فى مثل هذا اليوم3ابريل1512م..
السلطان العثماني بايزيد الثاني يتنازل عن العرش لابنه سليم الأول..
الملكُ الوَلِيّ والسُلطان الغازي ضياءُ الدين وعون الغُزاة والمُجاهدين أبو النصر بايزيد خان الثاني بن مُحمَّد بن مُراد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: الملكُ الوَلىّ غازى سُلطان بايزيد خان ثانى بن مُحمَّد بن مُراد عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II. Bayezid Han ben Fatih Sultan Mehmed)، ويُعرف اختصارًا باسم بايزيد الثاني، وبِلقبه بايزيد الوليّ أو بايزيد الصُّوفيّ، هو ثامن سلاطين آل عُثمان وسادس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده مُحمَّد الفاتح وأجداده من مُراد الثاني إلى مُرادٍ الأوَّل، وثالث من لُقِّب بِالـ«ثاني» من سلاطين آل عُثمان، وثاني من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا بعد والده الفاتح. والدته هي أمينة گُلبهار خاتون، وقيل مُكرَّمة خاتون، وكان مولده سنة 851هـ المُوافقة لِسنة 1447م، وهو بِكر أولاد السُلطان مُحمَّد الفاتح، وخلفهُ على عرش آل عُثمان بعد وفاته سنة 886هـ المُوافقة لِسنة 1481م.
كان السُلطان بايزيد الثاني ميَّالًا لِلسِّلم أكثر منهُ إلى الحرب، مُحبًّا لِلعُلُوم والآداب مُشتغلًا بها، ولِذلك سمَّاهُ بعض المُؤرخين العُثمانيين «بايزيد الصُّوفيّ». لكن دعتهُ سياسة الدولة والمُستجدَّات الخارجيَّة الخطيرة التي ظهرت في أيَّامه إلى ترك أشغاله السلميَّة المحضة والاشتغال بِالحرب، وكانت أوَّل حُرُوبه داخليَّة، ذلك أنَّ أخاه جَمًّا أشهر العصيان في وجهه وحاول بدايةً ادعاء الأحقيَّة لِنفسه بِالعرش، ولمَّا فشل في ذلك عرض على أخيه اقتسام الدولة بينهما، فيختصُّ جَمّ بِالبلاد الآسيويَّة وبايزيد بِالبلاد الأوروپيَّة، فلم يقبل بايزيد، بل حارب أخاه وقهره حتَّى أجبره إلى الالتجاء لِلدولة المملوكيَّة، وقد عاد جَمّ فيما بعد إلى الأناضول وحاول مُجددًا التربُّع على العرش فهُزم مرَّة أُخرى، واضطرَّ إلى الهُرُوب مُجددًا وعاش بقيَّة حياته منفيًّا في أوروپَّا الغربيَّة. ولم تحدث في عهد هذا السُلطان فُتُوحاتٌ ذات أهميَّة كبيرة في أوروپَّا، بل اقتصرت نشاطاته العسكريَّة على المناطق الحُدُوديَّة لِصدِّ الاعتداءات الخارجيَّة، فلم تتوسَّع الدولة بِشكلٍ كبير. وحدثت، في هذا العهد، أولى الاشتباكات العسكريَّة بين المماليك والعُثمانيين بِفعل مُتاخمة أراضي الدولتين عند أضنة وطرسوس، واشتداد التنافُس بينهما على زعامة المُسلمين، فسعى السُلطان المملوكي أبو النصر قايتباي إلى السيطرة على إمارة ذي القدريَّة الخاضعة لِلسيادة العُثمانيَّة، فاستقطب أميرها وحرَّضهُ على العُثمانيين، فوقعت عدَّة مُناوشاتٍ حُدوديَّةٍ بين الطرفين لم تهدأ إلَّا بِوساطة السُلطان الحفصي أبي يحيى زكريَّاء بن يحيى الذي نجح بِإقناع الطرفين على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بداية الاحتكاك. وعند وفاة السُلطان قايتباي واعتلاء السُلطان قانصوه الغوري مكانه استُأنفت علاقة الوداد والتقارب والتعاون بين المماليك والعُثمانيين، فأرسل السُلطان بايزيد عتادًا وموادًا أوليَّةً إلى مصر بِرفقة كبار الخُبراء العسكريين والفنيين لِصناعة سُفُن حربيَّة مُتطوِّرة في ميناء السويس بِهدف مُواجهة الخطر الپُرتُغالي المُتصاعد في بحر القلزم (الأحمر)، وتواترت الرسائل الوديَّة بين الطرفين التي عكست رغبة العُثمانيين والمماليك بِتصفية الأجواء بين دولتيهما، بحيثُ كان السُلطان الغوري يُخاطبُ السُلطان بايزيد بِألقابٍ تدُلُّ على مدى الاحترام والاعتبار الذي يوليه له، منها على سبيل المِثال: «الأخ الأعدل الأشجع».
