ماهي العلمانية ؟!
د. عبد العزيز يوسف آغا
/////////////////////////////////////////////
العَلْمانية أو اللائكية أو الدنيوية هي المبدأ القائم على فصلِ الحكومة ومؤسساتها والسّلطة السّياسيّة عن السّلطة الدّينيّة.
وتعرف العلمانية كمبدأ ومنهج فكري يرى أن التفاعل البشري مع الحياة يجب أن يقوم على أساس دنيوي وليس ديني.
ويروج للعلمانية بشكل شائع على أنها فصل الدين عن شؤون الدولة. وتختلف مبادئ العلمانية باختلاف أنواعها،فقد تعني عدم قيام الدّولة بإجبار أيّ أحدٍ على اعتناق معتقدٍ أو دينٍ أو تقليدٍ معينٍ .
وتكفل الدولة حماية للأقليات الدينية ومساواتهم بباقي المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو المذهب.
وبمعنى عامّ، فإنّ هذا المصطلح يشير إلى الرّأي القائِل بأنّ الأنشطةَ البشريّة والقراراتِ -وخصوصًا السّياسيّة منها- يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المُؤسّسات الدّينيّة.
وتعود جذور العلمانية إلى الفلسفة اليونانيّة القديمة، غير أنّها خرجت بمفهومِها الحديث خلال عصر التّنوير الأورُوبّيّ بدءًا من عام 1685م؛ بسبب حرب الثلاثين عامًا التي وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت،والتي أدت لمقتل 8 مليون شخص أي ما يقرب من ربع أو ثلث سكان أوروبا آنذاك، مما جعل بعض المفكرين يبحثون عن طريقة للتخلص من تلك الصراعات والحروب الدينية والطائفية عبر حياد الدولة تجاه الدين، وفصل السلطة السياسية عن المؤسسات الدينية.
وقد نشأت العلمانية على يد عددٍ من مفكّري عصر التنوير من أمثال جون لوك ودينيس وديدرو وفولتير وباروخ سبينوزا وجيمس ماديسون وتوماس جفرسون وتوماس بين وعلى يد عدد من أعلام الفكر الحر خلال العصر الحديث من أمثال بيرتراند راسل وكريستوفر هيتشنز.
وينطبقُ نفس المفهوم على الكون والأجرام السّماويّة، عندما يُفسَّر النّظام الكونيّ بصورة دُنيويّة علمية بحتة، بعيدًا عن الدّين.
ولا تُعتبر العلمانية شيئًا جامدًا، بل هي قابلة للتّحديث والتّكييف حسب ظروف الدِّوَل الّتي تتبنّاها، وتختلف حدّة تطبيقها ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيّات الدّاعمة لها بين مختلف مناطق العالم.
وتوصف العلمانية من قبل خصومها بأنها إلحاد عملي وأنها أحد المذاهب الإلحادية،بما يعرف بفصل سلطة الدين عن الحكومة. بينما لا تَعتبرُ العلمانيّةَ نفسَها ضدّ الدّين كمعتقد وممارسات، بل تزعم الوقوف على الحيادِ منه لكنها تدعوا لمنع اعتماد الدولة في تشريعاتها القانونية ، ولكن هذا ليس معناه رفض كل التشريعات الدينية، ففي الواقع أثرت التعاليم الأخلاقية للكتاب المقدس وخاصة الوصايا العشر في صياغة القانون المدني الحديث والأخلاق العلمانية الغربية.
وتزعم العلمانية أنها تحفظ للدين قدسيته من الإستغلال السياسي الذي يفرغه من محتواه القيمي والأخلاقي ويبتذله في سوق الكسب والتجارة والمزايدات السياسية، وأن العلمانية تحمي وتكفل التدين الشخصي، لكنها تمنع المتدين من التدخل في الحياة الشخصية للآخرين، وفرض فهمه القاصر للدين ونمط حياته علي باقي المجتمع بالقوة.
أنواع العلمانية:
1- العلمانية السياسية:
وهي الأيدولوجيات والسياسات التي تسعى إلى إبقاء الأفراد بعيدًا عن التفضيل الديني، وإبقاء الدولة خارج الشؤون الدينية للأفراد.
2-العلمانية الفلسفية: وهي السعي إلى استيعاب الأفكار والآراء والأبحاث التي تصدر من الأفراد في نقد الأديان وتحدي السلطة الدينية واحترام حرية تعبيرهم.
وعليه يمكن تعريف العلمانية بأنها حركة اجتماعية تشكل اتجاها في الحياة يقوم على مبدأ استبعاد الاعتبارات الدينية من السياسة وتنمية النزعة الإنسانية وتأسيس نظام قِيَمي وسلوكي بعيدا عن الدين. كما يمكن أيضا القول إن اللائكية في الأصل لم تكن تعني اللادينية وإنما كانت تعني عدم الانتظام في سلك الكهنوت الكنسي.
وفي الحقيقة، لاقت العلمانية مالاقت من الاتهامات بالالحاد والوجودية والانانية واللانتماء.
ولكن السؤال هو:
هل هناك مانع من أن يؤمن العلماني بالله ويمارس عبادته بالشكل الذي يريده دون تقييد وأن يمارس حقوقه المدنية دون مساس بحريته وديموقراطيته؟
لاشك أن التطرف لأي جانب يعتبر ممقوتاً ومكروهاً في عصرنا الحديث.
وعلى المحبة نلتقي،،،،