( الْمَقَامَاتُ الْإِيَـادِيَّة ..!! ) .. د.مهندس/ إياد الصاوي .
**************************
تَقْدِيم …
*******
لعلَّ النَّاظِرَ فِيمَا كَانَ بِالأمسِ وَما هُو قَائِمٌ اليَومَ ..
يَجدُ البَونَ شَاسِعًا .. ولا يجدُ لِلْخَرقِ رَاقِعًا ..!
حتى أَفَلَتْ شَمسُ القِيَم .. وَاستُحِلَّتِ الحُرَم ..
وَخَرِبتْ الذِّمَم .. وَطَفَتِ الرِّمَم ..!!
فَجَاءَتْ هذهِ الفِكرَةُ .. تُجْتَلى مِنْهَا العِبْرة ..
لإِصلاحِ حَاضِرِنَا .. بِذِكرِ مَآثِرِنَا ..!
طَرِيفَة ظَرِيفَة .. أحكِي مَواقِفَ ذات اتِّصَالٍ .. أو انفِصَالٍ .. مُحاولةً لِسُلُوكِ الفَجِّ .. وَتَقوِيمِ مَا اعْوَجَّ ..!!
حَكَايَا أسُوقُهَا عَلى لِسانِ هُدْبَةَ وَالْخَلِيلِ .. والعُذرُ مِنْهُمَا فَالأَمْرُ جَلِيل ..
( الخليلُ بنُ أحمد الفَراهِيدي .. وَهُدبَةُ بنُ الخُشْرُم ) ..!
أمَّا الحُدَثَاءُ فَأفْتَرِصُ مِن أَسمَائِهم الكَثِير ..!
ومَا وردَ فيهَا مِنْ أسمَاءٍ لَا يَمُتُّ لِوَاقِعٍ أَو افتِرَاضِ ..
دَعَتْني إِليهِ الحَكَايَا .. وَمَا يَلزَمُ مِن الرِّوَايةِ ..!
وَالأَصلُ فِيهاَ الفُصحَى .. وقد تَرِدُ بِها ألفَاظٌ غَيرُ عَربية أَو عَامِّيَّة ..
وَأمثَالٌ شَعبِية .. وقَد أخَالِفُ قَوَاعِدَ الإِملاَء .. لِمَا حَلَّ مِنَ الْبَلاَء ..!!
وَسَأطْرِقُ كُلَّ الْمَجَالاتِ .. حَتى ” الْببجي ” والْمُبَاريَات ..!
وَكُلَّ مَا خَالَفَ الْفُصحَى وَضَعْتهُ بَينَ عَلَامَتينِ .. لِتَنْتَبِهَ يَا ابْنَ الأَكْرَمَيْن ..!
كلٌّ فِي سِيَاقِهِ وَمُقْتَضَاهُ .. فَإيَّاكَ أَنْ يَفْغُرَ مِنكَ الْفَاهُ .. !!
أسُوقُهَا سَوْقَ الطُرْفةِ الخَفِيفَة .. وَالضِحكَة اللَّطِيفة .. وَمقَاصِدُهَا شَرِيفَة ..!
وَيَأبَي اللهُ الْعِصمَةَ لِكِتَابٍ غَيرِ كِتَابِه .. وَالمُنصِفُ مَن اغْتَفَر قَلِيل خطأِ المَرءِ فِي كَثيرِ صَوَابِه ..
واللهُ المُوَفِّق ..
المؤلف ..
*********************
( الْمَقَامَةُ الأُولَى ) .. ( المَقَامَةُ الْفَايْسبُوكِّيَّة ) ..!!
“””””””””””””””””””””’
قَالَ الخَلِيلُ :
لَبِسنَا ثِيابَ العَربِ الحَدِيث .. وَنزَعنَا عنَّا العِمَامةَ وَالقَمِيص .!.
وَرَبطنَا فَرسَيْنَا .. وَأَلْقَيْنَا قَوْسَيْنَا ..!!
فَصِنَاعَتُنَا قَد رُمِيَتْ بِالكَسَادِ. لِمَا ظَهرَ فِي الأَرضِ مِنَ الفَسَادِ ..!
وَانْقِرَاضِ جيلِ الكِرامِ .. وَمَيْلِ الأَيامِ إِلى اللِّئَامِ ..!
فِي زَمَنِ العَوْلَمَة .. ” وَانتِي مَعَلِّمَة ” ..!!
قَالَ الخَلِيلُ : قُلْتُ لِـ هُدْبة ..
خُذْ فِي طَريقٌ .. وَأَنَا فِي طَرِيق ..