شهد عهد بايزيد الثاني أيضًا سُقُوط الأندلُس وخُرُوجها من أيدي المُسلمين بِدُخُول الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلَّا مدينة غرناطة، آخر معاقل الإسلام في البلاد الأندلُسيَّة. وقد استنجد المُسلمون الأندلُسيُّون بِالسُلطان العُثماني ونظيره المملوكي لِتخليصهم ممَّا هُم فيه، فأرسل بايزيد أساطيله لِحمل المُسلمين واليهود الهاربين من الاضطهاد والقتل إلى البلاد الإسلاميَّة المُجاورة، بما فيها الأراضي العُثمانيَّة، كما قصف العُثمانيُّون بضعة مُدن خاضعة لِمملكة قشتالة انتقامًا لِلمُسلمين من جهة، ولِإلهاء النصارى وشغلهم عن الأندلُسيين الهاربين. شكَّلت هذه العمليَّات العسكريَّة بدايات ما عُرف بِالجهاد البحري، فقد أخذ الكثير من البحَّارة المُسلمين يُغيرون من تلقاء أنُفسهم على السُفن القشتاليَّة والپُرتُغاليَّة والإيطاليَّة انتقامًا لِلأندلُسيين ورغبةً من بعضهم في استغلال النزاع لِجني بعض الأرباح من خلال الإغارة على سُفُن الأعداء، وكان الشاهزاده قورقود بن بايزيد أوَّل من احتضن هؤلاء البحَّارة وأمَّن لهم الحماية، ومدَّهم بِالمُؤن والعتاد والذخائر. ومن الوقائع فائقة الأهميَّة في عهد بايزيد ظُهُور السُلالة الصفويَّة الشيعيَّة في أذربيجان وسيطرتها بزِعامة قائدها الشاه إسماعيل بن حيدر على أغلب البلاد الإيرانيَّة. وقد فرض الشاه إسماعيل التشيُّع على الناس ثُمَّ أخذ دُعاته يتغلغلون بين قبائل التُركمان في الأناضول الشرقيَّة وأرمينية ويُهدِّدون الهيمنة العُثمانيَّة في تلك البلاد، فتصدَّى لهم الشاهزاده سليم بن بايزيد وألحق بهم هزائم في عدَّة مُناسبات.
