعلية. ومن هنا تبرّر الشاعرة دعاءها بالشرّ على الجامعة العربية …انها ساخطة عليها لعدم انتشالها للأطفال من العراء ولاستباحة دماء الابرياء علنا.
انها مؤشرات تلمّح بها الشاعرة الى القضية الفلسطينية والى ما تعرّضت له غزّة من ابادة .
وبالتالي ما سبب سخط الشاعرة على الجامعة العربية او بالاحرى ماذا كان دور الجامعة العربية من المقاومة في السابع من اكتوبر 2023؟
قال الباحث المصري خالد محمود( بموقع عروبة 22).
”شكّل الاجتماع الذي عقده مجلس الجامعة العربية في 17/اكتوبر خيْبة أمل كبيرة لدى الرأي العام العربي وقد خُتم ببيان يتضمّن 11 بندا بموافقة جميع الوفود وقد سجلت وفود خمس دول عربية(الجزائر/ليبيا/العراق/سوريا /تونس) تحفظاتها على الاجتماع الذي ترأسه وزير الخارجية المغربي.
طالب البيان بوقف قتل المدنيين من الجانبيْن وقد أثار تحفّظات الدول الخمس باعتباره يساوي بين القاتل الاسرائيلي والضحية الفلسطينية وهذا ما لم يكن ينتظره الشعب الفلسطيني”.(1)
ترى الشاعرة ان هذه الجامعة لا تجمع بل تفرّق وهي بذلك تدعم تلك القولة المتداولة”اتفق العرب على الا يتفقوا”فتقول” جامعة ما جمعتنا يوما”وفي نبرتها تهكّم من هذه المفارقة.
لذلك نرى الشاعرة باسم الشعراء تقول “اسقاطها واجب هكذا قرر الشعراء” واكثر من ذلك فهي تحذّر الساسة من غضب الشعراءايمانا منها بسلطة الشعراء وقدرتهم على فضح وكشف المستور بالقلم وما يسْطرُون وكأني بالشاعرة تلمّح بغرض الهجاء.
لكن أيّ هجاء قد تقصده الشاعرة؟
انها صرّحت بغضبهم والغضب له أسبابه وهو نابع من واقع ملموس وحقائق معيشة .ها هي تعدد مآخذها التي سيحكيها الشعراء في أشعارهم بلهجة كلها تهكّم(سيحكون لنا) ..انه تهكم من قرارات الجامعة العربية الملعونة .
وليس أدلّ من قرارها المُخزي الذي ضمّنته بيان اجتماعها في 17/اكتوبر 2024 والذ ي ساوت فيه بين القاتل والضحية(اسرائيل وفلسطين) و الشاعرة شخّصت الجامعة العربية في أبشع صورة للمرأة التي تأخذها العزّة بالاثم فتتزيّن بالنكبات والخيبات .
وتواصل الشاعرة قائلة مكرّرة نفس الجملة:”سيحكون لنا”وهو تناصّ داخلي اي من داخل القصيدة .
وهي جملة جواب الشرط:”اذا غضب الشعراء سيحكون لنا”.
وباعتبارها شاعرة فهي تحمل هموم الشعراء الذين سيحكون عن صلاة الفجار انها مفارقة عجيبة قد تضحك ولكنها تبكي فكيف للصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر ان تتلاعب بها أيدي الفجار المنافقين .
وأكثر من ذلك فهي تتهمُهم ب”العُهْر السياسي”
والعُهر له دلالته الجنسية وهذه الصفة تلحق عادة بالمراة (العاهر) الفاجرة التي تبيع جسدها مقابل المال وبالتالي هي تبيع كرامتها وتتاجر بها كذا استخدم مصطلح العُهر في السياسة حيث ان بعض الدول العربية تتاجر بسيادتها مقابل بعض ما تجنيه من مصالح من الغرب .
وبالتالي فان الهجاء الذي توحي به القصيدة هو هجاء سياسي.
