في مثل هذا اليوم30 يونيو1920م..
إندلاع ثورة العشرين في العراق.
يحيي العراقيون -اليوم الاحد ذكرى مرور 104 عام على اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للمطالبة بالاستقلال، التي أخذت صداها وأصبحت نقطة لافتة في التاريخ الحديث، وتحولت إلى يوم وطني للأجيال اللاحقة يحتفل بذكراها من كل عام بوصفها ذكرى احتجاجية مشتعلة.
ورغم انشغال العراقيين بأحداث شتى أربكت مشهد الحياة، فإنهم لم ينسوا استذكار ثورة العشرين، فقد استذكروها عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، داعين إلى أن تكون هذه الذكرى حافزا لاستعادة أمن البلاد واستقرارها على مختلف الأصعدة وإنهاء الخلافات الداخلية.
وقال رئيس الحكومة الأسبق، حيدر العبادي، عبر حسابه على تويتر، “30 حزيران يوم ثورة العشرين التي أسست للدولة العراقية الحديثة، اليوم الذي ثار شعب العراق فيه ضد الاحتلال وفي سبيل العزة وتأسيسًا للسيادة”. وأضاف العبادي “بحاجة اليوم لروح الثورة لاستعادة الدولة من الفوضى والفساد والتبعية”، لافتا إلى أن “الدولة اليوم تئنّ، والتحديات تترى، وثورة الوعي والالتزام والمسؤولية حاجة لتصحيح المسار”.
ودخلت ثورة العشرين في الأدب والشعر، وأصبحت درسا للحركات والثورات والاحتجاجات التي وقعت فيما بعد، وتغنّى بها الشعراء والأدباء وخلّدوها بأبيات كثيرة من الشعر، حتى إن الثورة مع انطلاقها كان قد رافقها أشهر بيت شعر عرفه العراقيون، يقول: “الطوب أحسن لو مكواري”، في إشارة إلى المقارنة بين السلاح الناري والمكوار الذي هو عصا غليظة تستخدم للقتال وتوضع عند أحد أطرافها مادة القير لتكون صلبة وقوية.
ما أسباب اندلاعها؟
كانت ثورة عام 1920 من أهم الثورات ضد القوات البريطانية في العراق، وكان وراء اندلاعها أسباب متعددة، من أبرزها سوء الإدارة البريطانية وتعسفها في إدارة البلاد، فضلا عن الضرائب الثقيلة التي أرهقت كاهل الشعب العراقي، كما يقول أستاذ التاريخ المتخصص في تاريخ العراق الحديث الدكتور حيدر شهيد للجزيرة نت.
ويتابع شهيد “لقد سبق قيام ثورة العشرين اندلاع ثورة النجف الأشرف عام 1918 التي قمعها البريطانيون بكل قسوة، وأعدموا كثيرا من الرموز الوطنية آنذاك، ثم تسارعت وتيرة الأحداث التي دعت إلى قيام ثورة شاملة ضد البريطانيين وإنهاء فكرة إلحاق العراق بمحمية عدن وجعله مستعمرة تابعة لها”.
على إثر ذلك، اجتمع بعض من زعماء الفرات الأوسط في بيت الشيخ هادي المكوطر، أحد كبار شيوخ محافظة الديوانية، وكان بين الحاضرين الشيخ خيون العبيد، وهو من كبار شيوخ ذي قار -كما يتحدث الأكاديمي العراقي- ودار النقاش حول القيام بالثورة، لكن الشيخ خيون اقترح القيام بتوعية الشعب للتحضير لذلك، ولا سيما أن منطقة المنتفق كانت في حالة صراع مع العثمانيين والبريطانيين خلال الفترة 1908-1918.
ويضيف شهيد “بعد ذلك خرج الجميع من الاجتماع بفكرة واحدة، هي توعيه الناس وحشد الجهود، وأنشئت جمعية الرابطة الإسلامية للقيام بذلك”.
