القراءة النقدية: “اليوميات وأدب الفكاهة”
يوميات 08 رمضان
القصيدة:(” يا ليتها تتوحم نموذجا”)
الشاعر:حمد حاجي (تونس)
الناقدة:جليلة المازني(تونس)
المقدمة:
يطالعنا الشاعر حمد حاجي في يومية الثامن من رمضان الموافق ل:18/03/2024 بيومية مطبوعة بالفكاهة تحت عنوان” ياليتها تتوحم”.
القراءة النقدية:” اليوميات وأدب الفكاهة”
منذ عنوان اليومية (يا ليتها تتوحم) نشتمّ جانب الطرافة والفكاهة.
خصائص ادب الفكاهة:يتميز أدب الفكاهة بالخصاص التالية:
– الخفة والظرافة.
– ذكاء صاحب الظرافة ليتمكن من البحث عن الحيلة وتدبيرالخطط وحياكة خيوطها
– النظر الثاقب من قبل الفكاهي وموهبته لتكون فكاهته خفيفة لطيفة من دون تصنع.
هل هذه الخصائص تستجيب لها يومية الثامن من رمضان؟
من خلال العنوان تمنّى الشاعران تكون حبيبته سعدى تتوحم والتمني هو طلب المستحيل لذلك تدخل الشاعر وخلق سببا في غضون القصيدة لجعل وحمها مستحيلا(اتى لسعاد غريب على كبر)
وهنا القارئ يعتبر اليومية منذ البداية ظرفة خفيفة انه تهكّم من حلمه الذي يتمناه .
ثم هذا التضارب في حديث الشاعر بين العنوان الذي من خلاله تمنى ان تكون سعدى تتوحم وقوله في صلب القصيدة :
رُميت بخطب شديد..الى الله اشكو بلائي فسعدى على وحم
ومن خصائص الفكاهة التضارب في القول المشحون بالهزل والتهكم
ان الشاعرفي هذه اليومية اتصف بذكاء كبير للبحث عن حيلة حاك خيوطها بكل مهارة ليقنعنا بسبب غيابه عن قرائه ومتابعي يومياته في الثامن من رمضان وهو وحم سعدى التي سجنته عند التاسعة “ببيت الخزينة والمؤن”.
انه وقت نشر الشاعر المعتاد ليومياته وهو سبب وجيه من حيث ان الوحم يفعل في الزوجة فعلته النكراء وقد مهّد الشاعر لسجنها له بصعوبة وحمها وكثرة الخصام بينهما وملله لشهواتها المتعددة.
لقد دعم الشاعر فعلتها النكراء بسجنه بتلك الصورة الكاريكاتورية وهو يستغيث في سجنه بيبت الخزينة يطلب نجدتها وسعدى متشمتة فيه ترفض نجدته…انه مشهد “ما هضمه الا الضحك “.
ولعل الشاعرتعمّد اضحاكنا والترفيه عناّ تحت وطأة الصيام وخاصة لنتقبّل غيابه في الثامن من رمضان ولا نغضب من غياب مفاجئ جعل جمهوره العريض ينتظر وينتظر ويتهامس ويتساءل عن سبب الغياب غير المعهود الذي حرمه من متابعة يومياته والاستمتاع بحكاياتها اليومية المعيشة في شهر رمضان فعوّض الشاعر بفضل ذكائه لجمهوره الجدّ بالهزل فكانت الظرفة خفيفة دون تصنع.
وما أحوجنا الى الضحك في هكذا ظروف قاتمة.
الخاتمة:
ان هذه اليومية قد تكون خالطت عدة أجناس أدبية ففيها نشتمّ رائحة المقامة الهزلية ومن خلالها نستمتع بالنادرة ونقدها الاجتماعي (الوحم والخصام..)يضفي واقعية على اليومية التي اتسمت بالفكاهة في قالب شعري جميل.
ان كل هذا الخليط ينمّ عن مبدع “أخذ من كل شيء بطرف” على حدّ قول الجاحظ والجاحظ يزهد في المعلومة التي هي على قارعة الطريق ويولي أهمية الى المنهجية التي اتّسم بها ابداع الشاعر حمد حاجي.
أشدّ على قلمه المتفرد والاستثنائي الذي جعله لا يشبه الا نفسه . بتاريخ 18/032024