”ان الهجاء السياسي هو نوع بارز من الهجاء عادة ما يكون ظاهرا عند الاحتجاج السياسي او المعارضة السياسية..ليس بالضرورة ان هذا النوع من الهجاء يحاول تقديم أجندة سياسية والتاثير في العملية السياسية في الدولة ولكنه احيانا قد يكون كذلك بالفعل”(2).
واكثر من ذلك فالشاعرة تستخدم تشبيها بليغا بدون اداة تشبيه لتشبه الدول المنخرطة بالجامعة العربية بسرب غربان ناعقة ووجه الشبه في سواد فعالهم وفي نذير شؤمهم كنذير شؤم نعيق الغراب وقد استوى فيها الرئيس والمرؤوس في السواد وفي النعيق. تقول الشاعرة:
سرب غربان ناعقة يرأسها غراب
على عرش الخنوع استوى.
انها استخدمت معجمية دينية(عرش/استوى) وهي تتناصّ مع الآية الكريمة “الله على العرش استوى” انها مفارقة عجيبة فيها شيء من التهكّم حين عرّفت العرش ب عرش الخنوع والخنوع هو انبطاح بسهولة بعد ان ارتضى هذا الرئيس الذلّ لنفسه مما يجعله يستصغر خيانة..الخنوع والاذلال ويظل صامتا يبتلع الاهانات المتكررة من دون ايّ ردة فعل.
واكثر من ذلك فالشاعرة تواصل تشبيهها للجامعة العربية بابشع التشبيهات حين تشبهها “بجحر أفاعي وعقارب وذئاب ”
فهي تستعمل معجمية حيوانية تحقيرا لهم وتنديدا لما يتصفون به من غدر ولسع ولدغ وشؤم وهي بذلك تجردهم من آدميّتهم.
ان الشاعرة لا تخفي عنا وجعها حين اعتبرت المقاومة بشتى انواعها بالشهادة وبالكلمة (كلمة الشعراء)وباختلاف الشرائح المجتمعية وبتساوي الموت والحياة
فتقول: سرب غربان ناعقة يراسها غراب
على عرش الخنوع استوى.
جامعة هي جحر أفاعي عقارب وذئاب.
مقاومونا رجال ونساء حملوا العروبة على أكتافهم
ومضوْا للموت يطارحونه حق الحياة.
أنزلوا الطغاة من صياصيهم
ولساعة خاطبو الكون وما حوى
عن وجع الشعوب والعروبة
وعن هذه الجامعة سبب الخراب وبيت الداء
كأني بالشاعرة تلمّح لثورات الربيع العربي والاطاحة بالرؤساء الطغاة. ان الشاعرة توخت الاجمال في المقاومة في البداية وهاهي الآن تفصّل
مقاومة الشهادة ومقاومة الكلمة(الشعراء) والشاعرة قد ساوت بين الشهيد والشاعر في المقاومة لما يلاقيه الشاعر من معاناة واضطهاد بسبب كلمته الحرة .
تعود بنا الشاعرة الى اطفال الحجارة الابطال الذين ساهموا بمجهودهم وبوسائلهم البدائية في المقاومة وقد سجل لهم التاريخ مقاومة اطفال الحجارة وسمّيت ايضا بانتفاضة الحجارة لان الحجارة كانت اداة للهجوم والدفاع التي استخدمها المقاومون..انها عمليات احتجاج جماعية للأطفال.
وقد كان ضحيتها طفل فلسطيني قتله جيش الاحتلال الاسرائيلي وقد أثارت هذه الصورة المجتمع الدولي وتصدّرت صفحات الصحف.
والشاعرة لتضفي على الحجارة قوّة وصلابة ونجاعة وصفتها قائلة “حجارة من سجيل”وهي حجارة من جهنّم وهذا المعنى يتناصّ مع الآية(4) من سورة الفيل(وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول).
كذلك الآية (74) سورة الحجر(فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) والمقصود في هذه الآية هم قوم لوط.