ومن الأسباب المباشرة لاندلاع الثورة -كما يؤكد شهيد- قيام القوات البريطانية بسجن الشيخ شعلان أبو الجون شيخ عشيرة الظوالم في محافظة المثنى (السماوة) بجنوب البلاد يوم 30 يونيو/حزيران 1920، والاستعداد لإرساله عبر القطار إلى مدينة الديوانية. لكن عشيرة الظوالم هاجمت “السراي” الحكومي وحررت الشيخ من السجن، وتعدّ تلك الحادثة من الشرارات الأولى لاندلاع الثورة وانتقالها إلى بقية المدن العراقية.
وكتب المدوّن حسنين قيس، على حسابه في تويتر، أن “عالم الاجتماع العراقي الراحل الدكتور علي الوردي يقول في كتاب اللمحات إن عشائر السماوة والرميثة تقاتل الإنجليز وحدها أكثر من أسبوعين من دون مساعدة أي عشيرة وقبل إصدار أي فتوى دينية، وهذا دليل تاريخي على أن العراقيين يضحون من أجل أرضهم ووطنهم بوجود فتوى دينية أو عدمها”.
ومن الأسباب الأخرى لتفجيرها وتوسع نطاقها إعلان قبيلة شمر حربها على الإنجليز، ومن أبرز الثوار الشيخ ضاري بن محمود الزوبعي. فقد طلب الحاكم الإنجليزي حينئذ العقيد ليتشمان مقابلة الشيخ ضاري، لكن الشيخ رفض في بادئ الأمر المثول أمامه، لعلمه بأنه سوف يطلب منه التعاون مع الإنجليز ضد العراقيين.
وعند المقابلة في منطقة خان بين بغداد والفلوجة، قام الضابط الإنجليزي بإهانة الشيخ ضاري بكلمات نابية وشديدة، وحاول اعتقاله، فهبّت الحمية بالشيخ وخرج وأحضر ولديه اللذين وجّها بنادقهما إلى رأس العقيد ليتشمان وأطلقا النار عليه فأردياه قتيلا، ثم أجهز عليه الشيخ ضاري بسيفه، وعند محاولة المرافق المقاومة قتلوه أيضا.
وتميز احتفال هذا العام بإعادة افتتاح “خان ضاري” في غرب العاصمة (بغداد) بقضاء أبو غريب، ويفصل الخان المرمم العاصمة عن محافظة الأنبار، وكان مركزا لانطلاق الثوار.
وقال الأمين العام للمشروع الوطني العراقي، جمال الضاري، أحد أحفاد الشيخ ضاري الزوبعي، في حفل افتتاح الخان، إن “العراق بأمس الحاجة لمعاني ثورة العشرين لبناء البلد على الأسس التي رسمها أجدادنا في تعزيز الوحدة الوطنية بين العراقيين”. ودعا الضاري جميع الأطراف لإحياء هذه الذكرى عبر الإخلاص لميراثها ومبادئها التي غرست بذور الاستقلال والوحدة والسيادة والكرامة الوطنية، وأضاف أنه “لا يجوز التفريط بأي ركن أو جزء مما تركته لنا هذه الثورة الخالدة التي ترفعت عن كل ما يفرق أو يقسم”، ودعا إلى ضرورة “الاتفاق على وحدة الهدف ووحدة المصير ووحدة الدم العراقي”.
وبالتزامن مع ذلك، حدثت انتفاضة أخرى قام بها الأكراد ضد البريطانيين في شمال العراق، وكان الشيخ محمود الحفيد من أبرز قادتها.
ثورة العشرين – العراق 1920م
الشيخ محمود الحفيد البرزنجي قاد انتفاضة الأكراد ضد البريطانيين في شمال العراق (الجزيرة)
وعلى الرغم من أن الثورة قد حققت بعض النجاح الأولي، فإن البريطانيين تمكنوا من قمعها مع نهاية أكتوبر/تشرين الأول 1920. وكانت أهداف الثورة تتمثل في الاستقلال عن الحكم البريطاني، وتأسيس حكومة عراقية مستقلة.!!