إليك أيّها الشعبُ المأفون…
سئمت أقبية الظلام، سئمتُ دياجر الحروب، سئمتُ مغارات الأكوان، سئمت نزيف الأحلام، سئمت وابل الغمام، سئمتُ اللامبالاة والأسقام، سئمتُ وئيد الإنسان، سئمت الجنون على مرأى العيان، سئمت مرايات الجمال أضحت بلا عنوان، سئمت التيه الذي عاث في الطبيعة بلا غفران .. بلا اخضرار العيدان؛ أعجاز نخلٍ خاوية، عرجون قمرٍ طال أمده في النازعات لولوج الهاوية .. ياليتها كانت القاضية!!
لم يعُد بوسعي العيش بنصف بهاء، لم يعُد بوسعي العيش برهَج رفات، لم أعد أتنفس سوى ميازيب الأموات، لحاظي غرابيب الآهات!
الويْح الويح من بارقة النهايات، يا غافلاً للواعج الصراخات.. حسبُك وكفى! تباً لتلك الأيادي الآثمة التي تستعذب رشقات السهام حتى أدميت أغصاني، تباَ لتلك الأهازيج التي وجَمَت إثماري، تبا لغابات من أشباه كائنات تتغذى على قرابيني، تباَ لغياهب نسياني..
أثوي كغصنٍ احترقَ عن آخره؛ بلا أمل ليخضور يزدهي من جديد، ذاب في خاصرة الأوقات وآكام الذكريات حينذا – كانت المروج مكتظة بالورود من زبرجد وسدر وصندلٍ وضفائر الصفصاف، وأنا واقفة هنالك أقيهم الرمضاء وأصحاب قطرات الغيث، أنا ذاك النبت المخضّب بأنغام معزوفات الخلود، أنا ذاك الأمل الكؤود، لمَ ذاك الكنود!! لم ذاك الجمود!! هل أخاديد الدمار أصبحت لون الوجود؟!!
كاء منا أسرتي الكثير، وتاه الاثر والأثير، فقدت العبق وأنهكني الأرق، ويكأن العالم يهوى ذاك الغسق، إلى متى سيستمر ذاك النفق؟ هل سننتظر الغرق؟ ألا يساورك شيئاً من قلق! يا ذكرى إنسان من حُمق!
جذوري مازالت كالطود راسية، وأنا مازلت خنساء رابية، مازلت أعافر نواعير المعارك، مازال المارد بلُحائي يتحسس بيادر الخلاص، مازال الجزع يرتجف من أرزاء الغوغائية، يجترّ أشلاء الإنسانية، يلفظُ أنواء الأجواء، يستجدي قيامة الأنداء، مازال ناقوس السديم يروم السلام لكننا لا نسمعُ سوى صوت النهام!..
يا أنايَ الغارقة في أرض الغيلان ؛ أفيقي من دياجر علت الهام، مازال الورى نيام، غيرُ آبهين بما خطته الأقلام.. عني ..عن سؤدد أنسامٍ تُبقر.. تتلوى من شدة الآلام!
أيها المكلوم..أيها المغموم.. أيها السامع الذي صمّ الآذان..ربما سيعود كمالي يوماً من الأيام…إلاكَ.. سيغيب عوسجي وستهرِم أشواكي ، لكن سأبقى صامدة بجوار ذاك الجدول.. سامقةً أطال العنان..لكنك لا تستحقني!! أنت تستحق جمراً تعيش في رحابه! وأنا الخرساء المحتضرة .. سأعيش تارةً أخرى ويطوقني أكليل الغار..أما أنت.. مآلك إلى خُسران!!!.
إمضائي: غصنٌ يتأوّه احتجاجاً!…….
بقلم الاستاذ /أحمد بيضون – جمهورية مصر العربيه