في مثل هذا اليوم 26 ابريل750م..
جيش العباسيين يدخل دمشق عاصمة الدولة الأموية، بعد 3 أشهر من انتصار العباسيين على الخليفة مروان بن محمد في موقعة الزاب، انتهت في هذا اليوم الحقبة الأموية التي استمرت 90 عاماً. قام العباسيون لاحقاً بنقل عاصمة الدولة الإسلامية من دمشق إلى الكوفة ثم بغداد.
أدت حالة الضعف التي مرت بها الدولة الأموية بسبب الاضطرابات السياسية والثورات المسلحة والهزائم المتلاحقة إلى تفكك تلك الإمبراطورية الكبيرة وبزوغ نجم العباسيين.
وبعد نحو 3 أشهر من هزيمة الأمويين أمام العباسيين في معركة الزاب شمال العراق تمكن العباسيون في 26 أبريل/نيسان 750 م من اقتحام أسوار عاصمة الدولة الأموية دمشق وإعلان انتهاء نحو 90 عاما من الحكم الأموي.
وبعد الانتصار الكبير الذي حققه العباسيون قرروا نقل العاصمة إلى العراق حيث الكوفة ثم الأنبار، قبل تشييد بغداد لتكون عاصمتهم الدائمة.
سقوط الدولة الأموية كان متوافقا مع سنّة التاريخ ونتاجا لتراكم عوامل الضعف المختلفة التي كانت تعاني منها، فقراءة التاريخ تدل على أن الدولة التي تفقد مقومات البقاء تسير في طريق الانهيار الذي لا يمكن لها إيقافه
ويعود سبب ضعف الدولة الأموية إلى عدة عوامل، منها الانحلال الذي سرى في جسم الدولة، والصراعات الداخلية ذات الطابع السياسي أو القبلي، وتوقف حركة الفتوحات، مما أوصل الخلافة الأموية إلى حالة من الركود.
وانواقع الأمويين أوجد وبشكل متدرج البيئة المحفزة لإسقاطهم، ومنح خصومهم -على اختلاف انتماءاتهم- الفرصة لاستثمار تلك العناوين، وهو ما تحقق للدعوة العباسية.
ويبين أن شعار العباسيين في الدعوة إلى المساواة، وصلة القربى بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والإصلاح جذب العديد من الفئات التي استهواها الشعار، وخاطب حاجة في دواخلها، وفي مقدمتها الشعوب غير العربية، واستثمار حالة الصراع القبلي التي كانت موجودة، وإحياء الموروث القديم لخراسان، واختيار أبي مسلم الخراساني الذي شكل تحولا نوعيا في مسار الدعوة العباسية، فاجتمعت الظروف المساعدة والقادة المؤثرون والبيئة الملائمة لتشكل هذا الحدث بأطرافه المختلفة.
سقوط دمشق
اما هن معركة مفصلية حدثت في 11 جمادى الآخرة 132هـ الموافق 25 يناير/كانون الثاني 750 بين العباسيين والأمويين قرب نهر الزاب الكبير، وهو أحد روافد نهر دجلة، ويقع في شمال العراق بين الموصل وأربيل.
و هذه المعركة انتهت بهزيمة مدوية للأمويين بقيادة الخلفية الأموي الأخير مروان بن محمد الذي فر بعدها إلى مصر حيث قتل هناك، وكانت تلك المعركة النهاية الفعلية لحكم الأمويين وبداية عهد الخلافة العباسية.
و بعد هزيمة الزاب كانت التطورات متسارعة، فبدأت مدن الشام تخلع طاعتها للأمويين، وتخضع لسيطرة العباسيين، مثل مدن قنسرين وحمص وبعلبك، ولم تمتنع إلا دمشق لشهر ونصف بعد أن حوصرت وضيق عليها ولم تعد قادرة على الصمود حتى دخلها العباسيون.
و قيام دولة الخلافة العباسية يعد ثورة شاملة في التاريخ الإسلامي –
دور الفرس
يعد قيام دولة الخلافة العباسية ثورة شاملة في التاريخ الإسلامي، وقد حاول المؤرخون كشف مكنونات هذا التحول وتفسيره منطلقين من مفاهيم مختلفة، إذ رأى فيه بعضهم ثورة الفرس على الحكم العربي، في حين علله بعضهم بأنه مجرد ثورة على بني أمية لإزاحتهم عن الحكم..
و أن سياسة الدولة الأموية التي حرمت الموالي الفرس من جميع امتيازاتهم المادية سببت الاضطرابات التي أدت إلى زوال ملكهم، واستمر التذمر الاقتصادي للموالي في كل مكان، وكان موالي خراسان أكثرهم تذمرا.
كما ان العباسيين استغلوا نقمة الفرس، فقاموا بتوجيه أبي مسلم الخراساني لإظهار الدعوة العباسية في خراسان، وتمكن من دخول مدينة مرو واستولى على فارس، ثم اتجهت جيوشه نحو العراق، وتمكنت من هزيمة الجيوش الأموية ودخلت البصرة والكوفة في عام (132هـ/ 749م)، وفي هذا الوقت توجه أبو العباس السفاح إلى الكوفة وخطب في الناس معلنا قيام دولة الخلافة العباسية.
