عُقْدَةُ الحِجَابِ بَيْنَ لغةِ الإكْرَاهِ لِنوالِ الَسعدَاوِي وَعَقْلَانِيٍّةِ التَحَرِرٍ الفِكْرِي ِلفَرقَدِ الأغا
بقلم : حكيم زغير الساعدي
في أحد المواقع تقدم أحد المشرفين بسؤال قائلا : هل تتفق مع نوال السعداوي؟
قالت الاستاذة نوال السعداوي : ( الراقصة ترى في نفسها سلعة جنسية تُـريد أن تعرضها وتتاجر بها.
المنقبة أيضاً ترى في نفسها سلعة جنسية ولكن لا تُريد أن تعرضها فتُـخفيها عن الأنظار.
المرأة الحقيقية لا ترى في نفسها سلعة جنسية، بل ترى في نفسها إنسان طبيعي لذلك لا تعرض ولا تُـخبّـئ نفسها ) أنتهى كلام السعداوي .
وفي معرض الإجابة قام المفكر العراقي الاستاذ فرقد الأغا حفظه الله بالرد قائلا :
( أنا أرى كلام الاستاذة السعداوي رحمها الله هي ممارسة لفرض فكرة معينة. وهذا الاسلوب لا يختلف كثيراً عن أسلوب الرجعيين المتشددين، بينما يفترض على دعاة التنوير أن يدركوا بأن التحرر الفكري يقتضي عدم فرض الأفكار بإحدى لغات ووسائل الإكراه الفكري، من حق أي فرد أن يعبر عن أراءه بحرية ولكن ليس من حقه أن يصنف الاخرين وفق فكرته ورؤيته. فلا يصح أن يُصنف الإنسان أما شيطان أو رحمان من خلال قبوله أو رفضه لفكرة معينة! كما لا يصح أن تقول السعداوي أن تصنف النساء [ عاهرة ومنقبة ] ويحكم على كلاهما أن في نفسهما سلعة جنسية فقط لأنهما لا يجسدان فكرة السعداوي وهذا من الظلم والرجعية الفكرية والمؤسف يبدو أنه اضطراب البارانويا ! وكلامها رحمها الله من الظلم ولا وجه مطلق في المقارنة!
فكل الخيارات ليس بالضرورة أن يكون فيهما مبتغى المرأة ودوافعها جنسية، فالنوايا والدوافع لا تحدد بالشكل الظاهري للإنسان.
فلربما تكون الراقصة تمارس الرقص للكسب المادي وليس بالضرورة أن تسمح لرجل معين أن يلمسها وقد تراه فن وقد تراه إكراه واضطرار نتيجة لظروف قاهرة ومن هذه الخيارات قد تكون تمارس عملها بدافع الرغبة الجنسية بالرغم اذا كانت هي فعلا هذه حاجتها فيمكنها أن تمارس الجنس دون أن تمارس الرقص!
كذلك المرأة المحجبة قد تكون متسترة بالحجاب لتمارس الرذيلة وقد تكون فعلا قاصدة للعفاف وقد تكون مُكرهة على أرتداؤه بسبب البيئة التي تفرض الحجاب وتختلف النوايا والدوافع بأختلاف الأشخاص وظروفهم .
وقد تكون السافرة مبتذلة وتمارس الرذيلة وقد يكون البعض منهن يخشى أرتداء الحجاب خوفاً من المجتمع المحيط بها وقد تكون فعلا إنسانة طاهرة ولكنها قد تربت على تقاليد البيئة التي نشأت فيها .
لهذا لا يصح فرض حالة معينة وتعميمها وعلى ضوءها يصنف الناس! هذا الكلام لمن يدرك معنى العقلانية ) أنتهى كلام الاستاذ الاغا .
تعليقي على كلام السعداوي
الفكرة واضحة في النصين اعلاه سواء كان كلام نوال السعداوي الكاتبة والأستاذة المصرية أو كلام فرقد الاغا المفكر العراقي .
وبعيدا عن فلسفة الحجاب والدليل على أهميته ووجوبه من عدمها إلا أن الملفت للنظر عدة امور قد اشار إليها استاذنا الاغا وبدورها تشكل أسس الحوار الحضاري بعيدا عن التعصب الاعمى سواء كان باسم الدين أو باسم التنوير والتحرر. وقد كانت العقلانية المتجردة عن القيود والترسبات هي الفيصل .
