في مثل هذا اليوم 18 ابريل1855
حاكم مصر محمد سعيد باشا يقرر إنشاء مجلس تجار مختلط من المصريين والأجانب، وقد تسرب من هذا المجلس القانون الأجنبي ليحل محل المعاملات في الشريعة الإسلامية.
سعيد باشا (و. 1822- ت. 1863)، هو والي مصر من 1854 إلى 1863 تحت حكم الدولة العثمانية. كان الابن الرابع لمحمد علي وكان ذو نزعة غربية حيث تلقى تعليمه في باريس.
هو ابن محمد علي باشا، ولد سنة 1822م واختار له والده السلك البحري فدربه على فنون البحرية وجعل شأنه شأن تلاميذها، ولما أتم دراسته انتظم في خدمة الأسطول، واعتاد النظام الذي هو أساس الحياة العسكرية، وارتقي سعيد في المراتب البحرية حتى وصل في أواخر عهد أبيه إلى منصب “سر عسكر الدوننمه” أي القائد العام للأسطول. وقد امتاز سعيد بالعديد من الأخلاق الحميدة منها شجاعته وميله إلى الخير وتسامحه وحبه للعدل.
توليه الحكم:
تولى سعيد باشا الحكم بقرار صادر من الباب العالى في الأسيتانة وقد حكم في الفترة ما بين 1854م حتى 1863م وقد ولد محمد سعيد باشا في الإسكندرية في عام 1822 م وأعتنى محمد على الكبير بتربيته ونشأته , وكان محمد سعيد يحب المصريين ويكره التراك والشراكسة , وكان يميل للأوربيين وخاصة الفرنسيين منهم وكان كوال فترة حكم والده محمد على باشا يعيش في الأسكندرية وكان يعيش في الأسكندرية في ذلك الوقت بيت القنصل الفرنسى في الأسكندرية وكان أبن نائب القنصل الفرنسى هو فردينان دي ليسبس , وكان سعيد اثناء طفولته يذهب للعب في بيت هذا القنصل مع ابن النائب فتوطدت الصداقة بين أبن نائب القنصل فردينان دي ليسبس وسعيد , وحدث أن نائب القنصل الفرنسى نقل إلى فرنسا وبالطبع معه إبنه إلى باريس.
إنجازاته:
ففي المجال الاقتصادي نجده قد خفض الضرائب على الأرض الزراعية ، وأسقط المتأخرات التي وصلت إلى 800.0000 جنيه فاستراح الفلاحون من أعباء الضرائب والمتأخرات التي كان عمال الجباية يرهقونهم للحصول عليها ، ومنح الفلاحين حق تملك الأرض طبقاً لقانونه الشهير “اللائحة السعيدية” الصادرة في 5 أغسطس سنة 1858 ؛ فشعر الفلاحون بالراحة والطمأنينة، علاوة على ذلك ألغى ضريبة الدخولية التي كانت تجبى على الحاصلات والمتاجر فكانت مصدر إرهاق للأهالي وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار واشتداد الغلاء فكان إلغاؤه لها تخفيفا عن الأهالي وتحريرا للتجارة الداخلية. كما قام بتطهير ترعة المحمودية وإتمام الخط الحديدي بين القاهرة والإسكندرية الذي كان قد بدأه عباس باشا. كما مد الخط الحديدي بين القاهرة والسويس وفتح للمواصلات سنة 1858 فعاد على ميناء السويس وعمرانها بالفوائد الجمة. كما اهتم بالملاحة التجارية الداخلية والخارجية فأنشأ شركتين للملاحة أحداهما نيلية (1854) والأخرى بحرية (1857).[1]
وفي المجال الاجتماعي والثقافي أصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين وأصلح مجلس الأحكام بعد أن قام بعدة تغييرات في هيكله، كما أصلح القضاء الشرعي. كما منع نقل الآثار المصرية إلى الخارج التي كانت نهباً لتجار الآثار والمغامرين ، وجمعها في مخازن أعدت لها في بولاق. وأصلح جامع السيد البدوي في طنطا، وأصلح نظام الإدارة وأنهى الاختلاط الذي كان متبعاً في التقويم حيث كان هناك التقويم الهجري والميلادي والقبطي فحدد لكلٍ وظيفته.
أما عن إصلاحاته الحربية قام سعيد بتقصير مدة الخدمة العسكرية ثم عممها على جميع الشبان على اختلاف طبقاتهم، فجعل متوسط الخدمة سنة واحدة وبذلك أدخل في نفوس الناس الطمأنينة على مصير أبنائهم المجندين، وعلاوة على ما تقدم فإن سعيد باشا عنى بترفيه حالة الجنود والترفيه عليهم من جهة الغذاء والمسكن والملبس وحسن المعاملة وكان سعيد ميالا إلى ترقية الضباط المصريين.
كما أمر سعيد باشا بدخول أولاد مشايخ البلاد وأقاربهم في العسكرية، وكان نتيجة ذلك دخول أحمد عرابي وأمثاله في سلك الجندية، وهو الأمر الذي أدى إلى صدام بين المصريين والشركس في عام 1881، وقرار الخديوي توفيق بالاستغناء عن الضباط المصريين، وهو ما أدى إلى الثورة العرابية ثم الاحتلال الإنگليزي لمصر.
ولقد خاضت مصر في عهد سعيد باشا حربين الأولى حرب القرم التي استمرت بعد وفاه عباس باشا وأرسل سعيد باشا نجده إلى الجيش المصري واستطاعت تركيا وحلفائها بفضل بسالة الجيش المصري التفوق على الروس وإبرام الصلح بينهما سنة 1856م في مؤتمر باريس.
