في مثل هذا اليوم28 مايو 1524م..
ميلاد السلطان سليم الثاني..
السلطان سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغرل (930 هـ/ 28 مايو 1524 م-982 هـ/ 12 (توضيح) /15 ديسمبر1574 م) هو السلطان العثماني الحادي عشر والابن الثاني للسلطان سليمان القانوني من جاريته خرم بعد الأمير محمد . حكم السلطان سليم الثاني الفترة ما بين (1566م – 1574م) .
يعتقد أن النشاط المبكر لوالدته خُرَّم سلطان، الزوجة الثانية والأثيرة للقانوني، كان وراء وصول سليم إلى عرش السلطنة؛ حيث تُتهم بالتورط في إسقاط الصدر الأعظم إبراهيم باشا الموالي لولي العهد الشرعي مصطفى وحياكة المؤامرات التي أدت إلى إعدام الأخير، فيما خلت الساحة العثمانية لسليم إثر وفاة شقيقه الأكبر محمد والأصغر جهانكير، وإعدام شقيقه الذي تمرد على تعيينه وليًا للعهد بايزيد
قام الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي بإخفاء موت الخليفة القانوني خوفاً من ثورة الانكشارية حتى تسلم سليم الثاني الحكم، كان ضعيفًا غير متصف بما يؤهله للحفاظ على فتوحات أبيه وضبط الداخلية، فبدأ سليم الثاني سلطنته، بالتوجه فورا إلى إسطنبول حيث جلس على العرش العثماني، بعدها توجه إلى الجبهة النمساوية، فقابل الجيش العثماني العائد من انتصاره على النمساويين يتقدمه نعش العاهل العظيم السلطان سليمان القانوني، وسلم الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي على سليم الثاني بسلام السلطنة، وفي صحراء سيرم خارج بلغراد، بايع الجيش العثماني وريث العرش، بعدها أدى السلطان الجديد وخلفه الجيش صلاة الميت للقانوني ثم نادى خواجه سلطاني “عطاء الله أفندي” مربي سليم الثاني في الجيش قائلا: «الصلاة للميت»، وأقام الصلاة،، يذكر أن القانوني الذي توفي بعد حصار مدينة “سيكتوار” بالمجر في السابع من سبتمبر عام 1566، قد أوصى بدفن جثمانه في “إسطنبول” ولتحقيق وصيته، تم استخراج أعضائه الداخلية بما فيها القلب ودفنها في “سيكتوار”، وتحنيط جثمانه ليتحمل الطريق إلى “إسطنبول” حيث دفن هناك، ثم قام السلطان “سليم الثاني” ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده. انطلق الجيش في موكب جنائزي تحيطه ذكرى سليمان القانوني بالهيبة والوقار، وفي مدينة إسطنبول أقيمت مراسم جنائزية ضخمة تليق بالقانوني، وكان لافتا اشتراك الآلاف من أهالي مدينة إسطنبول في حمل جثمان السلطان الراحل إلى مدفنه بمسجد السليمانية عرفانا بالعدل الذي أسبغه على رعيته طوال عهده الطويل. قام ابنه السلطان “سليم الثاني” ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده، وظلت مباني الضريح والمجمع قائمة لمدة 150 عاماً، إلى أن خرجت المنطقة عن سيطرة العثمانيين، ومن ثم تعرضت للتخريب. يذكر أن سليم الثاني أعطى العديد من سلطاته لوزرائه، وعندما امتنع عن إعطاء العطايا للجنود أظهروا العصيان وعدم إطاعتهم لأوامر قادتهم فاضطر إلى العطاء، ويرى البعض أنه لولا هيبة الدولة في السابق وقوة وزيره محمد باشا الصقلي الذي غدا يدير البلاد من خلف الكواليس لسقطت الدولة وكان مما أقدم عليه أن عقد صلحًا مع النمسا يعترف فيه بأملاكها في المجر مقابل دفع جزية سنوية للسلطنة.
جهز محمد باشا الصقلي حملة عسكرية لفتح أستراخان التي وقعت تحت سيطرة الروس بقيادة إيفان الرهيب وأخذوا يقطعون طرق التجارة والحج على أهل خوارزم وسمرقند وبخارى وما حولهم من المناطق، وكانت خطة العثمانيين تقضي بجعل أستراخان قاعدة عسكرية عثمانية للحماية من الروس وإيقاف طموحاتهم التوسعية وحفر قنا تربط بين نهري الدون والفولجا مما يسمح للبحرية العثمانية بالنفاذ إلى بحر قزوين، كما أن احتلال أستراخان سيوفر طريقا مفتوحا لغزو شاه الفرس من الشمال بدلا من الخوض من جهة جبال أذربيجان الوعرة. تمكن الجيش من حفر ثلث القناة المخطط لها حتى جاء فصل الشتاء مما جعل العمل يتوقف. استعمل العثمانيون سفنا صغيرة محملة بالمدافع للهجوم على أستراخان لكن دون نجاح حقيقي، وبشكل عام تمكنت الحملة من وضع حد لتقدم الروس مؤقتا. لكنها لم تنجح في حسم الصراع الذي سيصبح فيما بعد أحد أسباب ضعف وسقوط الدولة .