والشاعرة هنا تسوّي بين بني اسرائيل وأصحاب الفيل وقوم لوط في البشاعة والوحشية والكفربالحقّ.
اما عن الشعراء وما يسْطُرُون فقد انتقتْ الشاعرة مجموعة منهم عُرفوا بكلمتهم العالية كالرصاصة في قلوب مضطهديهم وفي القضايا الانسانية. استهلت الشاعرة حديثها عن غضب الشعراء بشاعر الجاهلية عنترة الذي ندّد بالميْز العنصري وكأني بالشاعرة تريد ان تبرز ان حقوق الانسان ليست قضية عصرنا الحديث بل جذورها تمتدّ الى الجاهلية .
ان الشاعرة تحيلنا من خلال غضب عنترة الى بيت يلخّص كل ما قاله.
يقول عنترة: يعيبُون لوْني بالسّواد//وانما فعالهمُ بالخبْث أسود من جلدي//
.وعنترة يهجو زعيم قبيلة عبس وكل الساسة للقبيلة.
اما غضب مظفر النواب الشاعر العراقي الذي هاجم الانظمة العربية فكان ملك الهجاء السياسي بامتيازوهو الذي أرّق العروش السياسية ووصف العرب بالخذلان والتواطؤ في موقفهم تجاه قضية القدس وهي من خيبات الجامعة العربية والشاعرة تحيلنا في ذلك الى أشهر قصائده الموسومة بالقصيدة “المهرّبة” والتي يقول فيها(3).
قممْ..قممْ..قممْ..
معزى على غنم.
جلالة الكبش على سموّ نعجة.
على حمار بالقدم.
وتبدأ الجلسة لا ولنْ ولمْ.
وتنتهي قد خصاكم سيّدي
والدفعُ كمْ؟
تنعقدُ القمّة …لا تنعقدُ القمّة.
لا تنعقدُ القمّة.
أي تْفُو على أوّل من فيها
الى آخر من فيها.
من الشيوخ والملوك والخدمْ.
تواصل الشاعرة مع الشعراء وما يسْطُرُون من غضب وتخْلصُ الى احمد مطر الشاعر العراقي الذي عانى الفقر مع عاائلته فاطلق عنان قلمه
سُخْطا على الاوضاع في بلده العراق حين تعرّض للاضطهاد ووجد نفسه مجبرا على الهجرة الى الكويْت مقبلا على مصير مجهول من الفراغ واهدارايام عمره مشتهيا قاربا ورغيفا ومكانا يرى فيه النور واذا به يحوّل منفاه الى لندن وقد اصبح احمد مطر عنيفا في كتاباته بعد اغتيال صديقه الفلسطيني ناجي العالي بسبب ريشته القوية على العرب المتخاذلين مع القضية الفلسطينية .
لقد هاجم احمد مطرتارة الصمت العربي على الجرائم الاسرائيلية وتارة يهجوالشعوب نفسها على صمتها وخذلانها وتارة أخرى يهاجم بعض الحكام بعينهم فاندرجت قصائده تحت النقد اللاذع والقصائد السياسية القوية في هجاء الحكام فكانت ذات نزعة ثورية نضالية مؤمنة بالحرية
حتى ان انصاره لقبوه بشاعر بلاد الرافدين وبملك الشعرءاجمعين(4).
لقد سخّر قلمه وسخربلغته الجميلة السلسة من الاوضاع العربية المزرية طوال السنوات الفائتة …يقول عن قلمه وما يسْطرُ:
جسّ الطبيب خافقي وقال لي:
هل ها هنا الألم؟
قلت له :نعم.
فشقّ بالمشرط جيب معطفي.
وأخرج القلم.
وقال لي:ليس سوى قلم.
فقلت :لا يا سيدي.
هذا يد..وفم
رصاصة..ودم
وتهمة سافرة تمشي بلا قدم
ان معاناة احمد مطر بسبب قلمه تلخّص معاناة هؤلاء الشعراء.