قال استاذنا المفكر العراقي فرقد الاغا :- [ أنا أرى كلام الاستاذة السعداوي رحمها الله هي ممارسة لفرض فكرة معينة. وهذا الاسلوب لا يختلف كثيراً عن أسلوب الرجعيين المتشددين، بينما يفترض على دعاة التنوير أن يدركوا بأن التحرر الفكري يقتضي عدم فرض الأفكار بإحدى لغات ووسائل الإكراه الفكري] .
وكلام الاستاذ الأغا أرى حسب رؤيتي أنه تام على عكس كلام الاستاذة السعداوي من خلال حصرها للدوافع النفسية للمرأة أن كانت راقصة أو متحجبة (بالجنس) بينما الاغا يرى أن بعض مُدعي التنوير والتحرر الفكري يمارسون الاكراه بطريقة رجعية شبيهة بسلوك واسلوب المتدينين المتشددين، وهذا منطق عقلاني وفيه مساحة للحرية في التعبير عن الرأي ولا يمكن أن تفرض الأفكار على الناس بالإكراه من خلال محاولة السيطرة على العقل الجمعي بهذه الاساليب السادية على قبول افكار معينة.
أشار الاستاذ الاغا قائلا : [ فالنوايا والدوافع لا تحدد بالشكل الظاهري للإنسان ] .
هذه العقلانية في حديث استاذنا المفكر تشير الى قاعدة اجتماعية تحتاج الى وقفة تأمل حيث أنها تؤكد على أن المرأة تستطيع بشتى الطرق أن تعرض بضاعتها على الاخر لو شاءت ذلك، وسواء كانت محجبة أو راقصة أو فقط سافرة . فليس معيارا أن تكون حصرا المنقبة أو الراقصة فقط هي من تريد عرض بضاعتها وتبتذلها ! فالانسان المنحرف والشاذ اخلاقيا يستطيع أن يرتدي لباس الصالحين لكي يخدع الآخرين والمرأة الغير صالحة والغير عفيفة بأساليبها تستطيع جذب الرجال اليها لتحقيق رغبتها، السؤال اين عقلانية الطرح في آراء السعداوي ومن على شاكلتها ؟! كيف غاب عنها هذا المنطق العقلاني في دراسة المجتمع وطبيعته ونواياه وتقاليده ورغباته المتباينة !
وقد قام الاستاذ فرقد الأغا بوضع قاعدة راقية أصيلة قائلا : [ لهذا لا يصح فرض حالة معينة وتعميمها وعلى ضوءها يصنف الناس ].
يفترض أن الاساس في الفكر الذي يطرحه التنويريين الغاية منه هو الاصلاح المجتمعي ونبذ المعايير اللاأخلاقية التي تفسد المجتمعات لا أن يزيد فوق الطين بلة، فعندما يصدر من مفكر أو باحث أو كاتب مثقف رؤية وفكرة سلبية حتما ستساهم بهدم المجتمع وكان حريا بالسعداوي أن تتعقل الفكرة دون ان تطلقها بشكل عبثي فالمشكلة معقدة وأكبر من ان تكون مسألة حجاب، الخلل في الفكر الهدام الذي لا يساهم في بناء مجتمع ، فأما ان يكون متدين متعصب خرافي أو لا ديني متعصب مضطرب، نحن بحاجة لعقول كبيرة تحتوي الناس وتشخص الامراض وتعطي الحلول السليمة المنطقية العقلانية، ولسنا بحاجة لتراكم اخطاء وافكار ورؤى مشوهة أن كانت دينية أو غير دينية !
ويفترض أن الفكر الاصلاحي هو المسؤول عن بناء المجتمع من خلال وضع أسس للحوار الحضاري الانساني بعيدا عن التهميش والاقصاء والقدح والتهكم والانتقاص وتصنيف الناس وليس من المنطق أن عقل انسان ما عندما يطرح فكرة يرى عقله معيار ومقياس وفكرته هي الاصح ومن يخالفها فهو أما كذا وأما كذا