__رؤيتي لقصيدة (دقاقة المهراس)
للدكتور الشاعرHamed Hadji
——-
أفقتُ…
صياحٌ، صراخ على الباب…
سعدى تخاصم جارتها.. بالڨراجْ!؟
لقيتُهُما تحتَ وفوقَ،
فهذي تنوء بثقلٍ ..
وتلك لأردافها هزّة وارتجاجِْ..
كأنهما قُلّتان على كَتِفٍ..
جارتي فوق سعدى
وتضربُ بالكَرَبَاجْ!
حَزَزْتُهُما
وجررتُ سعاد
وكنتُ ولجتُ كما الذئب بين الدجاج..
أيا جارتي كيف تختصمان!؟
لدقّ المهاريس
أو كَسْرِ آنِيَةٍ من زجاج!!!؟
——
لوحة رمضانية أو ما سأطلق عليه
تسمية(رمضانيات حاجي)
أخذتني إلى مقامات حسين الجزيري
الاديب التونسي والذي يعد من مؤسسي الصحافة الهزلية في تونس
حسين الجزيري كتب لرمضان
قصيدة قد يجهلها البعض يقول فيها
فرحت بمقدمه بطون الناس
شهر تحنّ لذكره أضراسي
تلك الموائد ما جلست أمامها
وضربت أخماسي إلى أسداسي
إلّا وصار القلب في شرك الهوى
يرجو تعطف مرقة البسباس
ويلوذ بالأكباب وأشواقي
إلى طاجين جبن طيّب الأنفاس
ياللبريك وياللحم حشوه
قد جوّدوه بقوة المهراس
لي في محبته شهود أربع
لحم الدجاج وسلتة الأتياس
والجوز في تمر تحلّى واستوى
وكذلك تشهد بوزة في الكاس
كيف التصبّر والبطاطا أشرقت
والمسفوف في الكسكاس
إن القطائف لا مثيل لنورها
فتضيء وسط البطن كالنبراس
كيف السبيل لذي الصنوف وجمعها
والجيب مخروم من الإفلاس
———
يتابع الشاعر توثيق يومياته التي يستمدها تارة من الاحياء الراقية
وتارة من الحواري
والحياة اليومية في هذه الحواري الخلفية تمتاز بالطرافة وعمق الانتماء
حواري تسير فيها الحياة على إيقاع علاقات الجيران ببعضهم البعض
هذه العلاقة التي قد تكون علاقة ود وتآزر وانسجام في المواقف العظيمة
كالموت والفاجعة والأفراح
وقد تنقلب إلى مناوشات وصراعات
تقطع أواصر الود وهذه اللوحة(دقاقة المهراس ) مستوحاة من اليومي المعيش جارة تدق المهراس
ودقات المهراس مزعجة
مما وتّـر اعصاب سعدى وقد تكون تتمتع بقليولة ما قبل دخول المطبخ لاعداد طعام الافطار
أو تشاهد مسلسل ما قبل البرنامج الديني في رمضان…
تذهب سعدى للوم جارتها ويتحول هذا اللوم إلى مشادة كلامية ثم يتطور إلى اعتداء بالعنف الجسدي وينقلب (القراج) حلبة ملاكمة
وها هو الشاعر يحول اللغة إلى عدسة كاميرا تنقل مباشرة تطور أحداث معركة الجارتين حيث لم يحرم الشاعر (المتلقي المشاهد )من تفاصيل سير معركة الجارتين وبين غالبة ومغلوبة،يتفطن أن سعداه ملقاة في ساحة الوغى وقد تلقت الضربة القاضية والغلبة كانت للجارة حاول التدخل بالصلح وفصل المتخاصمتين مع عتابهما على(جعل من الحبة قبة)
حدد الشاعر الزمن
قبل إحضار مائدة الإفطار
وهذا زمن كتابة اليومية
حيث أحداث الخصومة دارت قبل
ولم تتزامن أبدا مع (وقت الكتابة)
وهذه اليوميات الرمضانية الحاجية
كما أسلفت تذكر بقوة بمقامات الشاعر التونسي حسين الجزيري
فيوميات حاجي لا تخلو من روح الدعابة والمرح حيث نلمس فن الفكاهة الهادفة التي تسوق الوعظ مبطنا وخفيا حتى لا يشعر المتلقي بثقل ولا نفوركقوله(
يا جارتي كيف تختصمان!؟
لدقّ المهاريس
أو كَسْرِ آنِيَةٍ من زجاج!؟؟
أخلص متسائلة
هل نحن أمام تأسيس آخر للادب الساخر أو كما يسميه البعض الكتابة بالكاريكاتير؟
وهذا يبدو في فنيات الهزل في رمضانيات حمد حاجي
وكما تحدث لنا في يومية سابقة (عن الشربة) كطبق رمضاني نراه يحدثنا هنا عـن (المهراس) أو(الهاون في اللغة العربية)ودوره في المطبخ التونسي
وليت سعدى تعرف أن للمهراس مقام كبير عند البعض وفي عاداتنا وتقاليدنا
حيث له حكاية معروفة عند البعض
المهراس كان يقدّم كهدية من الحماة إلى الكنة لتضعه مع جهازها وتحتفظ به كقيمة وراثية حتى تدق بها ما تشاء في بيتها حتى يسمع دقاته زوجها ويتذكر رنات مهراس أمه ،طريقة ذكية
من الحماة لتكون ذكراها في بال ابنها حاضرة على الدوام
علما أننا نلمس جماليات السّخرية في قصيدة( دقاقة المهراس) متمثلة في المحتوى وفنية الطرح شعرا أو ربما على رأي الدكتور الاديب عبده بدوي(مصري)
(ان الشعر الساخر انفذ طعنا واشد ألما وأبقى أثرا وأخلد ذكرى)
فائزه بنمسعود