امرأة و رجل
____________
– دعهُ ياولد، إيّاكَ أن تمزج الألوان!
…
– أنتَ فقط تابعني وتعلّم ماهي الخطوات التي أتّبعها، فهمت؟
…
– ناولني ذلك الوعاء الذي فيه الحبّات الخضراء، وبسبابتها أشارت ناحية وعاء آخر يحوي قطعاً صغيرةً فضيّة- وهذا أيضاً ياولد- يجبُ أن تكونَ مميّزة فهذهِ السُّبحة للشيخ،…
-لا تحزن هكذا، سأقصُّ عليكَ قصّة :
” كان ياما كان، في سالفِ العصر والأوان، كان هناكَ فتاة جميلة جداً بعمرِ الورود، شعرها متموجٌ أشقر وعيونها بلونِ العسل، قابلت شابّاً جميلاً، أسرتهُ ضحكتها وظفائرها الذّهبية وهي بدورها أحبّت نظراته وذلك الوميض السحريّ في عينيه، وبهاء شخصيّته، …
كان مختلفاً، لم تفهم لغته، وهو لم يكترث للغتها، أحبّا بعضهما وأتفقا على الزواج، وفي ليلة العرس، استبدل أخرى بها، تفهم لغته وتشبه والدته- حسنٌ هذه السّبحة جاهزة- وبباطنِ يدها مسحت دمعة وأكملت:
هذا الشّاب الوسيم، تخلّى عنها بسرعة وسهولة، لبسَ عباءة أهله، وأتقن لغةَ حوارهم والتي لطالما رفضها، ثمّ نسي أميرته.
قصّت شعرها الأشقر، وابتعدت عن أهلها، فهي لم تكنْ تعرف لغتهم، راعها ما رأتهُ من لغة أجسادهم وذلك النّفور والتّعالي، سكنت بالقرب منه، …
– ياولد ، هل نمت!
طيّب سأكملها غداً”
نهضت ونفضت عن ثيابها ماعلق بهم من ذرّاتٍ ملوّنة وبقايا ذلك البريق الذي انتشرَ على ثوبها الرّيفيّ الأسود، عدّلت خصلاتِ شعرها الأشقر القصير، وربطت المنديل جيداً حول صدغها، وضعت السّبحة في جيبها، توجّهت نحو منزلِ الشّيخ، وفي الطّريق، اجتازت امرأتين :
-المسكينة لازالت تُحدّث نفسها كل يومٍ متوهّمةً وجودَ ولدٍ يساعدها ويحدّثها…
– سمعتها البارحة، تبكي بحرقةٍ غيابَ أهلها وتعدهم بصنعِ أيقونةٍ تضعها على باب معبدهم كاعتذار …
وعلى باب المنزل، صرخت بوجهها تلكَ السيدة البديلة:
-أنتِ ، ألم أقل لكِ مراراً لانحتاجُ لسبحاتٍ إضافيّة، اذهبي من هنا قبل أن …
على باب البيت قطّعت السّبحة لتتدلى الحباتُ الخضراء متعثّرة بدموعٍ لا تعرفُ طريقها للصّفح.
ريم