ماهو عصر التنوير ومن هم التنويريون؟
//://///////////////////
د. عبد العزيز يوسف آغا
في حقيقة الأمر ، الذي دعاني لخوض هذا المجال هو المنشورات الأخيرة التي تحدثت فيها عن جان جاك روسو وفولتير وهيجو وغيرهم من الذين اتصفوا بالمنورين أو رواد عصر التنوير، فبحثت كثيراً فوجدت أن الموضوع عميق ويحتاج إلى دراسة مستفيضة لامجال لنشرها على صفحات الفيس.
لكنني أحببت أن أنقل بعض الأفكار عن عصر التنوير الذي بدأ مع بداية القرن الثامن عشر وامتد إلى الآن.
فما هو عصر التنوير وماهي أهدافه؟!
////////////////////////
في الحقيقة، بدأ عصر التنوير بظهور مجموعة من الفلاسفة والمفكرين والأدباء والعلماء الذين نادوا بإصلاح المجتمع الذي يعاني من الظلم والجهل والقهر والاستبداد والعبودية، وذلك عن طريق إصلاح التعليم والقضاء على الأمية وإعطاء الدور الأول في الحياة للعقل وأنه لاسلطة على العقل سوى العقل.
ولكي لانتشعب كثيراً دعونا نضع الأمور بمنهجية علمية:
ماهي مطالب التنويريون؟!
////////////////
1- القضاء على الجهل الحاصل نتيجة ضعف التعليم والأمية المستشرية.
2- محاربة العنف وتعويضه بالعقل فإذا عمل العقل لن يتبقى للعنف سبب.
3- القضاء على الاستبداد والقهر السائد في المجتمعات المتخلفة.
ماهي الصفات التي يجب أن يتحلى بها المتنورون؟!
////////////////
1-الإيمان بالإنسان كمحور رئيسي في هذا المجتمع والعمل على الانتصار للحريات والمساواة الاجتماعية بين البشر.
2- محبة الوطن والغيرة الوطنية شيء لانقاش فيه.
3- إعطاء العقل الدور الأساسي للتجريب واتخاذ القرار بما تمليه المصلحة.
4- إعطاء النزعة النقدية أهمية كبيرة لكي تسير عجلة التطوير ونحو الأفضل.
5- يجب أن يتصف المتنور بالشجاعة والجرأة في معالجة الأمور والصبر على الإساءة فلا يقابل العنف بالعنف وترجيح دور العقل أثناء حصول الخلاف.
مما تقدم نرى أن طريق التنوير شاق وصعب بسبب تخلف المجتمعات المتواجدة في سائر أركان الكرة الأرضية.
من الذين رحبوا بالتنوير؟
////////////////////
بالواقع استقبل التنوير بحفاوة من قبل الحكومات التي تشجع على العلم والعمل والصناعة والتجارة والاقتصاد والفيزياء والكيمياء والتطور الاجتماعي؛ خاصة أن عصر التنوير جاء بعد عصر النهضة التي قامت بالقضاء على تدخل الكنيسة بالحياة الاجتماعية والسياسية وبيع صكوك الغفران ……
ومن هنا نستطيع أن نقول أن من رفض التنوير هم من يريدون بقاء مجتمعاتهم متخلفة ليسهل حكمها بالإضافة إلى بعض رجال الدين ممن لايفضلون إعطاء العقل الأولوية القصوى.
ماهي الجوانب التي كانت تعتبر محرمة عن الخوض فيها قبل التنوير؟
////////////////////
ثلاثة أشياء كانت تعتبر محرمة وهي:
الدين والسياسة والجنس.
وقد عمل بعض المتنورين على التعرض لهذه الأمور إلا أنه تم رفضهم وإهانتهم والتهجم عليهم لدرجة أن بعضهم حكم عليه بالإعدام وآخر طلقت زوجته منه عدا عن الذين تم تهديدهم بالقتل …….
المشكلة أن البعض لايريد للعقل أن يعمل لتسهل قيادته.
