لعبة المشهد النفسي ذات اللقطة الواحدة في القص الوجيز
مقاربة في فهم اللعبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحاول هنا ملاحقة أسماء لها حضور لافت وقوي في مشهد القص الوجيز منهم من فاز في مسابقة الرابطة السورية
في هذه الملاحقة نتحرى كشف اللعبة لدى كل منهم في موضعة المشهد النفسي كمكافئ لقوة الحدث مما يوهم النفس انك امام حدث حقيقي يغير من تلقي الواقع من حجمه الخطي الى قفزات المغزى وقد وجدنا في هذه العجالة انهم يستعملون الإمكانات الشعرية والفلسفية والسوريالية ووجدنا منهم وعيا حادا في فهم حركية المفارقة التي تعطيك واعزا شعوريا بحضور الحدث وان لم يحضر
اذن ما حقيقة ماهية الحدث النفسي الذي يرد في القص الوجيز؟ هل هو مشهد مبني لأثر الحدث لا الحدث؟ هل هو موسوعة ادراكية تجر خلفها النسق المضمر
المشهد النفسي في القص الوجيز إشكالية تتوارث أسئلة كبرى لأنه صيغة بناء لحدث يتم إنجازه في رد الفعل وهذه واقعية مؤجلة فمتى حضر المثير ستكون اللغة مرايا تنقل اللحظات التي ستكسب رد الفعل فيتحقق الحدث
أرى ان المشهد النفسي في القص الوجيز يقوم بتخليق حدث لا تستطيع المفردة في اللغة تملكه ولا يستطيع هو ان يكون محمولها فهذا الحدث هو فكرة فلسفية او شعرية او (مفارقية / نسبة للمفارقة) أو سوريالية وسبب كونه على هذا التنميط الرباعي هو لإستيراد ما يكافئ قوة الحدث في ماهيته الخارجية والمادية وعلى النحو التالي
1- يستورد من الشعر طاقته لتصعيد الفكرة الى مستوى الفعل مع ضمان البقاء في عوالم المعنى لان الشعر ليس فيه إحالة و(في الحقيقة تفقد الكلمة في الشعر احالاتها لتلاقح الاحالات وقوة الغلبة تكون لما يحفزّنا على استقبال المضمون الفكري للعمل حتى لو كانت قيمة هذا المضمون صفرا) 1
والمشهد النفسي في حاجة ان يكون علائق معنى لا إحالة
2- تتحول الفكرة في اتصالها بفلسفة الحالة الهدف الى استعارة فلسفية مما يكسبها حضور معنى الحدث وقوته الانجازية دون وجوده لغويا والاستعارات الفلسفية هي احداث مفرغة من الزمن
3- يستعير المشهد النفسي من المفارقة طاقتها في الارباك والتحفيز فالمفارقة ذات امشاج مختلطة من شبه الفلسفة او الشعر في التلاعب في نقلات رد الفعل
4- يجد المشهد النفسي في النزوع السوريالي ضالته ولكنه هنا تقوم بتدجين السوريالية في الأهداف الواقعية عكس الشائع منها
المشهد النفسي شعريا
يلجأ لهذا النمط صابر المعارج في قصته تأنيب
كلّما أطبقتُ جفنيَّ رأيتُها…
الفتاةُ الّتي كنتُ فارسَها الأوّلِ؛ تخطُّ في الرّمالِ جواداً بلا فارسٍ.
كذلك الدكتور Mohammad Yassin Sobeihفي قصته حوار
حوار
قال لها:
لا تنتظريني عند البارحة
قالها وهو يرسم نافذة في الهواء
المشهد النفسي فلسفيا
يلعب Yaser Aboajeebعلى الاستعارة الفلسفية الواقعة هنا كمكافئ للمفارقة
جرأة
انغمستُ في قراءةِ كتبِ دارون، أحسستُ بميولٍ إلى القفزِ فوق الأشجار، أسقطتني يد الله في الطّين.
المشهد النفسي الثاوي في المفارقة
يذهب هذا المذهب كل من مصطفى شقرة في قصته
وجل
حينَ رأَتْ ملامحِي، سَرَتْ في عروقِهَا رعشةٌ، انتفضَتْ تتحسَّسنِي، امتثلْتُ لرغبَتِهَا.. مذُ فقدَتْ ذاكرتها؛ يضطربُ نبضِي، ويستوطنُ ظلِّي إنسانٌ ميّتٌ.
كذلك عبد الله الميالي في قصته مساومة
مساومة
انتهتِ المعركة.
وأنا أشاهد القائد يصافحُ العدوَ، حطّمتُ سَاقِي البلاستيكية.
المشهد النفسي في نزعته السوريالية
نلاحظ عبدالله الميالي في قصته قرار
قرار
كلّما قدّمَ استقالته يُرفضُ الطلبُ. قرّرَ الانتحارَ.
أدارَ الحبلَ الرفيعَ حَوْلَ عمودِ الكهرباءِ.
تدلّى ضاحكاً حذائي.
كذلك مصطفى شقرة Mustafa Shakrah قصته عدمية
عدمية
أطلْتُ التّحديقَ نحوَ الأفقِ، نَمتْ بداخلِي رغباتٌ مُلحّة، بيني وبينَ إشباعِها؛ مسَافةُ جِدار… أدرْتُ ظهري، مُشيّداً فِي عينِي مقصلةً جائعةً.
ويذهب هذا المذهب صابر المعارج في قصته خواء
خواء
ذلك الهرم، تحت الجسر، فوق النّفق؛ معلّق في ذاكرة الطّريق العتيق…
ينزف أيّامه حياءً في كفّه الفارغة!
حيدر الأديب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) المعنى والكلمات / سعيد الغانمي ص 60