في لقاء. موسع. أجرته مجلة TELSPORT المغربية التي تصدر باللغتين الفرنسية والعربية وموقع تيل عربي.. ( الذكر يكشف دوافع إصدار كتاب “ملفات سرية بدهاليز الحرب الناعمة ).
أصدر الإعلامي العراقي حسين الذكر، مؤلفا جديدا موسوما ب “ميكيافيلية كرة القدم ملفات سرية بدهاليز الحرب الناعمة”، كإسهام علمي في إغناء الخزانة الرياضية العالمية.
يسعدنا في موقع “تيل كيل عربي” و مجلة “TEL SPORT” إجراء هذا الحوار مع هرم في الفكر والكتابة العربية !
1- لماذا كتاب ميكيافيلية كرة القدم؟
الغاية تبرر الوسيلة :
– هذا الشعار هو لب مخرجات كتاب الأمير وميكافليته الشهيرة التي ما زالت ومنذ اكثر من أربعة قرون والى الان تقود الكثير من وجهات النظر لتحقيق اهداف ومصالح معينة .. وبما ان المفهوم الرياضي قد وصل الى العرب متأخر عن الغاية والاهداف الأساسية التي توخاها صانع الرياضة الغربية عامة وكرة القدم الخاصة .. فقد وجدت اللعبة بدايات القرن الثامن عشر كوسيلة لالهاء وامتصاص نقمة العمال الفائضين الذين رمى بهم ارباب المعامل والشركات على جادة البطالة بعد ان أدت وقامت الالة مقامهم .. مما اوجد اعداد هائلة من العاطلين بشكل قد يسبب مشاكل وثورات ربما تعكر صفو العمل بصورة اضطرتهم الى إيجاد سبل الهاء وتسلية وترفيه شغلوا الناس فيها .. اكيد كان ذلك إجراء استغلالي بحت وليس هدفا سام .. ولكنه بذات الوقت أسس للعبة وادى الى تطورها ودعمها واوجد ملفا للشغل وفتح أبوابا كثيرة لتخصصات واعمال جديدة وجديرة بالحياة ولكل عصر . من هنا فان كرة القدم تغيرت قواعد فلسفتها وليس لعبها داخل الميدان .. فقد كانت تسلية والهاء ثم أصبحت ثقافة ثم انتقلت الى دور اقتصادي وبناء مجتمعي ثم دخلت عصر صناعة المال الاحترافي ثم تعدته الى وسيلة فاعلة بالحرب الناعمة . بكل معناها وتداعياتها فيما زال العرب يمارسوها كهواية وربما ثقافة .
2- جاء في جزء من العنوان “ملفات سرية بدهاليز الحرب الناعمة” ماذا يعني ذلك؟
– بصراحة ان كتاب الميكيافليلة الكروية هو اصطلاح مجازي اتخذناه كبوصلة الى ما جرت عليه احداث في بطولة اسيا الدوحة 2023 التي حضرت ايامها وشاهدت مبارياتها بشكل مباشر ومن خلال التواجد في الميدان والساحات وشوارع الدوحة . وقد لاحظت الكثير من الإجراءات غير المنظورة التي ليس لها علاقة بقوانين وفنون كرة القدم لكن يمكن ان نعدها جزء من الفعل والعمل والحراك الاداري الذي هو جزء أساس من إدارة وتوظيف مهارات كرة القدم وتاثيرها في الراي العام .. ومن خلالها تتحقق أيضا الانتصارات الوطنية التي بعض أهدافها خفية .. وليس فقط من بين جنبي وقوسي ( التكتيك والتكنيك ) . لذا فقد اشرت ذلك من خلال أعمدة صحفية ويوميات عن البطولة كتبتها في صحيفة العرب القطرية خلال جميع أيام البطولة وتناولت فيها أجزاء من اهم التطورات التي ينبغي ان يرتقي لها قادة اللعبة بل وسياسيوا الدول العربية للافادة من الرياضة عامة وكرة القدم خاصة في مجالات ومشاريع حياتية وليس ترفيهية فحسب .