أما الحرب الثانية هي حرب المكسيك وقد تأخذك الدهشة في اشتراك مصر في حرب المكسيك بأمريكا إذ لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولكن كذلك شاءت ميول سعيد نحو نابليون الثالث إمبراطور فرسنا في ذلك العهد وصداقته له أن يلبي دعوته حينما طلب إليه أن يمده بقوة حربية مصرية تعاون الجيش الفرنسي بها.
نقد:
من أقواله «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة» وقال ذلك بعد إغلاق المدارس العليا (الكليات) التي أنشأها والده. أسس البنك المصري في 1854 م.
بعد اغتيال عباس باشا، تولى سعيد باشا بن محمد على باشا الحكم وهو فى الثانية والثلاثين من العمر. كان سعيد قائدا فى البحرية المصرية، كما كان مقربا من والده، وكان قد مكث فترات طويلة فى فرنسا، مما جعله يحاول إعادة عصر نهضة أبيه مرة أخرى فاعتمد سعيد باشا استراتيجية تكونت من 5 محاور:
المحور الأول هو إعادة هيكلة ودعم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للبلاد. ولعل أبرز إنجازات سعيد فى هذا الإطار هو حصوله على إذن من الباب العالى ليكون والى مصر هو المختص باختيار القضاة مما عزز استقلال القضاء فى البلاد. كذلك فقد استحدث سعيد نظاما للمعاشات وذلك للموظفين المتقاعدين، وهو كان البداية الحقيقية لنظام المعاشات المعمول به حتى الآن.
أما المحور الثانى فقد تمثل فى إعادة تطوير الجيش المصرى بعد سنوات من إهمال عباس لهذا التطوير. وقد شارك الجيش المصرى فى عهده فى حربين الأولى فى حرب القرم إلى جانب العثمانيين، والثانية فى المكسيك إلى جانب الفرنسيين.
المحور الثالث تمثل فى تعزيز علاقات مصر بالأقاليم التابعة لها وتحديدا السودان والحجاز.
فيما كان المحور الرابع مستندا إلى إعادة العلاقات التحالفية مع الدول الأوروبية وفى ذلك فقد كان سعيد باشا منحازا لفرنسا على حساب بريطانيا عكس سلفه!
وأخيرا فقد تمثل المحور الخامس فى إعادة الاهتمام بمشاريع البنية التحتية وأهمها مشاريع السكة الحديد وإصلاح ميناء السويس وتطهير ترعة المحمودية وإنشاء شركتين واحدة للملاحة النيلية والأخرى للملاحة البحرية، كما أعاد سعيد باشا سياسة النهضة التعليمية التى كان قد بدأها والده قبل عدة عقود.
لعل الإنجاز الأهم لسعيد باشا كان بدء حفر قناة السويس، التى كانت واحدة من أهم المشاريع العملاقة فى التاريخ المصرى الحديث، بحيث أنها جعلت لمصر أهمية استراتيجية كبرى، وهو الطريق الملاحى الذى مازال يفيد التجارة العالمية بأثرها حتى اللحظة. ورغم ذلك فقد كان تنفيذ المشروع نفسه يحوى الكثير من السلبيات وأهمها قطعا كانت بداية مصر عهد من الاستدانة الكبيرة من الدول الأوروبية وتحديدا فرنسا وإنجلترا، مما أضعف من القرار المصرى أمام هذه الدولة وحولها إلى دولة تابعة، كما كان الاستعانة بالفلاحين لبناء القناة مؤثرا وبشدة على الثروة الزراعية لمصر طوال مدة الحفر، هذا بالإضافة أن القناة جعلت مصر من تلك اللحظة فصاعدا مطمعا للقوى الأوروبية!
ولكن كانت السلبية الكبرى من وجهة نظر المؤرخين، هى أن القناة وعائداتها وإدارتها كانت وبشكل حصرى للفرنسيين والبريطانيين، ولم تستفد مصر كثيرا من عائدات قناة السويس سوى بعد تأميمها عام 1956 فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر. هذا وبالإضافة إلى ذلك فقد أصبحت شركة قناة السويس هى الحاكم الفعلى لمصر، فقد تدخلت فى شئون الحكم دون مقاومة تذكر من سعيد باشا!
ورغم هذه السلبيات جميعا، فقد كان حكم سعيد باشا فى النهاية محاولة جادة بل وناجحة فى بعض الأحيان لاستعادة أمجاد عهد محمد على باشا واستكمال النهضة المصرية التى عطلها عباس حلمى، فقد عادت مصر إلى مكانتها الإقليمية واستكملت مشاريعها القومية، ولكن كما كان الحال فى عهد محمد على باشا، فقد كان ذلك مجددا على حساب فلاحى مصر الذين دفعوا أثمان باهظة من حياتهم وحياة أسرهم ثمنا لهذه النهضة، ويبدو أن هذه معضلة ارتبطت بالنهضة المصرية طوال تاريخها الحديث!
لم يمهل القدر سعيد باشا الكثير، فقد أصابه المرض وهو فى الأربعين من العمر، ولم ينجح علاجه فى أوروبا فعاد ليتوفى فى مصر قبل أن يكمل عامه التاسع فى الحكم، لتبدأ مصر مرحلة جديدة من تاريخها فى عهد الخديوى اسماعيل بن ابراهيم بن محمد على…!!