قراءة نقدية: اليوميات ومتعة التصالح.
اليومية 05 رمضان او ميراث (صمويل بيكت)
(اليومية “في انتظار عودتي” نموذجا “)
الكاتب: حمد حاجي (تونس).
الناقدة: جليلة المازنني (تونس).
المقدمة:
انها اليومية الخامسة من يوميات الشاعر حمد حاجي والتي يدوّنها يوما بيوم خلال شهر رمضان وهي الموافقة ل15/03/2024
حدد الشاعر الاطار الزمكاني الذي كان على مائدة الافطار مع آذان المغرب…ما الذي سينقله لنا الشاعر في هذا التاريخ؟
القراءة النقدية: اليوميات ومتعة التصالح.
اختار الشاعر عنوانا ليوميته الخامسة” في انتظار عودتي”
هذا العنوان الذي جمع بين الانتظار والعودة والعودة ارتبطت بياء المتكلم المفرد المتصل (عودتي) فهل سيعود الزوج بعد خروجه غاضبا من البيت؟ وهل ان الزوجة تنتظر عودته؟
بدأ الشاعر بتمهيد ليبرّر ماحدث بينه وبين زوجته معتبرا أن الحبّ هزل وجدّ بين الزوجين : بوقت الفراغ
ألاعبها وأمازحها…
هكذا الحب هزل وجدّ…
وفي اطار المزاح يقول الشاعر:سرقت لها قطعة وغلبت…
فهاجت وماجت فجزر ومد…
انها لم تتقبل مزاحه وهاجت وماجت غضبا ورفضا لما فعله فكان المدّ والجزر بين ارتفاع وانخفاض ردود الفعل والشاعر هنا أولى أهمية للقارئ (الثلاث نقاط)
وقد يعتبر القارئ ان المدّ كان من الزوجة والجزر كان من الزوج الذي أحس بخطئه في مُزاحه الذي لم تتقبله .
فالزوج يحاول ان يلطّف من هيجانها الذي أصبح عنفا لفظيا .
والشاعر يزيد في تأزيم الامور حين يجمع العنف اللفظي بالعنف المادي الجسدي يقول الشاعر: “وتهوي بقبقابها
وتقول:يا مشؤوم جاك…
فيرعف أنف وخدّ…
ان الفجوات النصية تثير فضول القارئ وتفتح امامه حق التأويل الذي منحه اياه الشاعر فقد يستغرب القارئ وقد يتساءل :
– هل ان الرجل أيضا عرضة للعنف؟
– هل ان الرجل والمرأة كلاهما قد يتعرّض للعنف الطرف الواحد من الطرف الآخر؟
– هل من المفروض ادخال تعديل على محتوى تاريخ10 / ديسمبر من كل سنة والمتعلق” بمناهضة العنف ضد المراة” ليصبح “مناهضة العنف ضد الانسان( المراة والرجل) ؟؟؟
ازاء هذا العنف اللفظي والجسدي المسلط عليه جعل الزوج يفكر في الهجر ومغادرة البيت وفعلا ترك لها البيت وهو يجهل وجهته.
والشاعر عمد الى تشريك المتلقي في تأويل ما اقدم عليه الزوج
ولعل المتلقي يستنكر ما أقدم عليه الزوج لان في المخزون الشعبي للمتلقي ان الزوجة هي التي تهجر البيت في حالة خلاف مع زوجها
وليس العكس والشاعر يدعم ذلك بتلك اللوحة الموازية للقصيدة والتي تجسد خروج امرأة تحمل حقيبتها غاضبة ورجلين يحاولان اقناعها بالعودة وقد يكونان يتوعّدانها.
وبالتالي فان المتلقي يستغرب استغرابين:
– استغرابه من كون الرجل(الزوج) اصبح ضحية.
– استغرابه من هجر الزوج لبيته بدل الزوجة كما جرت العادة في الواقع
وهنا فيما يخصّ هجر الزوج لبيته قد يستحضر المتلقي ما قاله تعالى فى الهجر عند خصام الزوجين الآية 34 سورة النساء:” واللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع”) .
حسب المفسرين لا بد ان يكون الهجْر في البيت ويكون الهجر في الفراش وسيلة ومكانا يعني ان يتخذ فراشا آخر او يوليها ظهره بنفس الفراش ولعل الحل الثاني أفضل لانه قد يتيح فرصة التقرب بينهما وتودّد الواحد منهما للآخرويعيد العلاقة بينهما سيرتها الاولى.
والشاعر يختم بقفلة لم نكن لنتوقعها ..انها قفلة كسرت أفق انتظار المتلقي حيث يجد الزوج الحي قفرا ولا ننسى انه وقت افطار وكل المصلين عادوا الى منازلهم فيجد الزوج نفسه بلا افطار بعد يوم صيام.
وهنا قد يتشفّى المتلقي من هذا الزوج الذي تسرّع وكان ضحية الغضب الذي استبدّ به نتيجة مما لحقه من عنف.
وقد يتعاطف المتلقي مع الزوج ليقترح عليه العودة الى البيت ليستعيد كرامته المهدورة بالتصالح مع زوجته باعتباره كان ظالما عند البدء.
بيد ان الشاعر تدخل هنا لينتشل الزوج من المضي في طريق قد يؤدي الى الانفصال عن زوجته والهجرُ مؤشر قوي للانفصال.
ان الشاعر قد سدّ كل أبواب تشجيع الزوج على هجر بيته حين جعله لا يجد أحدا بالحي يسعفه بافطار بعد يوم صيامه وأكثر من ذلك جعله يستاء من قفر الحيّ (فيا ويحتي..عاد كل المصلين والحيّ أقفر..)
وبالتالي كأني بالشاعر يريد ان يقنعه بأن قدره هوفي وجوده ببيته.
ومن هنا وانطلاقا من عنوان القصيدة (في انتظار عودتي) قد يعود الزوج الى زوجته التي قد تكون في انتظاره وكأن شيئا لم يكن ايمانا منه بالآية الكريمة 189 الاعراف:”هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها.”
الخاتمة:
ان الشاعر حمد حاجي من خلال يومية 05 رمضان قد نقل لنا مشهد خلاف بين زوجين انقلبت فيه الموازين حيث أصبح الزوج ضحية عنف زوجته مما جعله يهجر بيته وزوجته بيْد ان تدخل الشاعر قد أتاح له امكانية العودة الى بيته وزوجته التي قد تكون في انتظاره بل لعلها تستقبله وهي تردّد قول نزار قباني:
ارجع كما أنت…
صحوا كنت أم مطرا
فما حياتي أنا ان لم تكن فبها..
ارحع اليّ.. اليّ.. اليّ ..ارجع اليّ..
بتاريخ 16/03/2024