من كتاب بانوراما العرب استغلال ديني وشعار سياسي !
حسين الذكر
منذ الخليقة والى الابد .. سيبقى الانسان حبيس منطقين لا انفكاك لهما ولا استغناء عنهما : الدين والسياسة .. الدين نتاج فلسفة الخلق وغايته وايمان الانسان في محطته الدنيوية وتطلعه لمحطة آخروية واعترافه بان الخلق ليس عبثيا وانه ميت لا محالة .. اذ لا خلود في الكون لغير الحقيقة المطلقة ( الله ) بمعزل عن اختلاف التسميات وسبل بلوغ الحقائق فيها .. والسياسة هي محاولة سيطرة الانسان على مقدرات أخيه الانسان بكل الوسائل المتاحة وهو عين ما نسميه السياسة ..
خلال تلك العصور والقرون والحقب والمحطات المتعاقبة والمتغيرة … ظل الانسان المادي يصارع ويقاتل كل شيء من اجل الفوز في دنياه او ما نسميه التمتع بشهواته ولذاته حد الاتخام ولو على حساب أخيه الانسان .. لذا سعى بكل السبل لشرعنة الأساليب وتسخير الأشياء للحصول على غايته الدنيوية … وان تستر خلف الف الف غطاء وشعار ظاهره ديني او دنيوي من اجل ذلك .. وسيبقى مفضوحا تفصح عنه سلوكياته وافعاله المشينة .. اذ لا يهمه ولا يعنيه غير تحقيق غايته الدنيئة التي هي تعبير جلي عن شهواته وملذاته ونزواته وذاته المريضة … ما شره منها وتشعب وشطح .
الانسان المؤمن مسلم امره لله ولحسن نواياه خلال تلك العصور التاريخية الموغلة وتطورها التدريجي … وقد وقع ضحية ما بين مستغلي الدين وصناع السياسة وصراع اطرافه .. البعض يحاول تصوير وتعميم السياسة والدين على اساس انها ملف واحد ولغاية واحدة محاولين ايقاع اكبر قدر من الضحايا في سبيل تحقيق تلك الأهداف والمصالح ..
هنا نحدد ملامح بعض الفوارق الكبيرة جدا بينهما ولأسباب شتى نعدد منه ما ادركناه :-
أولا : – لغة الدين الحق صريحة مفهومة جهورية تطلق في الفضاء الرحب من على المنابر المخصصة بشكل جلي معلوم ولصالح العامة والخاصة اذ ان الله غني عن العباد .. فيما لغة السياسة ظلامية تطبخ وتتكثف وتعصر في الخبايا المظلمة وخلف الستار وفقا لمصالح حزبية وفئوية ضيقة وتطلق بصورة ملغزة مشفرة من خلال توجيه الأدوات التنفيذية المنتقاة بعناية فائقة ولاهداف معدة سلفا لتحقق الغاية الأساسية المقدمة على كل اعتبار آخر وتعمم عبر وسائلها الخاصة وباساليبها المستترة .
ثانيا : – خطاب وشعار الدين واضح : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ) .. وكذلك : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) . فيما السياسي أهدافه : ( الغاية تبرر الوسيلة ) .. و( كل الطرق تؤدي الى روما ) .. بمعنى بلوغ الهدف باي طريقة وسبيل يمكن تحقيقه .
ثالثا : – الدين لا عقوبة الا بقصاص وعدل ولغاية بها مصلحة الانسان الفرد والمجتمع .. : ({وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} .. فيما السياسة على لسان تشرشل : ( بريطانيا ليس لديها أصدقاء وأعداء دائمون بل مصالح دائمة ) .. فالسياسي لا يفكر بعاطفة وكراهية .. بل يزيح كل ما يقف حجر عثرة في طريق مصالحه لا يتوان الفتك باقرب الناس حتى أولاده وبيته في سبيل ذلك ..
رابعا : الدين لا يؤدي الى اثارة القلق في المجتمع وازعاج الناس وتفريقهم وتخويفهم بل يسخر كل شيء من اجل امن المجتمع وراحته فكرامة الانسان فوق كل اعتبار .. ( وكرمنا بني ادم ) كما انه لا يفرق لاسباب عنصرية او حزبية او مذهبية .. : ( لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى ) .. فيما السياسة حزبية بحتة .. ( ان لم تكن معي فانت عدوي ) .. وكل شيء في سبيل الغاية متاح .. والعنصر الحزبي والايديولوجي والعرقي قبل غيره ..
فشعارهم الدائم .. كلكم حزبيون وان لم تنتموا ..