لِنَرَى مَا أَصْبَحَ عَلَيهِ القَوم .. وَمَا تَغيَّرَ مِنْ أَمْسٍ إِلى الْيَوم ..؟!
وَقَبلَ أَن نَّتَّفِق .. لِنَفْتَرِق ..
لَقِيتْنَا سَيارةٌ ذَاتُ أَنْوارٍ .. لَهَا ضَجِيحٌ يُحدِثُ الدُّوَار ..!
خَرَجَ مِنهَا رِجَالٌ خِفَافٌ كَالطِيُور .. وَأَعْيُنُهُم فِي رُؤوسِهِمْ تَدُور ..!
فَأَحَاطُوا بِنَا .. والْتَفّوا حَوْلَنَا ..
ثُمَّ نَزَلَ مِنهَا شَابٌّ عَلى أَكتَافِهِ نُجُوم ..
كُلّ مَنْ يَرَاهُ يَقُوم ..!
فَهَامَسْتُ هُدبةَ : مَن هَذا الهُمَام .. الذِي يُضْرَبُ لَهُ ” تَعظِيم سَلام ” ..؟!
قَالَ : سَنَعرِفُ الآن ..!!
ثُم قَالَ : أَمَعَكُمَا هَوِيَّة ..؟! قُلتُ : وَمَا الهَويَّة ..؟!
قَالَ : إِن لَّمْ يَكُن معكُمَا هويَّة أَخَذنَاكُمَا إلى الحَبسِ بِلا رَوِيَّة ..!
هُوَ كَالتِّيه .. حَتى نَستَخرِجَ لَكُمَا ” فِيش وَتَشْبِيه ” ..!!
ثُمَّ حَمْلَقَ فِينا النَّظر .. وَسكَتَ وَانْتَظر ..
فَلمَا رَأي ارتِخَاءَ مفاصِلِي .. وَخَوَاءَ حَوَاصِلِي ..
وَأدركَ كِبرَ سِنِّي .. قَالَ امْشِ يَا عَمِّي ..!!
فَخَلُّوا سَبِيلَنا .. وَلَا حِيِلَةَ لَنَا ..!
فَقُلتُ مَن هؤلاءِ الأبَالِيس .. ؟!
قَالُوا اسكُتْ عَافَاكَ اللهُ … ” البُولِيس ” ..!
فمَشَيْنَا كَأنَّنَا فِي أَحلَامٍ ذَاتِ ” كَوابِيس ” ..!!
وَتَفرَّقتُ أنَا وَهُدبَة كُل فِي طَرِيق .. لِنَسْتَجلِيَ خَبَرَ كُلَّ هَذا الْبَرِيق ..!!
فَاستَوقفتُ سَيَّارة .. فأخَذْتُ أتوَسَّمُهُا جِدّاً. وَأُقلِّبُ الطّرْفَ فيهِا مُجِدّاً ..!!
لَا تُشبِهُ بَغْلتِي الصَّهبَاء .. وَلا أَتَانِيَ العَرجَاء ..!
تَجرِي كَالرِيح .. وَأنا جَالِس مُستَرِيح .. !!
قَالَ الْخَليلُ : فَجَلَستُ بِجِوَارِ شَابٍّ ..
قُلتُ السلامُ عَليكم يَا فَتَاي .. لَوَّحَ بِيَدِهِ : ” هَاي ” ..؟!
قُلتُ : مَا اسمُك ..؟! قَالَ : ” مِيدُووو ” ..
قلتُ مَادَ .. يَمِيدُ .. مَيْدًا .. مِن طَرَبٍ .. أَم مِن عَجَبٍ ..؟!
فَنَظَرَ إِليَّ وَلَمْ يَرُد عَليَّ .. كَأنَّهُ أَو كَأَنَّنِي أَعجَمِيّ .. ؟!
قَد أسدَلَ شَعرَه .. وَفَتحَ أَزرَارَ قَمِيصَ صَدرِه ..
يَلُوكُ العَلَك .. كَأنَّهُ بَعضُ بَناتِ بَنِي المُصطَلق ..!!
وَرَأيتُ بِيَدهِ شَيئًا كُلَّمَا نَظرَ فِيهِ تَبَسَّمَ .. وَبَرْطَمَ وَبَرْجَم ..!!
قُلتُ : مَا هَذا أَيُّهَا الْمَأفُون ..؟! قَالَ : هَذا ” آي فُون ” ..؟!
الْعَالَمُ فِيهِ قَد حُصِر .. وَعَلَيهِ الْجِيلُ قَد اقتَصَر ..!