3- هل هذه الملفات تقتصر على كرة القدم بشكل خاص أم أنها تسري على جميع الرياضات؟
– بالتأكيد لا .. فان جميع فنون الرياضة أدت حسب الظرف والزمان ذات السلاح الناعم الذي يمكن له ان يفعل فعل مؤثر او السلاح المميت في المعارك الميدانية .. فالملاكمة كان لها دور أيام محمد علي كلاي الله يرحمه والطاولة كان لها دور في العلاقات الامريكية الصينية وكرة القدم كان لها ذات الدور بين العراق وايران بعد حرب الخليج الأولى ومن ثم هناك شواهد عديدة لا تنتهي عند لعبة معينة فكل الألعاب تخضع لذات الرؤية والفلسفة بالنسبة لقادة الفكر والتوظيف الإعلامي في الحرب الناعمة .. ولكن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى والمسيطرة على مساحات شاسعة من الاعلام وتاثيرها في الراي العام وتحظى بالاهتمام الاول .. بل وحتى التاثير المالي مما يجعلها ملف اقدر واقرب واسهل للتمرير والتنفيذ لمن يجيد فنون ذلك .
4- لك كتابات في قضايا كثيرة ما هي دوافع هذا النزوع نحو الرياضة أساسا؟
– في جوهر العمل انا صحفي وكاتب رياضي وعاشق للرياضة واقدم على الرياضة على اي شيء آخر .. الا ان الوعي جعلني ابحث عن الفوارق الحقيقية ما بين العمل الإعلامي والوعي الإعلامي .. بشكل تطلب مني ان اخرج من جلباب وعباءة الوظيفة الإعلامية التي تقتصر على تنفيذ رؤى واهداف المؤسسة .. واتخذت رؤية ذات مدى ابعد لتحقيق اهداف وطنية واجتماعية من خلال الاعلام والرياضة بمعنى البحث عن أسلحة يمكن لها ان تجاري وتصد الأسلحة الناعمة المضادة الموجهة للامة العربية والوطنية . لذا تطلب الدراسات المعمقة في الاجتماع والسياسة والدين والتاريخ والفلسفة والاعلام وامور أخرى متعددة متداخلة وذات مضمون فكري واحد .
5- كيف ترى الإنتاج الثقافي في قضايا الرياضة بالعالم العربي؟
– للأسف بصورة عامة ( ان امة اقرا لم تعد تقرا ) .. الا النزر القليل من شبابنا في ظل هيمنة عصر الانترنيت والعولمة التي تعني ضمنا تفكيك الاسرة والمجتمع واشغال الراي العام بامور ثانوية .. مما اوجدت وصنعت مواقع التواصل والتقنيات الاكتروينة الحاسوبية والموبايلية الاحدث ووظفتها بشكل غريب عجيب جعل شبابنا ينهارون في كل مناطق العرب ولم يقتصر ذلك على العراق او المغرب فقد زرت اغلب بلدان العرب ووجدت ذات المشكلة قائمة .. مما يتطلب وقوف الدولة والحكومات والأجهزة المعنية على ذلك ودراسة الظاهرة بشكل موسع معمق ووضع الحلول الناجعة في ذلك … واعتقد ان الميدان الرياضي قادر ان يفعل فعل السحر لو وجدت الأفكار والأدوات والمناهج التنفيذية الجديرة بوعي وتشخيص المشكلة أولا ومن ثم البحث عن علاجات وأخيرا التنفيذ الموضوعي الميداني .. ما يؤسف له انه حتى الان الغزارة الإنتاجية للثقافة الرياضية العربية منخفضة جدا بشكل مريب سيما ما تتعلق بعلاج الأجيال والشباب خاصة .. فان اغلب الكتب الموجودة بالساحة تدور وتبحث في مجال ثقافة كرة القدم وتاريخ الألعاب والبطولات والشخصيات الرمزية للألعاب .. اذ انها لا تمثل بجوهرها علاجا مطلوبا لما يمر به ويعانيه واقعنا الرياضي والشبابي العربي .