من هو رائد التنوير ؟
///////:::://////
بالواقع إنه الفيلسوف كانط الذي عرف التنوير :
بأنه خروج الإنسان من مرحلة الطفولة أو القصور العقلي إلى سن الرشد . فالإنسان يمثل عقلاً قادر اً على أن يكتشف الحقيقة بشرط أن يتمتع العقل بالثقافة والعلم وإلا سيبقى في مرحلة الطفولة.
من الجانب الآخر يعتبر أحمد عرابي رائداً للتنوير وكذلك جمال الأفغاني ورفاعة الطهطاوي من رواد التنويريون.
وقد عرف جون لوك مؤسس الفكر الليبرالي التنوير بالتالي:
يجب أن يقوم التنوير على الديموقراطية والحرية الفردية والمساواة الاجتماعية وحرية الصحافة والحرية الدينية والحقوق المدنية.
التنوير والدين:
//////////////////////////
بالواقع تعرض التيار التنويري إلى الرفض من قبل الأديان السماوية ، وذلك لأن هذه الأديان يقوم جزء منها على الغيبيات مثل الجنة والنار والأفاعي والسحر والحسد والجن…….
وإن إعطاء دوراً كبيراً للعقل في هذه الأمور يجعل من الصعوبة تصديقها، عدا عن ذلك، أن جزءاً كبيراً من بعض هذه الأديان يقوم على النقل دون العقل.
وبناء على ذلك قام رجال الدين بشيطنة هذا التيار والطعن في قيمه مما أضعفه إلى درجة كبيرة ، خاصة عندما خرج بعض المتنورين خرج عن حدود المجتمع وذلك برفض السنة والحديث وإعطاء تفسيرات جديدة للكتب المقدسة .
وللأسباب سالفة الذكر ، تعامل رواد التنوير مع الأديان في ثلاثة اتجاهات:
1- تنويريون تشربوا روح المسيحية بعد تحريرها من سطوة الكنيسة ووجدوا فيها قيماً إنسانية منها العدل والتسامح والإخاء.
2- تنويريون عبروا عن احترام الخطاب الديني ووجدوا صلة بينه وبين العقل الذي هو الوسيلة الأساسية لمعرفة الله.
3- رواد الاتجاه الثالث التزموا الصمت حيال الدين من دون أن يرفضوه.
ومن الجدير بالذكر أن جميع التنويرين يؤمنون بالله مع إعطاء الحرية لكل إنسان بالعبادة حسب طريقته.
أما بالنسبة لوجود بعض التنويرين الذين يشككون بوجود الله ويتعرضون للأديان كما نشاهدهم على الفضائيات مؤخراً فهم لايتبعون المذهب التنويري ، بل هم خرجوا عن مبادئه وتعتبر تصرفاتهم تصرفات فردية.
ومن التنويريين الذين كان لهم تأثيراً بالغاً في مجتماعاتهم: محمد عبده الذي قاد ثورة لتجديد الخطاب الديني والفكري والدعوة إلى تحرير العقل وتبعه في ذلك علي عبد الرازق وطه حسين ونصر ابو زيد وصادق العظم وعبد الجبار الرفاعي وعبد المجيد الشوني ومحمد أركون الذي قالفي التنوير:
التنوير هو التجديد في مسار الفكر لإحداث تغيير إلى الأمام ، والفكر هو وسيلة التجديد الرئيسية مع الحفاظ على الثوابت وتغيير آلية العمل ،
وأهم مانادى به أركون: يجب أن نضع أي شيء في سياقه التاريخي سواء كان :
أدباً أو فلسفة أو ديناً قبل أن نتوجه إليه بالنقد والمطالبة بالتطوير.
وفي الختام ، يجب أن نعترف بأننا نعيش في عصر ازدادت فيه الحروب والأزمات والأمراض كما ازداد التخلف ، ولكي نخرج من كل ذلك ، يجب علينا التحلي بالعلم والمعرفة وإعطاء العقل الدور الأكبر لكي تسود المحبة والسلام والتقدم بين كافة شعوب الأرض.