تصل الشاعرة الى الشابي وتحيلنا على قصيدته الصباح الجديد حين يقول:اسكني يا جراح
واسكتي يا شجون
مات عهد النواح وزمان الجنون
وأطلّ الصباح من وراء القرون
في فجاج الردى قد دفنت الألم.
والقصيدة مثقلة بالمأساة والحزن وقد كتبت في افريل 1934وكأنما ينعى نفسه فيها كأنه أحسّ بقرب أجله(09/اكتوبر1934)
وكأني بالشاعرة تستجيب لاستسلامه ايمانا منها بان حلمه في الحياة قد تبخّر واندثر وحتى لوتكبّد الصعاب فلن يستجيب لطموحه في الحياة القدر
لانه مريض والموت آت لامحالة.انها ثناية الحياة والموت/الموت والحياة
ثنائية الصباح الفاني والصباح الأبدي.انها ثنائية الجميل المؤلم والمؤلم الجميل …انها مفارقة دلالية تكشف عن الحس المأساوي العميق الذي يتجذّر في أنفاس الشاعر وهو احساس يعبر عن الفناء في الحياة الى درجة الموت والفناء في الموت الى درجة الهوس لأنها الحلّ الوحيد لمأساة الشاعر وذلك من خلال صيغتين تفارقان بعضهما البعض وتكملان وجها واحدا لدلالة معقدة:مات عهد النواح/أطلّ الصباح.( 5)
بيد ان بعض النقاد من اعتبرقصيدة الصباح الجديد هي جديرة بتحليلات لا حدود لها من المنظور النفسي والفلسفي والاجتماعي ..
انها أنهتْ زمان الجنون والمجانين من الطغاة الذين مرّرُوا حياة الشعوب فيتخيل انتهاء فصول من المآسي والخنوع ليطل الصباح الجديد الذي حلم به الشابي.(6)
تختم الشاعرة غضب الشعراء بغضب الشاعر حمد الحاجي الذي طالما ساند طوفان الأقصى وسخّر قلمه الحرّانتصارا للمقاومة الفلسطينية وتعبيرا عن غضبه لما لحق غزة من شهادة وابادة وتشرّد فتقول الشاعرة على لسانه: وحدها ابتهالات الشهداء لنا تعبر وتمرّ.
وحدها تراتيل الشعراء لا تهاب الخطر
لقد أضفت الشاعرة على كلمة الشعراء وخطابهم قدسية حين شبهتها بالتراتيل للنصوص المقدّسة ايمانا منها بقدسية رسالتهم الشعرية.
تعود الشاعرة مرّة أخرى لتسوّي بين الشهادة وكلمة الشعراء ايمانا منها بان الشهيد ضحّى بنفسه والشعراء يصوّبون الكلمة رصاصة في صدر العدو الصهيوني.
باعتبارها شاعرة تنهي غضبها كما بدأته بلعنة الجامعة التي تفرّق ولا تجمّع وهو تناصّ داخلي في القصيدة بين المعنى في البداية وفي النهاية
وهذا التناصّ الداخلي بالقصيدة له دلالته النفسية لدى الشاعرة التي تنتمي الى مجموعة الشعراء لتبرز مدى غضبها وسخطها على الجامعة العربية
التي “من رحمها وُلد التطبيع” وهي بذلك تجرّد العرب من كل معاني العروبة التي نشأ عليها العرب.
ان الشاعرة فائزة بنمسعود قد اعتمدت في القصيدة عدّة مقاربات للتحذير من غضب الشعراء:
- بدات بمقاربة حقوقية جعلت عنترة سابقا لعصره ويعبر عن غضبه لانه سُلب حقّه كانسان وهو يواجه خطاب الكراهية بسبب لونه الأسود.
- اعتمدت مقاربة “ما بعد انسانية”حين استخدمت كائنات غيربشرية تمثّلت في استخدام معجم حيواني مكثّف تحقيرا منها للحكام. العرب(غربان/افاعي/عقارب/ذئاب/معيز/بقر/غنم/ كبش/نعجة/حمار…)
- اعتمدت مقاربة انتمائية جمعت فيها بين الوجع الوطني والوجع العربي والوجع الانساني.