6- كيف تساهم الكتابة في تنمية الرياضة في الوطن العربي؟
– شاهدت في دول الخليج العربي تحديدا دعما حكوميا مكثفا وبغزارة مدهشة للرياضة والاعلام الرياضي وكذا الكتب الرياضية … ولكن للأسف لم يتم توظيف ذلك وفقا للعقل والوعي الإعلامي الفعال القادر على تحقيق انجع العلاجات لما يمر به الجيل العربي .. مما يتطلب تشكيل لجان عربية من قبل الجهات المختصة لكل دولة .. اذ ان الدول اعرف ببنائها الاجتماعي ووضعها الاقتصادي ومدى تاثيرها وفعلها الثقافي على اجيالها وابنائها … على ان يكون هناك فكر اعلى يقود نحو توظيف الثقافة الرياضية لصالح الدولة وليس للرياضة بحد ذاتها .. بمعنى ان مصالح الوطن العليا تتقدم على مصالح الرياضة بل ان الرياضة هي الجهة التي تصب بخدمة الوطن وليس العكس … وهذا لا يعني عدم دعم الرياضة بل العكس صحيح يجب دعم الرياضة والثقافة الرياضية تحديدا بسبل عدة من اجل ان تنتعش الرياضة وتحي وتنعش معها عديد الملفات الحياتية الأخرى المرتبطة معها من قبيل الشباب والاعلام والبيئة والصحة المجتمعية والاقتصاد والامن …. وغير ذلك الكثير مما نجهله ولم نتقدم به الا خطوات زاحفة ثقيلة .. فيما العالم الغربي يقفز في ذلك قفزا ينسجم مع العولمة وعصرها المتمرد والمحلق في اجواء عالمنا الأرضي .
7- كيف ترى الرياضة العربية وتاثريها المحلي والعربي العربي ؟
– هذا سؤال مهم جدا .. ولو فكرنا وركزنا قليلا بما قدمناه أعلاه واجبناه ضمنا سنجد ان الخطوط متقاربة متواصلة تكمل بعضها بعض فان الرياضة بالوقت الذي غدت سلاحا ناعما الى الاخر .. يمكن التعاطي معها عربيا بما يعد سلاحا فعالا لحلحلة عدد كبير من ازماتنا العربية المعاصرة .. من جهة أخرى فان افضل المشاعر العربية التي تتوحد وتضيق معها مساحات الاختلاف العربي العربي والمحلي هي من خلال الرياضة سيما كرة القدم وهذا ما شهدناه في بطولة كاس العالم الأخيرة في الدوحة 2022 وكيف وقف العالم العربي كله مع المنتخب المغربي الشقيق وكانه منتخب العرب وليس المغرب فقط .. هذا العمق وهذا الملف المدعوم والممارس من قبل ملايين العرب رجالا ونساء شيب وشباب واجيالا متلاحق .. ينبغي ان تفهمه القوى الحاكمة بشكل افضل يتناسب مع روح العصور وان تستفيد منه لتقديم خدمات وطنية كبرى فضلا عن العربية العربية وهذا ليس من قبيل التقول والشعار .. بل يمكن النهوض به سيما وان المغرب الشقيق مقبل بحمد الله على تنظيم بطولة مونديال 2030 وما يوفره الملف من فرص لتطبيق بعض الأفكار المفيدة وطنيا وعربيا ..
أخيرا امنيات ومحبة من القلب الى الاخوة العرب في كل مكان وخصوصا الأعزاء منهم في المغرب الشقيق الذي نتمنى من القلب له العزة والرفاه والاستقرار والامن والنجاح والتطور وان يكون الجانب والملف الرياضي هو الساند والداعم حكوميا وشعبيا .. وشكرا لكم استاذ ادريس ولهيئة التحرير على اتاحة هذه الفرصة واجراء هذا اللقاء .. والله ولي التوفيق .