و حصول الفرس على مكاسب كثيرة نتيجة الإسهام في سقوط الحكم الأموي، فحين قامت الدولة العباسية اتخذت من الفرس نظام الحكم، فكان أول وزير للعباسيين هو أبو سلمة الخلال الفارسي، وصار الحكم مماثلا لما كان في عهد آل ساسان، كما اتخذ الخلفاء من الموالي الخراسانيين حرسا لهم لثقتهم العالية بإخلاصهم للعباسيين، إلى جانب طغيان الأزياء الفارسية في البلاط العباسي.
واغلب وزراء العهد العباسي الأول كانوا من الأسر الفارسية، مثل أسرة البرامكة التي ذاع صيتها في الآفاق وراح تأثير رجالها يطغى على مكانة الخليفة، إلى جانب أسرة بني سهيل.
يرجع سبب اختيار الكوفة عاصمة للعباسيين في بدايتها إلى أن فيها أنصارهم
لم يبق العباسيون عاصمة الخلافة في دمشق بعد أخذها من الأمويين، لأن دمشق والشام كلها كانت مركز بني أمية وفيها أنصارهم من القبائل العربية،
و سبب اختيار الكوفة عاصمة للخلافة العباسية في بدايتها إلى أن فيها أنصارهم الذين قامت عليهم الدعوة العباسية، قبل أن تتغير ميولهم نحو العلويين، ولم يكن فيها موالون للأمويين، كما أنها بعيدة عن الشام الأموية بولائها، وبعيدة عن أخطار البيزنطيين وغاراتهم، إضافة لحاجتهم إلى الثروات والموارد التي يتمتع بها العراق.
ويلفت إلى أن ضعف ثقة الخليفة أبي العباس السفاح بإخلاص أهل الكوفة وعدم اطمئنانه لولائهم للعباسيين دفعاه للتحول إلى الأنبار فأنشأ مدينة بالقرب منها، وتقع على مقربة من نهر الفرات وأطلق عليها اسم “الهاشمية” نسبة إلى جده هاشم.
و أن اتخاذ الأنبار عاصمة للخلافة العباسية لم يستمر طويلا، فبعد أن تولى أبو جعفر المنصور الخلافة سنة (136ه/ 754م) لم يعجبه موقعها وانتقل إلى مدينة بين الكوفة والحيرة وسماها الهاشمية أيضا، ولكنه تركها بعد مدة لعدم ملاءمتها لتكون عاصمة الخلافة، فاختار موضعا جديدا حتى انتهى إلى اختيار موضع بغداد وأقام فيه عاصمة الخلافة.
كان هناك شعور وإدراك بحاجة الدولة العباسية الفتية إلى عاصمة جديدة، حيث فكروا بالكوفة أولا ثم الأنبار، وجرت محاولات عديدة للبحث عن موقع عاصمة بمواصفات خاصة تناسب هذه الدولة التي كانوا يتوقعون أنها ستكون كبيرة، كما يفيد المؤرخ عماد عبد السلام رؤوف.
قيام أبي جعفر المنصور باستشارة الكثير من المستشارين والوزراء والخبراء، ومما يحسب له أنه استشار الشعب، وسأل الكثيرين من أبناء المناطق التي كان يتجول فيها وكل كان يدلي برأيه، وهذا شيء ملفت حيث لم يستبد برأيه واستمع إلى آراء الناس من مختلف الديانات والمهن.
و المنصور كان يتنقل بنفسه من مكان إلى آخر بحثا عن مكان مناسب للعاصمة، حتى أنه وصل إلى مشارف تكريت والموصل رغم الجهد والوقت الذي تستغرقه تلك المسافات آنذاك، حتى انتهى به المطاف إلى اختيار بغداد.
و الحكم العباسي كان له دور في ازدهار بلاد الرافدين، ففي الجانب السياسي أصبحت بغداد مدينة مهمة ورئيسية انتقلت إليها كل مؤسسات الدولة، وقصدها العلماء والنابغون والمثقفون والشعراء فازدهرت الثقافة وكل شيء.
وي بغداد التي أسسها المنصور ليست نفسها الموجودة اليوم، بل كانت بغداد تمر بمراحل، وفي كل مرحلة كانت هناك أسباب لقيامها وأسباب لاضمحلالها.
وقد حاصر العباسيون دمشق من جميع جهاتها، ورغم ضعف إمكانات الأمويين إلا أن المدينة صمدت شهرًا ونصف الشهر كما تنقل أغلب الروايات بسبب متانة أسوارها وشدة تحصينها، ثم تمكن العباسيون من نقب السور عند باب الصغير، وقتل بنتيجة المعركة الوليد بن معاوية قائد الجيش الأموي المرابط فيه، ومنه فتحت سائر أبواب دمشق للعباسيين. وارتكب العباسيون عند دخول حاضرة الخلافة الأموية قسطًا وافرًا من عمليات النهب والتدمير، وقد قال المقدسي أن عبد الله بن علي أمر بأن يهدم السور حجرًا حجرًا، وقال ابن عساكر أن الجند العباسيين كانوا يجزّون الرؤوس في الطرق وينهبون ما يحصلون عليه من الأموال، كما قتلوا أغلب أعضاء الأسرة الأموية وصلبوا بعضهم الآخر من أمثال عبد الله بن عبد الجبار بن يزيد، ولم تسلم الأمويات فعلى سبيل المثال نقل البلاذري أن زوجة هشام بن عبد الملك اقتيدت إلى البريّة وهي سافرة وحافية ثم قتلت فيها، كما أقدمت ابنة مروان بن محمد على الانتحار، وحتى أموات بني أمية نبشت قبورهم وأحرقت بقايا جثثهم.!!!