أَرَى العَالمَ مِن شَاشَتِه … عَلَى رَغْمِ هَشَاشَتِه ..!
فَتَظَرْتُ فِيه .. وَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيِه ..!
فَوَجَدتُ مَا يَجِدُ الحَائِرُ الْوَحِيد .. وَرَأيتُ مَا كُنتُ مِنهُ أَحِيد .!!.
فَقُلتُ : وَمَا الفَائِدة .. وَهلْ وَرَاءَهُ مِن عَائِدَة ..؟!
فَحَمْلَقَ إِليَّ .. حَتَّى كَادَ أَن يَسْطُو عَليَّ ..!!
وَقَالَ : حُمقُكَ شَهيرٍ .. وَعقْلكَ صَغيرٍ .. وَلا يُنَبّئكَ مثلُ خَبيرٍ ..!!
قُلتُ : فِي الْمَثَل ” الْغَرِيبُ لَوْ صَحّ أَحسَنُ مِن أَلفِ أَخّ ” ..!
فقال : أُوصِيكَ بِاستِعمَالِه .. وَالانتِفَاعِ بِنَوَالِه ..
سَيُغْنِيكَ عَن قَوْمِك .. وَيَكُونُ كَلَحمِكَ وَدَمِك ..!!
وَعَلَيْكَ بِمَواقِعِ التَّوَاصُل .. بِهَا تَزِيدُ الأَوَاصِر ..
فَأَنْصَحُكَ بِـ ” الفايس بُوك ” .. وَإِيَّاكَ وَالْـ ” تِيك تُوك ” ..!!
وَشَارِك بِالْمُنتَديَات ..
وَلَا بَأسَ بِـ ” الشِّير ” والإعجَابَات ..!!
وَرُبَّمَا غَمَزَتكَ إِحدَاهُنَّ فِي التَّعلِيقَات ..
وَيكُونُ لَكَ مَعَهَا فِي الْخَاصِّ هَنَّاتٌ وَهَنَّات ..
فَأَصغَيتُ لِمَا أَوْصَانِي .. لِاُزِيِحَ عَنِّي مَا أُعَانِي ..!!
فَأنْشَأْتُ عَلى ” الفَايس بُوك ” الْحِسَاب .. وَدَخلتُ مِن هَذا البَاب ..!
وَبَدأتُ مَا عَزَمْتُ .. وَاسْتَقْبَلْتُ مَا نَوَيْتُ ..!
فَطَرَقتُ بَابَ مُنتَدَى .. وَنَدِمتُ علَى الغُرْبَةِ فِيمَا مَضَى ..!!
وَقُلتُ : سيُغْنِي عَنِ الخبَرِ العِيَانُ .. ويُنْبِئُ عَنِ النَّارِ الدُخانُ ..!!
فَاختَرتُ مَجمُوعةً مَوْسُومَةً بالاحْتِرامِ .. مَنسُوبَةً إلى بَنِي حَرامٍ ..!!
ذات مَنشُوراتٍ مَشهودَةٍ .. وبَرامجَ موْرودَةٍ ..!
وَلُغَة وثيقَةٍ. وَصُورٍ أنيقَةٍ .. وَمجَالاتٍ أثيرَةٍ .. ومَزَايَا كَثِيرةٍ ..!!
وَالنِّسَاء فِيهَا كُلُّهُنَّ فَاتِنَات ..
وَيَبْدُو هَذا مِن صُورِ ” البُروفَيْلَات ” ..!!
فَهذِه وَردَةٌ بَيْضَاء .. وَهَذهِ حَمْرَاء ..!
وَتلكَ عَسْجَدِيَّة .. وَأُخْرَى مَرْمَرِيَّة ..
وَكَأنَّهُنَّ نَزَلنَ مِنَ السَّمَاءِ .. وَلَمْ يُخْلَقْنَ مِن طِينِ وَمَاءٍ ..؟!
كُلُّهُنَّ ” كِيُوت ” .. كَ الْكَرْزِ وَالتُّوت ..!
قُلتُ فِي نَفْسِي .. وَقَدْ نَسِيتُ أَمْسِي :
إِذَا كُنَّ كُلُّهُنَّ مَلِكَات .. فَمَنْ لِلْبُيُوتَات ..؟!
وَمَنْ تُرَبِّي الْبَنِينَ وَالْبَنَات ..؟!
وَمَن تَعجِن وَتَخْبِز وَتَصْنَعِ ” الْبَاسْبُوسَة ” .. أَو تَحْلِبُ الجَامُوسَة ..؟!
