قراءتي وتحليلي لفقرة من الطلاسم لإيليا أبو ماضي.
﴿أيها القبر تكلم وأخبرني يا رمام
هل طوى أحلامك الموتُ، وهل مات الغرام؟
من هو المائت من عام ومن مليون عام؟
أيصير الوقت في الأرماس محوا؟
لستُ أدري…﴾
ينسب إيليا أبو ماضي للقبر ما يُنسب للإنسان، من كلام وأحلام وغرام، وربط ذلك بزمن غير معلوم ومعناه أن لا زمن، ولأنه لا زمن فلا وجود لتلك المعاني، فإن الشعور بالمعنى يلزمه وجود وهذا الوجود يلزمه زمن، وهنا يفتقد الشاعر الربط بين تلك المفارقات التي نشأت بين المعنى والقبر واللا زمن، والتي عبر عنها ب “لستُ أدري”، ولأن الوجود يتنافر مع فكرة الموت الضمنية في سياق ذكر القبر فإننا نعيد نسبة المعنى تلقائيا للميت قبل موته، ما يجعل هناك سبق للشعور بالوجود وبالمعاني فأفناها الموت، وفي جمالية المشهد يسأل الشاعر القبرَ عن تلك الماهية، ولأن الشاعر لم يلق جوابا ظل على قوله “لست أدري”.
لكن لم ينته التفكير في تلك الجزئية لمجرد الجهل بالماهية، ولكنه تعداها لغيرها، لما بعدها من تصور:
﴿إن أكن أبعثُ بعد الموت جثمانا وعقلا
أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كُلا
أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا
ثم هل أعرف بعد الموت ذاتي؟
لست أدري.﴾
افتقاد الذات بالموت ليس فقط جسمانيا ونفسيا وما يرتبط به، بل بالتخيل أيضا لما لو عاد كيف يكون؟، ويتطرق الشاعر بالإشارة للتحليل النفسي بالتعبير عن انشطار الذات، فأي ذات تكون وأي هوية بعد تفجير الموت لها؟، إنه موجب للصراع والعراك الداخلي حول الأنا في الموت وبعد الموت.
#محمدإسماعيل