- مقاربة ميتاشعرية وهي تؤسّسُ لمفهوم جديد للقصيدةحين جعلت هاجس القصيدة هو هاجس الشاعر في غضبه وفي سخطه على ساسة عصره.
وكل هذه المقاربات هي في خدمة التلقي فكل متلقّ له تأويله وكل متلق واجد فيها نفسه.
الخاتمة:
ان الشاعرة فائزة بنمسعود باعتماد مقاربات متعدّدة جعلت قصيدتها تمْتعُ المتلقي وتؤانسُه والشاعرة في ذلك تسلّط الضوء على رمزية الشخصية في تعدّدها وفي توحّدها وفي تفرّدها…انها شخصية الشعراء ومايسْطُرُون
أشدّ على نفَسها الحماسي المطبوع بالفخر للشعر والشعراء.
===القصيدة:==
إذا غضب الشعراء
فَـلْتـذهبْ جامعتهم العربية الى الجحيم
جامعة ما جمعتنا يوما جامعة لاتدفئ طفلا ينام في العراء
وعلنا تستبيح دم الأبرياء
إسقاطها واجب هكذا قرّر الشعراء وويـل للساسة إذا غضب الشعراء
سيحكون لــنا كثيرا عن لعنة القرارات
جامعة تزين جيدها بالنكبات وتصُمّ آذانها بأقراط الخيبات
سيحكون لنا عن صلاة الفجّار وتعاطيهم العهر السياسي في وضح النهار
سرب غربان ناعقة يرأسها غراب على عرش الخنوع استوى
جامعة هي جحر أفاعي عقارب وذئاب
مقاومُونَا شهداء شعراء
رجال ونساء حملوا العروبة على اكتافهم
ومضوْا للموت يطارحونه حق الحياة
أنزلوا الطغاة من صياصيهم
ولساعة خاطبوا الكون وما حوى عن وجع الشعوب والعروبة
وعن هذه الجامعة سبب الخراب وبيت الداء
قال :الشهيد بتروا يديَّ حتى لا أرمي بحجارة من سجّيل
الدخلاء قطعوا قدمي حتى لا أرقص فرقصت ببندقيتي وساقٍ عرجاء
رفع عنتره رأسه ابتسم للريح وقال :لا فرِحًـا ولا حزينا
زوّجـوا عبلة لغيري رفضوني لشجاعتي وسواد بشرتي
غريب أمر عشيرتي سوادي يقرفهم وسواد الليل يعشقونه
وهو للرذيلة يسحبهم ويقترفون الكبائر باسم كل الآلهة
قال النواب::
معيز حكامنا وبقر لا خير يرجى منهم رعاة لمصالح العدو وخفر
قال مطر:
أقف على رصيف ميناء بلا حقيبة سفر
بلا هوية بلا جواز سفر
أنتظر الفراغ وأهدر باقي أيام العمر وأشتهي قاربا ورغيفا وبقعة ضوء في عتمة الضجر
قال الشابي::
(اسكني يا جراح واسكتي يا شجون)
وكفاكَ هذر
لا تبكِ على حلم تبخّر واندثر
وإذا ما عشقت الترحال وصعود الجبال لن يستحيب لطموحك القدر
قال حاجي:
سافر واذا أضناك السفر وتهت بين فجر وسَحَـر
وتعثر حظك بين البحار والجزر
سر على وقع خطى حبات المـطــر
وتذكّر فالعمر وإن طال قَصُــر
وحدها ابتهالات الشهداء لنا تعبر وتمر
وحدها تراتيل الشعراء لا تهاب الخطر
لا لجامعة تمتهن التفريق لا التجميع
لا لجامعة من رحمها ولد التطبيع
لا لعرب بلا عروبة دأبهم سوء الصنيع