تم في عهده فتح قبرص التابعة للبنادقة آنذاك، كما غزت البحرية العثمانية جزر كريت وظنته وغيرها بدون أن تحتلها واحتلت مدينتين على ساحل البحر الأدرياتيكي، فتوجس أهل البندقية الخوف على أراض إيطاليا ونفوذ البندقية فعقد البابا حلفا بين إسبانيا والبندقية وجنوى ورهبان جزيرة مالطة، فشكلوا أسطولا من 231 سفينة هاجمت العثمانيين الذين قابلوا هذا الحلف ب300 سفينة، وعلى الرغم من مشورة القادة العثمانيين بالتحصن في خليج إحدى الجزر إلا أن القائد الأعلى مؤذنزاده علي باشا صمم على ملاقاة عدوه في مياه البحر بقرب الساحل، وانتصر الحلفاء، فقتل مؤذنزاده علي باشا في صراع بين سفينته وسفينة دون جون قائد القوى المتحالفة وغنمت رايته العثمانية المطرزة بالذهب، وقتل وأسر العديد من نخبة البحارة المسلمين بالإضافة إلى استيلائهم على 300 مدفع عثماني، وخطب بابا الفاتيكان بهذه المناسبة وشكر دون جون على نصره، وكان هذا النصر نقطة تحول وتفاؤل لدى الأوروبيين حيث حظيت البحرية العثمانية بصيت أنها لا تهزم.
صدرت أوامر الخليفة بتخليص تونس من الإسبان الذين احتلوا تونس عام (980هـ) فانطلق وزير الحربية سنان باشا بجيشه الذي قدم بحرا من إسطنبول مع عدد كبير من القطع البحرية العثمانية لنجدة أهل تونس واستمر حصار المسلمين للإسبان حتى انسحبت القوات الإسبانية وتراجعت إلى جصن منيع جدا عرف باسم البستيون فحوصر الحصن حصارا شديدا حتى افتتحه، وكان سنان باشا يشارك جنده مبادرا حيث راح يشارك في أبسط الأعمال كحمل الأتربة والحجارة، حتى إذا تعرف عليه أحد ضباط الجند قال له: ما هذا أيها الوزير؟ نحن إلى رأيك أحوج منا إلى جسمك، فقال له سنان: لاتحرمني من الثواب.
أرسل الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي جيشا كبير وأمر عليه عثمان باشا لردع ثورة في اليمن بإمرة المطهر بن شرف الدين، فدعمه سنان باشا وزير الحرب ووالي مصر بكل ما استطاع جمعه من الأفراد والمواطنين المسلمين في مصر فقضى على الثورة عام 976 هـ، وكانت اليمن من الأهمية لدى الخلافة أنها درع أمام تقدم البرتغاليين إلى الحجاز وقاعدة لضرب نفوذ البرتغاليين في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
وفاته
فيما يشير المؤرخون الغربيون إلى أن وفاة السلطان سليم الثاني تعود إلى إفراطه في تناول الخمر لم يذكر لدي المؤرخين المسلمين والأتراك هذا الأمر وانما يذكر المؤرخون المسلمون أنه قضى نحبه بعد انزلاق قدمه أثناء استحمامه في قصر طوب قابي، إذ توفي بعد ذلك بأيام (يوم 15 ديسمبر 1574) متأثرًا بنزيف دماغي.
يعد سليم الثاني أول سلطان عثماني يولد في إسطنبول، وكذلك أول من يموت فيها منهم، كما أنه أول سلطان قعد عن قيادة الحملات، إذ رغم تلقيه تعليمًا رفيعًا إلا أنه ترك أمور الدولة إلى صهره ووزيره الأول الصدر الأعظم سوكولو محمد باشا، ومع هذا وقف سليم بذكاء ضد الكثير من قرارات وزيره الأول كما عارض بعضها.
و رغم ارتباط المشروبات بشخصيته، وأطلاق اسم “سليم السكيّر” عليه في رواية الغرب، فإن السلطان سليم الثاني حظي بمميزات، مثل تواضعه وإدراكه لمصلحة الدولة، و”شاعريته المشهورة”.!!