في مثل هذا اليوم 3 مارس1938
اكتشاف النفط في السعودية.
في عام 1938، قام مهندسان أميركيان من شركة “ستاندرد أويل” باستكشاف النفط في المملكة العربية السعودية، بعد 3 عقود من اكتشاف حقل مسجد سليمان، حيث لم يكن أحد يعلم أن نجما جديدا كان يولد.
شهدت صناعة النفط والغاز اكتشافات مذهلة على مر العصور، وبدأت في الولايات المتحدة في القرن 19، قبل أن تنتشر الاكتشافات الكبيرة خاصة في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، وكانت بعضها نقطة تحول لاقتصادات العديد من الدول حول العالم.
وأورد تقرير نشره موقع “أويل برايس” قصصا لبدايات هذه الاكتشافات.
المدينة السوداء
في عام 1846، تم حفر بئر نفطية في باكو عاصمة أذربيجان، وفي ذلك الوقت كانت أذربيجان جزءا من الإمبراطورية الروسية، وحصلت باكو على لقب المدينة السوداء بسبب ثروتها النفطية، وتمتلك أذربيجان حتى الآن احتياطيات نفطية تقدر بنحو 7 مليارات برميل، وتنتج أكثر من 800 ألف برميل في اليوم، ويتم تصدير معظم هذا الإنتاج لأن الاستهلاك المحلي ضئيل نسبيا في بلاد عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة.
بداية النفط الأميركي
قام رجل يدعى إدوين دريك بحفر أول بئر نفطية في أميركا في ولاية بنسلفانيا عام 1859، وكان أيضا أول بئر تم حفرها آليا بدلا من الجهد اليدوي الذي كان يقتصر على استغلال النفط المتسرب إلى التربة.
وقال التقرير إن بنسلفانيا كانت بمثابة نقطة البداية الرسمية لصناعة النفط الأميركية، حيث كان عمق البئر الأولى أقل من 70 قدما، مما أدى إلى اندفاع النفط الذي حوّل الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط في العالم.
الينابيع الزيتية
جاءت النتائج الأولى للاندفاع الجديد نحو الذهب الأسود بعد سنوات قليلة فقط من اكتشاف بنسلفانيا، حيث بدأ لين تاليافيرو باريت -بعد 4 أشهر من الاكتشاف- البحث عن النفط في الجزء الشرقي من تكساس في منطقة تسمى “أويل سبرينغز”.
ولم يكن توقيت هذا الاكتشاف هو الأفضل، فلم يكن باريت قد اكتشف النفط بعد عندما كان يجب إيقاف العمل في البئر لأسباب مثل الحرب الأهلية وانفصال تكساس عن الاتحاد، ثم استؤنفت عمليات الحفر بعد نهاية الحرب الأهلية، واستخرج باريت النفط عام 1866، الذي يعد أول بئر نفطية في تكساس.
يعد اكتشاف بئر سبيندل توب أكثر شهرة من أول بئرين نفطيتين في أميركا، حيث انفجر نبع من النفط الخام من سبيندلتوب هيل في تكساس في العاشر من يناير/كانون الثاني 1901، وانتهت البئر بإنتاج 100 ألف برميل يوميا، وهو معدل غير شائع تماما في تلك الأيام، لذلك يعد الدفعة التي جعلت النفط في النهاية صناعة كما هي عليه اليوم.
النفط في الشرق الأوسط
تم اكتشاف أول بئر نفطية في الشرق الأوسط في مدينة مسجد سليمان في إيران بفضل البريطاني ويليام نوكس دارسي، الذي حصل على امتياز لمدة 60 عاما من الحكومة الإيرانية.
قام دارسي بتمويل العملية التي بدأت عام 1903، بينما قام بالحفر جورج برنارد رينولدز، وهو مهندس بترول بارز، وتم اكتشاف حقل مسجد سليمان عام 1908، ووصل إلى ذروة الإنتاج عام 1928.
ولا يزال الحقل ينتج النفط حتى يومنا هذا، ولكن من المتوقع أن يكون عام 2023 عامه الأخير، ولقد أدى هذا الاكتشاف إلى إنشاء ما نعرفه الآن باسم “بريتش بتروليم” (بي بي)، وهي إحدى أكبر شركات النفط في العالم.
نفط الصحراء
في عام 1938، قام مهندسان أميركيان من شركة “ستاندرد أويل” باستكشاف النفط في المملكة العربية السعودية، بعد 3 عقود من اكتشاف حقل مسجد سليمان، حيث لم يكن أحد يعلم أن نجما جديدا كان يولد.
وكان اكتشاف حقل الدمام الأكبر في التاريخ وقتها، وقد غيّر كل شيء، ليس فقط للسعودية ولكن للعالم، وتحولت السعودية إلى أكبر منتج للنفط في العالم.
في الوقت نفسه، كان اكتشاف حقل الظهران بمثابة خطوة أخرى على طريق الشرق الأوسط لتصبح المورد الرئيسي للنفط في العالم، والذي أعقبته اكتشافات نفطية في العراق والكويت والإمارات، وما زال بعضها من أكبر احتياطيات النفط في التاريخ حتى يومنا هذا.
