🖌📜قراءتي لقصيدة(أرق المحابر)
للشاعرةRim Kefi
————————
**القصيدة**
أرق المحابر
حلمت
ذات شتاء
أن شموس مدائنك
لونتها النساء
على أطراف الشفاه
هتافات صمتك
تفاصيلك
غمغمات
طواها الضباب
فغدت
وترا… فغناء
استيقظ الليل
انامله على جدائلي
بقايا من روائح الامس
غفوة…. فإرتواء
كم جميل
ان أختار مقعدا..
بين النجوم
أن أغير
ساعات الليل
وأرسمك شمسا
على أعتاب الربى
كم جميل
أن اغيًر الادوار
فتصبح عنترة
تغزو دروب الحكايا
وتغدو
شهرزاد بلا ميناء
تبعثر سير الموج
شطآنه
في قبضة الشوق
ونبضي بين ثناياك
يزعم
انه نقش
تميمة ومحرابا
وسكب الحبر
على قباب الدفاتر
واختفت من مدائنك
كل النساء
عندها ستزهر الاقلام
وترتدي
حروفي خبايا رسائلك
وتمتزج المرايا
بالوان السماء
ربما ينام اليمام
على كفي
ثم يعيرني
خرائطه
لاسافر
اذا دعوتني ذات لقاء
للبقاء
——————
**رؤيتي**
أقول :
(الشاعر الذي لم يغازل الليل في قصيده هو
عاجز عن فكّ طلسم الذات الشاعرة
لأن الليل محرّك لهاجس الشعر في وجدان الشعراء)
ولنعيش الأرق لا بد أن نسكن الليل
ومن هنا انبثق القصيد(أرق المحابر)
——————
قراءة العنوان (أرق المحابر)أحالتني مباشرة على (ديوان المحبرة)اي اضخم ديوان شعر عربي من تأليف جوزف حرب الذي قال عنه«المحبرة» (هو خلاصة رؤيتي للكون منذ بدء الخليقة حتى اليوم)
فما تراه فاعل بنا هذا العنوان(أرق المحابر)
وهل سيكون عنوانا وفيا للمضون؟
عنوان مخاتل ،وأرقُ المحابر من أرقِ الشاعر الذي ينزل عليه الوحي ليلا
وكتابة الشعر أرق وعرق وولادة شاقة
تعاقر ألم المخاض
فالشاعرة تعيش هاجس التفرد بالحبيب حلما رغم انها ترى شموس مدائنه لونتها النساء وهو الطيف المرغوب فيه ،يتراءى خلف الضباب
والرؤية ليست واضحة وبها غبش
فيظهر الطيف ليختفي ويختفي ليظهر
وقد تكون ضبابية الصورة متأتية من فكرة وجود طوابير نساء في حياة الحبيب تنغّـص عليها وضوح مشاعرها…
ولديها حلم صغير ضمن هذا الحلم الكبير ألا وهو تغيير ساعات الليل لترسمه شمسا واحدة حقيقية شمسا وفية لمواعيدها شروقا وغروبا شمسا
تنام ليلا ولا تتشظّى إلى شموس و
تتوه في سماء مدن لونتها النساء
نرى حضور القوى الطبيعية
الليل/الشمس/ اي النور والظلام
فـأي ليل سافرت معه الشاعرة على جناح القصيدة؟
-ليل الحب أكيد -والليل ما عاد مجرّد حيّز زمني مضاد للنهار، بل أمسى سفير الشاعرة إلى ذاتها ينير ظلمته بنور ما تسكب من الحبر على قباب الدفاتر أي بنور القصيدة والليل الذي هو عادة يمثل اللايقين، عندها بات يقينا إذا ما دُعيت ذات لقاء إلى البقاء في كنف الحبيب:
(اذا دعوتني ذات لقاء
للبقاء …)
والليل في قصائد الشعراء مصابيح تزيح العتمة ،والشاعرة لونت الليل بالأحاسيس والمشاعر والأقوال حيث تقول:
عندها ستزهر الاقلام
وترتدي
حروفي خبايا رسائلك
وتمتزج المرايا
بالوان السماء
فالليل بدا في القصيدة محركا نفسيا لبواعثها الداخلية وسلّط الضوء على حلمها الذي تحصّن بألاوعي فبات في زاوية مكشوفة وهي تسعى جادة لتحقيق حلم اللقاء في ساعة صفاء
أما الشمس فقد تناولتها بصيغة الجمع في مطلع القصيدة حيث تقول
حلمت
ذات شتاء
أن شموس مدائنك
لونتها النساء
على أطراف الشفاه
والشمس كقوة طبيعية هي واحدة لا تتحزأ ولا تتعدد فهي كالحقيقة تماما
وكأن الشاعرة تلفت نظر الحبيب إلى ان كل اللاتي حوله ويسبحن في فلكه هن مجرد وهم وهي وحدها الشمس الثابتة في حياته وهي وحدها الحقيقة في المطلق والشمس بصيغة المفرد وردت رمزا للأمل الذي يبدد ظلام الشك ،والشمس لا تؤسر في غرفة مظلمة ولكن قد تعيش في بيت القصيدة
(وأرسمك شمسا
على أعتاب الربى)
وهنا انزياح وطاقة إبداع تغازل أفق القصيدة
كما نجد بين طيات القصيدة إحالة على الشعر(عنترة )وإحالة عن الأسطوري الخرافي(شهرزاد)
شهرزاد المرأة الذكية والحكاواتية المبدعة التي روّضت شهريار الماجن
وهذّبت غريزة تعطشه للدماء شهريار الذي لا يرتوي إلا بسفك دم العذارى وحش الليل هذا بات ياسمينا
على صدر شهرزاد فأي قوة جبارة تكمن في لين الأنثى؟ والبيت
(وتغدو شهرزاد بلا ميناء)
بالنسبة لي أفاد عكس المعنى المصرح به حيث كل المواني والمرافئ باتت تحت سيطرة شهرزاد وحدها وهي الآمرة الناهية(واختفت من مدائنك كل النساء)
والأسطورة تعدّ واحدة من تلك الأدوات التعبيرية الجمالية في الشعر وفي النثر ايضا…
العنوان كان وفيا لما سرى من المعاني
في شرايين القصيدة
والشاعرة عاقرت الليل نبيذ المحبرة
فكان أن اندلقت الكاسات على محيا الورقة فتورّدت الوجنات شعرا..
كل الأمنيات بدوام هذا العطاء الادبي الخصب
ريما
فائزه بنمسعود






