قراءة نقدية: القصيدة ورمزية الشكلاطة.
القصيدة: الشكولاطة يا شوكولاتا
الشاعر حمد حاجي
الناقدة: جليلة المازني
اختارالشاعر عنوانا لقصيدته “الشوكلاطة ياشوكولاتا والمفردتان مختلفتان كتابة وتعريفا وتنكيرا والشعر لم يفعل ذلك اعتباطا لعلنا نقف على ذلك في آخر القصيدة.
لقد اقترنت الشوكولاطة بعيد الحب وهو مثال للمتعة واللذة والرغبة في الآخر.
انه رمز رومانسي للتعبير عن حب الحبيب والرغبة في المتعة معه.
وترمز الشوكولاطة الى الرفاهية والراحة والاثارة والاشباع والحبّ وقد استخدم الناس الشوكولاطة منذ العصور القديمة كرمز للحب والرومانسية وبذلك أصبح اليوم العالمي للشكولاطة هو عيد الحب الجميل.
وبما ان الحبيب يعتبر ان كل أيامه أعياد حب فهو لا يجعل هدية الشوكولاطة لحبيبته حكرا على يوم الحب العالمي بل يعتبرها الهدية المفضلة .
وهنا يتفاعل المتلقي مع الشاعر الذي اختار الشوكولاطة هدية لحبيبته ويذكر ان
موقع” بيزنس اينسايدر ذكر “ان تناول الشوكولاطة يؤدّي الى اطلاق الدوبامين وهو ناقل عصبي يثير الشعور بالسعادة في مناطق معينة من الدماغ وتعتبر الشوكولاطة في قائمة افضل 10 اطعمة معروفة بقدرتها على انتاج “الدوبامين”
في الدماغ.
لقد تفنى أحدالشعراء بعشق الشوكولاطة قائلا:نعمة من نعم ربّي اعتبرتها.
لم أكن أطيق العيش يوما بدونها.
تعلّقت بها وأدمنتها
بتّ أشعر بهوس ان أحسست بحلاوتها
في فمي فجأة وأمامي لم أجدها
حين تذوب في فمي معها يذوب غضبي وألمي بذوبانها. تهيأ الحبيب في هيأة بدوي في لباسه والبدوي له دلالته في صدق مشاعره وتحمّسه للحب وتأجّج عاطفته ونقاوة تفكيره وصفاء قلبه حتى انه شخّص الشوق اليها ليكبح جماحه وليتحلىّ بالرصانة لكن الشوق منعه وواصل السير للقائها خوفا من الوشاة حتى ان الشاعر جعل شخصيّتين خياليتين (أُخيّ) يطمئنانه من الرقيب لان الله أجاره وأنقذه من الوشاة والرقباء.
وظاهرة الرفيقين او الأخيّيْن او الصاحبين.. هي ظاهرة قديمة عند الشعراء يتخيلهما الشاعر لاعانته على الطريق او تجاوز الصعوبات من ذلك قول امرئ القيس” قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل…”
وكأن الشاعر جعل الحبيب يتخيل وجود من يشدّ أزره ويطمئنانه من مخاطر الرقباء
وأكثر من ذلك فقد اعتبرا(ألأخيّان) هواه يتكلم في “الصلب والنطف”
والصلب مقرون بالترائب المذكورة بالآية 7 من سورة الطارق(يخرج من بين الصلب والترائب) لكن الضرورة الشعرية جعلت الشاعر يستبدل الترائب بالنطف
انه صلب الرجل وترائب المرأة وهو أصفر رقيق لا يكون الجنين الا منهما.
ان وجه الشبه بين الآية وما نطق به الأخيّان هو ان هوى هذا الحبيب البدوي مسكون في جيناته وفي تركيبتها تماما كما ينشأ الجنين من بين “الصلب والترائب” او “الصلب والنطف”
لقد قدّس الحبيب حبيبته حين شبّهها بالبسملة عند رأس كتاب القرآن والصحف
انه أضفى عليها قدسية لشديد عشقه وهو العاشق البدوي صادق الحب والمشاعر
واكثر من ذلك فهوراض بكل ما تفعله حتى لوداست على خدّه ان المتلقي قد لايعجبه تذلّل الحبيب وقد يلتمس له عذرا متّصلا بسذاجة الحبيب البدوي
وقد يتعاطف معه لما يُكنّه هذا الحبيب من حب للحبيبة:
لها في الجوانح حبّا
اذا انت أفشيته
ضاع كالعطر بين الشبابيك والغرف
يزور الغرام خدوري
ويوشك يغرقني في الصبابة والكلف.
الى الآن نلاحظ ان شخصية الحبيب لم تكتمل بعد والشاعر في ذلك يسعى الى جعلها تكتمل قطرة قطرة تشويقا للمتلقي لكن المتلقي وكأنه استعجل هذا الحبيب البدوي المتيّم بحبيبته لكي يشتري هدية لحبيبته فكانت الشكلاطة التي خبّأها في عمامته “خوفا من التلف”و الشاعر لن يخفي عنّا تهكمه من سذاجة الحبيب البدوي بهكذا تصرّف وأظنُ ان المتلقي قد أسرّ الضحك أيضا من مدى سذاجة هذا الحبيب البدوي .
وكأني بالشاعر قد أراد ان ينتشل هذا الحبيب من تباطؤه وغفلته وبساطة عقله بان جعله يُلملمُ نشاطه ويسرع الخطى ليلاحقها لكن دون جدوى فقد ضيّعها في الزحام وتفطن أخيرا لقلة حيلته فيقول:
وساعة ضيعتها في الزحام
تشمّتت في قلّة حيلتي ..ملت للشكلاطة
كأني أدمي الأنامل عضا من الأسف
وهنا تكتمل شخصية الحبيب البدوي البسيط والساذج الذي أضاع حبيبته كما خسر الشكلاطة التي سماها الشاعر في العنوان “يا شكلاتتا” والتي دعمها الشاعر بعلبة الشكلاطة التي بين يديه وقد كان من المفروض ان تكون قطع الشكلاطة في شكل قوالب حمراء رمزا للحب ولكن سذاجته منعته من التمييز وكأني بالشاعر والمتلقي يتعاطفان معه حين جعلاه ينهال على الشكلاطة كأن بذوبانها يدمي أنامله عضا من الأسف.
ان الشاعر حمد حاجي قد التقط لنا بكاميرا شاعريته لقطة من اليومي للحبيب البدوي الذي عانق في حبّه الكبير الصادق عدة صفات من بساطة وسذاجة وتراخ وقلّة حيلة مما جعله يضيّع حبه.
بتاريخ19/02/2024






