“القدرة التصويرية الفائقة للنص وربطها بأطراف النزاع”
قراءة من منظور موسّع لقصة ” بين العين والقدم” للأستاذ
مجدي شعيشع
_________________________________________
بالإضافة للمشهدية والقدرة التصويرية الكبيرة التي امتازت بها الجمل القصيرة المتعاقبة والمحفزة لهذا النص، فهو يحمل بين طيّاته إشارات ودلالات يمكن إسقاطها على الأوضاع الرّاهنة التي تعاني منها الشعوب العربية، وخاصةً المتجاورة منها، فكم من بلدانٍ متجاورة بدل أن تتوسط بينهم المحبة والألفة التي يجب أن تسود فيما بينهم بحكم الأخوة والجيرة، إلا أنّهم يتلهّون بدقائقِ الأمور وتوافهها ليتحيّنوا أقلّ الفرص لإثارة المشاكل والنّعرات، فيتفرقوا ويسود الكره والعداء بينهم، بينما عدوّهم الذي بجوارهم ينتظر الفرصة المناسبة للتصويب وينجح بسهولة فعلاً، وأحيانا بسلاح هم سمحوا له بامتلاكه للأسف، وهذا واقعنا العربي منذ عصور…
المقاربات هنا
___________
★القدرة التّصويرية البطيئة هنا للتصويب ” من اختصاص العدو -عدونا جميعاً- الذي سمح لنا بتقنياته التّلهي والاستمتاع بالتّصويب على بعضنا بينما يعتّم على ما يجري في الجهة الأخرى حتى ينجح في النّهاية ذلك العدو المتربص…
★السلاح البدائي ” المعقال الصغير بحجر ” هو مايسمح لنا العدو بامتلاكه فقط، وهو أشبه باللعبة التي يتلهّى بها الصّغار .
★العصفورة الأم التي تطعم صغارها بكل حب ” هي الجارة الطّيبة التي تتمنّى العيش بسلامٍ مع أبنائها.
★الحمامة المقتولة رمز السّلام، وموتها دلالة نجاح الأعداء في مساعيهم وبشكلٍ كبير وبمساعدتنا وتغافلنا.
نص مشهدي سينمائي بالتصوير البطيء، يصوّر مدى فداحة فعل القتل أو الأذى لمن لاحول له، أو لمن يشعر بالأمان بسلبه هذا الشعور ووضعه في حالة التّرقب والرّهبة والأسى .
تمنياتي بدوام التوفيق للأستاذ مجدي شعيشع
ريم
………………………………………………………………………………
النص:
______
قصة قصيرة
“بين العين والقدم”
شجرة توت، تتسلق غصونها عيون شاب طائش، حتى استقرت على وكر، يشتهى اصطياد عصفورة على بابه، وارب عينه اليمنى بهدوء، أسدل رمشه عليها رويداً رويداً، حتى أحكم غلقها، واليُسرى تحدق بثبات حتى انكشفت رؤية الهدف، سحب نبلهُ بهدوء، شدّ السِير المطاطي، والحجر معصوب يُخبئه داخل غلاف سميك من الجلد، يعتصرهُ ثم يجذبه إلى الخلف ليمنحه قوة دفع ولا يعلم متى ولا أين يطلقه من بيده قرار القذف، وكلما اعتصر النبلة تمددت ببطء كحية تزحف إلى غُصن شجرة تجاه وكر عصافير آمن يعلو ويهبط مع كل نسمة هواء.
يحدق القناص، يبتلع ريقه، يكتم أنفاسه، ليفتك بعصفورة تطعم صغارها؛ شَغَلتها الأمومة ورعايتهم عن أعدائهم.
قبل أن يبتعد إبهام الصياد عن السبابة لتتيح للمقذوف الإنطلاق من بين ذراعي النبلة، طارت العصفورة خَمِيصة لإحضار طعام جديد لصغارها.
لم تمض دقائق حتى سقطت أمام قدميه حمامة -كان يربيها- مضرجة بدمائها، نَتِيجَة تصويبة دقيقة من نبلة رفيقه.
…..
مجدي شعيشع
الكويت فى 2024/08/10