أخذت قصة اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية منحنى تاريخي ضخم حيث تحولت المملكة من منطقة يتركز اقتصادها حول تربية المواشي والزراعة والتجارة والصناعات البسيطة وكان موردها الأساسي يعتمد على الحج والعمرة، إلى دولة تعتمد على 90% من ايراداتها من عوائد النفط، وكانت بداية تاريخ النفط في المملكة عندما بدأ الملك عبدالعزيز آل سعود التفكير في الحاجة إلى تطوير دخل المملكة ليساهم ذلك في نهضة الدولة الفتية، وقامت المملكة بمنح امتياز للتنقيب عن البترول للنقابة الشرقية العامة في عام 1923، وذلك قبل أن يتم توحيد البلاد، وقد انتهى ذلك الامتياز في العام 1928، حيث لم تقم النقابة بإجراء أي أعمال تنقيبية.
طلب الملك عبد العزيز آل سعود الحصول على الدعم المالي يقارب 500,000 جنيه إسترليني من الحكومة البريطانية للاستفادة به في التنمية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية بما في ذلك تمويل استكشاف مكامن النفط. وتوثق المحاضر الرسمية من الاجتماعات المنعقدة بين المسؤولين البريطانيين والسعوديين رفض بريطانيا تقديم المساعدة المالية للسعوديين في مجال استكشاف النفط. وصرح فؤاد حمزة أن معه تقرير يقيّم الموارد المعدنية في الحجاز والأحساء أعده مهندس التعدين الأمريكي كارل تويتشيل. ومع ذلك، فأنه أصّر أنه يفضل التعامل مع البريطانيين ويرحب بمساعدة شركات النفط البريطانية في بلاده. ولكن أوصد كبير المسؤولين البريطانيين – السير لانسلوت أوليفانت – الباب في وجه هذه الدعوة أثناء المحادثات وأصرح أن الوقت الراهن «لا يشجع أبداً على القيام بأي مغامرات مالية». وأسهب أوليفانت قائلًا إن «الشركات البريطانية قد تتردد في قبول تقرير لم يعده خبير بريطاني» وتشكك في استعداد الشركات البريطانية «لإهدار المال في دولة غير معروفة جيدًا في الوقت الحاضر».
بدأت قصة اكتشاف البترول في المملكة حين وقع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في 29 مايو من عام 1933 اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول بين حكومة المملكة وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، وفي 8 نوفمبر من نفس العام تم إنشاء شركة تابعة هي شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل كومباني (كاسوك) لإدارة الامتياز، وتمت عملية المسح بإعداد خارطة هيكلية لقبة الدمام، موقع اكتشاف أول حقل نفطي في المملكة، واعتمد الجيولوجيون الأمريكيون الأوائل على البدو لإرشادهم من مكان إلى آخر، في العام 1935 تم حفر أول بئر اختبارية في الظهران في قبة الدمام التي لم تأت نتائجها محققة للتطلعات، ولكن لأن الدلائل كانت تشير إلى وجود الزيت والغاز، فقد استمرت الشركة في الحفر، وبعد خمس سنوات من الحفر غير المثمر، بدا أن بئر الدمام رقم 7 ليست سوى طريق مسدود آخر، وفي 4 مارس من عام 1938 بدأت بئر الدمام رقم 7 إنتاج 1.585 برميل في اليوم على عمق 1.5 كيلومتر تقريبا.
في عام 1942 توقفت أعمال رسم الخرائط الخاصة بالحقل بسبب محدودية القوى العاملة والمعدات أثناء الحرب، في العام 1943 ولصعوبة الحصول على قطع غيار السيارات تمت الاستعانة بالإبل لتزويد مخيم الجوف النائي بإمدادات زيت الديزل والبنزين وطين الحفر والإسمنت، في 31 يناير من عام 1944 وفي خطوة تهدف إلى إبراز دور المملكة بين الدول المنتجة للنفط، تم تغيير اسم كاسوك إلى شركة الزيت العربية الأمريكية، والتي أصبحت تعرف اختصارا باسم شركة أرامكو السعودية، وفي العام 1950 اكتمل خط الأنابيب عبر البلاد العربية التابلاين الممتد بطول 1.212 كيلومتر، ليكون بذلك أطول خط أنابيب في العالم، وقد ربط خط التابلاين شرق المملكة العربية السعودية بالبحر الأبيض المتوسط، وأسهم بشكل كبير في اختصار وقت وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا، وقد ظل خط التابلاين يعمل حتى عام 1983 .
في العام 1952 نقل مقر الشركة من نيويورك إلى الظهران، وبعد مضي أكثر من 80 عاما أصبحت أرامكو السعودية تتبوأ مركز الصدارة في الصناعات البترولية حيث تجاوز إنتاج الزيت عشرة ملايين برميل يوميا وتدير الشركة احتياطيات تقليدية من الزيت الخام يبلغ 260.2 بليون برميل ومن احتياطيات الغاز 284.8 تريليون قدم مكعبة قياسية، واكتشفت 116 حقل زيت وغاز على مدى تاريخ الشركة كان آخرها حقل الزيت اسادف وحقلا الغاز أم رميل والشعور، وكان آخر مشاريع الشركة هو مشروع مصفاة جازان، وكانت بئر الدمام رقم 7 التي صدر أمر عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بتغيير اسمها إلى بئر الخير، بداية إنتاج النفط تلاها عدة حقول أهمها حقل الغوار الذي يعد أكبر حقل نفط في العالم، وحقل السفانية، وبعد 45 عام من الإنتاج المتواصل في العام 1982 أوقف حقل الدمام لأسباب تشغيلية إلا أنه لا يزال قادر على إنتاج النفط.!!