قُلْتُ : لَعَلَّهَا زَوْجَتِي ” أُمّ نُوسَة ” ..!!
فَاخْتَرتُ مِنْهُنَّ وَاحِدَة .. لَيْسَتْ فِي أَحَدٍ زَاهِدَة ..
أَرْسَلتُ إَلَيْهَا طَلَب الصَّدَاقَة .. فَأسْرَعَتِ الْاسْتِجَابَة ..!!
فَإذَا مُتَابِعِيهَا فِي ازْدِهَار .. وَاسمُهَا أَزْهَار ..
وَعَقْلِي مِن مَفَاتِنِ صُورَتِهَا طَار ..!!
فَغَمَزْتُهَا مِن طَرْفٍ خَفِيّ ..
فَقَالَتْ : فِي الخَاصِّ يَا ذَكِيّ ..!!!
فَتَحدَّثنَا إِلى أَن بَلغَ اللَّيلُ غَايَتَه .. وَرَفعَ الفَجرُ رَايَتَه ..!
ثُمَّ سَأَلَتْنِي أَتَدرِي مَن أنَا ..؟! قلتُ : أزْهَار ..
قالَتْ : بَلْ أَنَا عَطِيَّة بن عَمّ حِمدَان ” بِتَاعِ الفِشَار ” .. !
قلتُ ” يَا نْهَار ” ..!!
قلتُ لَهُ : فَمَا أعْظمَ خُدَعَكَ .. وَأخْبَثَ بِدَعَكَ ..!!
وَسَدَلْتُ الذّيْلَ. عَلى مَخَازِي اللّيْل
وقلتُ :
أمَا تَعْلَمُونَ أنّ لَبُوسَ الصِّدقِ أَبْهَى المَلابِسِ الفَاخِرةٍ ..!
وَأَنّ فُضُوحَ الدُنيَا أَهوَنُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ ..!!
ثمّ تأوّهَتُ تأوَّهَ الأسيفِ .. وأنشدَتُ بِصَوتٍ ضَعِيفٍ :
” تِيتْ تِيتْ زَيّ مَا رُحتْ زَيّ مَا جِيتْ ” ..!!
وَعَلِمْتُ أنَّ ” الحِدَّاية مَتحدفش كَتاكِيتْ ” ..!!
وَأنَّ هؤلاءِ أبناءُ العَفَارِيت ..!!!
فَلبِستُ العِمَامَةَ والْقَمِيص ..
وقلتُ : تَبًّا لِـ ” الفِيس ” .. بَعضُ الرِّجَالِ هُنَا كَ التِّيس ..!!
فَعَملتُ لَهُ ” بُلُوك ” ..
وَوَدَّعْتُ ” الفايس بوك ” .. !!
وَعبَرَاتِي يَتَحدّرْنَ مِنَ المَآقِي .. وزَفَرَاتِي يَتصَعّدْنَ مِنَ التّرَاقِي .. وَكَانَتْ هَذِهِ خَاتِمَةَ التَّلاقِي ..!
ثُمَّ تَذَكرتُ هُدبَة .. وَلَعلَّ شَيئًا جَذَبَة ..!!
فَإِذَا هُوَ أمَامِي ..
قلتُ ” افتكَرتُ القط جِه يُنط ”
نَادَيْتُه : لَنْ أُكْمِلَ هَذَا الأَمر .. دُونَهُ القَبر ..!
فقَالَ : ” نَام عَلى الجَنب اللِّي يَريَّحك ” ..!
قُلتُ : مَا أَقْبَحَك ..!!؟
فَأَخَذَ فِي الضَّحِك .. وَقَالَ : سَمعتُ فِي الأَمثَال ..
” صَباح الخِير يَا جَارِي قَال أنت فـ دَارِك وأنَا فـ دَارِي ” ..
لَقَد غِبْتَ عَنِّي يَوْمَيٰن .. وَرَجَعتَ بِخُفَّيّ حُنَيْن ..!!
وَصَدَقَ أَهلُ مِصرَ فِي مَثَلِهِم ..
” احفر نَفق بِمسمار وَلا تَجَادِل حِمَار ” ..!
فقلتُ لَهُ : ” عَليَّ الطَلَاق ..
لَسْتَ لي برَفيقٍ .. ولا طَرِيقُكَ لِي بطَريقٍ ..!
فخَلِّ سَبيلي ولا تُنقِّبْ ..
ثمّ ولّيّتُ مُدْبِراً ولمْ أعَقّبْ ..!!.
************************