تكدَّر صفاء حياة بايزيد الثاني في سنيّ حُكمه الأخيرة بِعصيان أولاده عليه لِكثرة تدخُّل الساسة والوُزراء والقادة العسكريين بِأُمُور ولاية العهد، بعدما اشتدَّت الأمراض على السُلطان وأصبح غير قادر على مُعالجة أُمُور الحُكم بِكفاءته المعهودة. فدعم كُل فريقٍ أحد أولاد السُلطان، فحدثت فتنة في البلاد، لكنَّ الغلبة كانت في نهاية المطاف من نصيب سليم بن بايزيد، الذي التفَّ حوله قادة الجيش لِإصراره على مُواجهة الخطر الصفوي والتعامل معهُ بِجديَّةٍ فائقة، عكس أخويه اللذين لم يوليا هذا الأمر أهميَّته رُغم النوايا المُعادية لِلشاه إسماعيل الصفوي. أمام هذا الواقع، تنازل بايزيد عن المُلك لِولده سليم وسافر لِلاعتزال في بلدة ديموتيقة، فتُوفي في الطريق، ونُقل جُثمانه إلى إسلامبول حيثُ دُفن. عُرف السُلطان بايزيد لدى مُعاصريه بِالصلاح والتُقى، حتَّى رُفع إلى مرتبة الولاية، وبذل جُهُودًا على الصعيد الداخلي من أجل وضع الأُسس التي قامت عليها الدولة العُثمانيَّة لاحقًا، فدعا العُلماء والفنانين وشُيُوخ الطُرق الصوفيَّة إلى العاصمة الجديدة إسلامبول، وأسَّس الأوقاف وطوَّرها. وصفهُ المُؤرِّخ أحمد بن يُوسُف القرماني بِقوله: «وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ السَّلَاطِين الْعُظَمَاء. تَفَرَّع مِنْ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، وَتَزَيَّنْت بِاسْمِه رُؤُوس الْمَنَابِر، وَتَوَشَّحَت بِذِكْرِه صُدُورُ الْمَنَائِر».
السلطان الغازي سليم الأوّل القاطع (بالتركية العثمانية: غازى ياوز سلطان سليم خان أول؛ وبالتركية الحديثة: Yavuz Sultan Selim Han I أو I. Selim) هو تاسع سلاطين الدولة العثمانية وخليفة المسلمين الرابع والسبعون، وأوّل من حمل لقب “أمير المؤمنين” من آل عثمان. حكم الدولة العثمانية من سنة 1512 حتى سنة 1520. يُلقب “بالقاطع” أو “الشجاع” عند الأتراك نظرًا لشجاعته وتصميمه في ساحة المعركة، ويُعرف بالغرب بأسماء سلبية، فعند الإنگليز مثلا سمي “سليم العابس” (بالإنگليزية: Selim the Grim)، نظرًا لما يقوله بعض المؤرخين بأنه كان دائمًا متجهم الوجه. وعند الفرنسيين عرف باسم سليم الرهيب (بالفرنسية: Selim le terrible).
وصل سليم إلى عرش السلطنة بعد انقلاب قام به على والده، “بايزيد الثاني”، بدعم من الإنكشارية وخاقان القرم، ونجح بمؤازرتهم بمطاردة إخوته وأبنائهم والقضاء عليهم الواحد تلو الآخر، حتى لم يبق له منازع في الحكم. وفي عهده ظهرت السلالة الصفوية الشيعية في إيران وأذربيجان، ونشبت بينها وبين العثمانيين حرب ضروس انتصر فيها السلطان سليم، ومن ثمّ حوّل أنظاره نحو السلطنة المملوكية فغزا أراضيها وقضى عليها نهائيًا بعد أن استمرت 267 سنة.
تميز عهد السلطان سليم الأول عما سبقه من العهود بأن الفتوحات تحولّت في أيامه من الغرب الأوروبي إلى الشرق العربي، حيث اتسعت رقعة الدولة اتساعًا كبيرًا لشملها بلاد الشام والعراق والحجاز وتهامة ومصر، حتى بلغت مساحة أراضيها حوالي مليار فدّان يوم وفاته. وكان من نتيجة فتوحات السلطان سليم أن ازدهرت الدولة العثمانية في أيام خليفته، “سليمان الأوّل”، بعد أن أصبحت إحدى أهم دروب التجارة البريّة: طريق الحرير ودرب التوابل، تمر في أراضي الدولة، ولاكتسابها عدد من المرافئ المهمة في شرق البحر المتوسط والبحر الأحمر.!!