قراءة نقدية:
“الومضة الشعرية بين العواصف والمطر”
الشاعرة: سليمى السرايري (تونس)
الومضة الشعرية عدد (3)
الباب الأول: محطات عاشقة.
الناقدة :جليلة المازني (تونس)
القراءة النقدية: “الومضة الشعرية بين العواصف والمطر”
الومضة الشعرية عدد (3)
=================
أنا لا أحبّ كثيرا العواصف
غير أنك تسقط في داخلي كالمطر
استهلّت الشاعرة الطرف الأول من الومضة الشعرية رقم (3) بضمير المتكلم المفرد لتخاطب الحبيب في الطرف الثاني للومضة مستخدمة أسلوب المقابلة بين العواصف والمطر بتوظيف الاستدراك ب “لكن”.
وبالتالي فهي مقابلة بين: هي لاتحب …وهي تحب…
الشاعرة لاتحب كثيرا العواصف ..فأي عواصف لا تحبها كثيرا؟
والعواصف هي ظاهرة جوية ترتبط بحركة سريعة للرياح والتي تحمل معا
عادة اما المطر أو الثلوج أو الرمال .فهي عواصف رملية أوعواصف ثلجية أوعواصف رعدية.
ولعل العواصف الرملية هي أعتى العواصف(ويكيبيديا) لما تسببه من مخاطر صحية وطبيعية.
والعواصف الثلجية هي “عاصفة قاسية يصاحبها برد شديد ورياح قوية ويصاحبها سقوط للثلج”(ويكيبيديا).
وقد تؤدي العواصف الثلجية الى الاصابة بقضمة الصقيع وانخفاض حرارة الجسم والاصابات الأخرى المرتبطة بالبرد ويمكن أن تعطل حركة النقل.
أمّا العواصف الرعدية المصحوبة بالأمطار فتعمل على ازالة التلوث من الهواء وتوفر المياه للنباتات والبحيرات (1).
وبالتالي فأي العواصف لا تحبها الشاعرة في الحب ؟ وأي العواصف قدتحبّها؟
تقول الشاعرة :”أنا لا أحب كثيرا العواصف”
من خلال العبارة”لا أحب كثيرا” قد نفهم أن الشاعرة تحب القليل من العواصف.
لعل الحبيبة لا تحب العواصف الرملية الجافة في الحب وقد لا تحب العواصف الثلجية الباردة في الحبّ.
ان الجفاف في الحب والبرودة في الحب ثنائية لا تستقيم مع مرونة الحب وشاعريته.
لعل الشاعرة باسم الحبيبة تبيح العواصف الرعدية التي تصحبها الامطار.
انها تبيح بعض معاناة العواصف في الحب لان بعض العواصف قد تؤجج نار الحب لدى الحبيبين وقد يعيدان ترتيب مشاعرهما ويصبح الواحد منهما أكثر مرونة مع الآخر فيتجدد الحب وتتجدد العلاقة.
والاختلاف بينهما أثناء عواصف العتاب قد يجعل الواحد منهما يتشبث بالآخر لحماية بعضهما من جفاف أو برود العواصف التي تهدّد الحب بينهما.
وكلمة العواصف تتناصّ مع عنوان لكتاب جبران خليل جبران “العواصف”
هذا الكتاب الذي تناول فيه جبران خليل جبران موضوع الحب من جملة المواضيع التي تضمّنها كتاب “العواصف”.
لعلّ الحب الذي عاشه جبران خليل جبران مع مي زيادة والذي دام عشرين سنة وهي مدة طويلة قد لا تخلو من عواصف.
وبالتالي فالشاعرة بين اللاحب الكثير والحب القليل للعواصف في الحب قدلا تخفي عنا مرونتها في الحب فهي ترفض الكثير من العواصف لتقبل القليل.
وهنا تستدرك الشاعرة في الطرف الثاني للومضة لتبيح لنفسها بسقوط الحبيب في داخلها كالمطر.
ومن أجمل ما قيل في المطر أنه يغسل أحقاد الصدور وسواد القلوب.
كثير من الشعراء تغنّى بالمطر حتى أن الشاعر العراقي بدر شاكر السياب له ديوان بعنوان “أنشودة المطر”ومن أشهر قصائده قصيدة أنشودة المطر.
ويقول نزار قباني: لا تقولي: عُدْ الى الشمس..فاني أنتمي الآن
الى حزب المطر.
ولنا مع نجيب محفوظ روايته الشهيرة”الحب تحت المطر”
والشاعرة سليمى السرايري تستبشر بحبيبها كما المطربردا وسلاما على قلبها
فهو شبيه بتساقطات المطر هذه التساقطات التي تنعش داخلها بكلّ جوارحها وبكلّ حواسّها..انها غيث نافع لكل كيانها.
والمطر في القرآن أنواع (2):
“بعض أسماء المطر في القرآن الكريم:
– الطلّ: وهو الرذاذ من المطر (“فان لم يصبها وابل فطلّ” البقرة الآية 265).
– الوابل:وهو المطر الشديد كبير القطرة(“كمثل جنة بربوة أصابها وابل” البقرة الآية 265 ).
– الغيث:وهو المطر بعد الجدب والقحط (“وهو الذي ينزل الغيث بعد ما قنطوا” سورة الشورى آية 28)
– المنهمر: وهو المطر الذي ينصب انصبابا شديدا (“ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر” سورة القمرآية 11)”.
ولعل الشاعرة تستبشر بكل هذه الأنواع من المطر بدْءًا ب”الطلّ” الذي يبدأ بانعاش حبّها قطرة قطرة ليصبح “وابلا” بكرم قطراته الكبيرة ليتحوّل الى “غيث” نافع يرْوي ضمأها بعد قحْط وجفاف في مشاعرها وبعد قنوط من حب الحبيب. ليغدق عليها ب”ماء منهمر” فتكون حياتها مع حبّها اللامحدود بهكذا انهمار.
وخلاصة القول فان الشاعرة باسم الحبيبة هي بين اللاحب والحب :اللاحب للكثير من العواصف التي تعود على حبها بالوبال والحب للقليل من العواصف التي تروي ضمأها للحبيب كما المطر بطلّها ووابلها وغيثها ومائها المنهمر.
سلم قلم الشاعرة سليمى السرايري المتميز في هذه الومضة الشعرية
بتاريخ 13/08/2024 .
المراجع:
https://www.almrsal.com>post(1)
فوائد العواصف الرعدية وأضرارها.
https://www.facebook.com>posts(2)
مركز ض- بعض أسماء المطر في القرآن الكريم