قراءة نقدية:اليومية بين الحقيقة والوهم
اليومية:”ليلة (حرية) كعصفور جنة نموذجا”
الشاعر: حمد حاجي(تونس)
الناقدة: جليلة المازني (تونس)
المقدمة:يستانف الشاعر حمد حاجي تدوين يومياته الرمضانية وها وهويعانق اليومية رقم 18 من شهر رمضان الموافق ل:28/03/2024 تحت عنوان “ليلة (حرية) كعصفور جنة”
ترى ما جديد هذه اليومية؟
القراءة النقدية: اليومية بين الحقيقة والوهم
استهل الشاعر يوميته بتحديد الاطار الزمكاني فكان التوقيت يشير الى الساعة السابعة مساء بعيدا عن صخب المتوحمة(خارج البيت).
وضع الشاعر عنوانا ليوميته “ليلة(حرية) كعصفور جنة”
فاي حرية سيعيشها؟ وأي جنة سينعم بها؟
يعود بنا الشاعر الى قرار الطلاق الصادر عن الزوج لطلاق سعدى وها هو اليوم يفاجئئنا بعدم جدّيته في قرار فتح ملف طلاق سعدى فهو يدعو بالشر على الوشاة الذين أبلغوا سعدى بقرار الطلاق.فغلقت الباب دونه.
فتاه طويلا ثم استحسن حريته وسعادته وهناءه .
هنا يتدخل المتلقي من خلال تلك الفراغات النصية غير فاهم هذا التضارب في مشاعر الزوج متسائلا:
– هل الزوج غاضب لان الوشاة أبلغوا سعدى بدعوى ٧لؤ،،الطلاق ام هو سعيد بتحرره منها؟
هل ان في حريته جنة؟
هل هو الزوج الذي يعيش اللحظة وبعدها الطوفان ويغنم من الحاضرشهواته؟
ان خبر طلاقه من سعدى جعل النساء يتهافتن عليه “مبتهجات بواحدة وثلاث ومثنى.
وهنا يتناصّ الشاعر مع النص القرآني في قوله تعالى في سورة النساء(3) “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة” يقول الشاعر:
واول ما سمعت بالطلاق رباب وهند ولندا ويمنى
دخلن على الخط مبتهجات بواحدة وثلاث ومثنى…
وهنا يتدخل القارئ ليتمّ باقي الآية “ورباع” لان الشاعر ذكر أسماء أربع نساء .
بيد ان الشاعر هنا يتدخل لينتشل الزوج من فكرة تعدّد الزوجات ليقول على لسانه: أقول لهن أنا ما عدت أبغي أقيم لهذا الشعور وللحب وزنا…
ان الشاعر ترك للمتلقي حق التأويل بتلك الثلاث نقاط ولعل المتلقي بفضوله يتهكم من هذا الزوج الذي يزعم انه لم يعد يقيم للحب وزنا.
وأكثر من ذلك هذا المتلقي الفضولي سيتابع حركات هذا الزوج وسكناته
هذا الزوج الذي يصبح ابن ربيعة والشاعر استعار له من الاسماء ابن ربيعة المعروف باباحياته والمشهور بمغامراته خاصة الاخوات الثلاث
والشاعر هنا يقتبس من شعر عمر ابن ربيعة قوله:
قالت الكبرى :أتعرفن الفتى؟
قالت الوسطى :نعم هذا عمر.
قالت الصغرى وقد تيّمتها //وهل يخفى القمر
يقول الشاعر حمد حاجي مقتبسا:
تقول الصغيرة يا ابن ربيعة//ويحك أقبل فحضن الصغيرة سكنى
وتهمس وسطى لها خبرة بالرجال//تعال أيا سيدي لك ما تتمنّى
ان المتلقي بفضوله سيواصل المتابعة ليقف على ترفعه على الصغيرة والوسطى لتحمله قدماه الى فوز وهي حبّ سابق .
وهو الآن سعيد بجانبها وينعم بحبها وبجنتها وقد شبه نفسه معها بقيس لبنى.
انه قيس بن ذريح الذي سحرته لبنى وتيّم بها فزاده هيامه بها بلاغة وفصاحة وقد قال فيها :
تحدثني الاحلام اني أراكم
فياليت أحلام المنام يقينُ
واني لأهوى النوم في غير حينه
لعل لقاء في المنام يكونُ
والشاعر قد شبه الزوج بقيس بن ذريح ولم يشبهه بقيس بن الملوح لان قيس بن ذريح تزوج من لبنى على عكس قيس بن الملوح فاختار الشاعر حبّ ابن ذريح لانه حب معقلن على حب قيس بن الملوح المجنون
ولعل تلك اللوحة المصاحبة للقصيدة تجسد هذا العشق الدافئ بين زوج سعدى وفوز وهما يعيشان ساعة بوح بالحب وهناء.انها جنته وسط الطبيعة الخلابة وهو كعصفور جنة لا يصدق هذا النعيم الذي يعيشه مع فوز واختار اسم فوز لانه فاز معها بالسعادة.
ان الزوج الذي يعيش اللحظة دون تفكير فيما بعدها.. هذا الزوج الذي يفكر في الشهوة قبل الحب ..هذا الزوج الذي أوهمنا بانه تراجع عن قرار الطلاق حبّا في سعدى هذا الزوج الذي هو عبد لنزواته وشهواته .هذا الزوج الذي ترفع عن تعدد الزوجات .هذا الزوج الذي رفض ان يعيش مغامرات عمر بن ابي ربيعة …
هذا الزوج هل يسكت عنه القارئ ام سيثير فضوله ليتكلم ويتساءل.
ان المتلقي قد يتعاطف مع سعدى و كذلك مع فوز متسائلا:
– هل سعدى تستحق ان يستبدلها في لحظة غضب بغيرها وهي التي تستولي على عقله وتقيده حتى وهو ينعم بالحرية ؟
فالشاعر يقول باسم الزوج:
ومن بعد ما ذقت من ويل وحْم وقسوة سعدى..انا الان أزداد حسنا.
انه يوهمنا انه ازداد حسنا لكنها لا تغادر تفكيره وتسيطر على عقله.
– هل ان فوز التي أذاقته طعم الحب تستحق ان تكون نزوة عابرة وشهوة ليلة واحدة؟؟
هل ان الزوج عبد لحيوانيته بهذه الدرجة رغم ان الشاعر أوهمنا بتعفّفه وقد شبهه الشاعربعصفور الجنة؟
الخاتمة:
ان الشاعر حمد حاجي من خلال يومية الثامن عشر من رمضان قد التقط لنا مشهدا لزوج سعدى بعيدا عنها ليعيش ليلة حرية يتأرجح بين التعفف والحيوانية في الحب بين الحقيقة والوهم والشاعر في ذلك حرّك في القارئ فضوله ليجعله يتعاطف مع حبه الكبير لسعدى ومع حبه القديم لفوز التي استغلها في تلك الليلة كشهوة عابرة يشبع بها نهمه الجنسي .
شكرا للشاعر المبدع حمد حاجي الذي حرّك فضولنا لنتابع مغامرة الزوج في ليلة حرّا بعيدا عن سعدى متوهما انه كعصفور جنة.
بتاريخ29/03/2024