في مثل هذا اليوم 27 اغسطس2001م..
طائرات إسرائيلية تطلق صواريخ على مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله وتقتل أمين عام الجبهة أبو علي مصطفى الذي كان وقتها في مكتبه.
أبو علي مصطفى مناضل فلسطيني من مواليد محافظة جنين عام 1938، اشتهر بانتسابه لحركة القوميين العرب وانحيازه للخط القومي التاريخي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واتخذ مواقف مناوئة للمجموعة اليسارية.
قاد الدوريات الأولى لتحرير فلسطين عبر نهر الأردن، وأعاد بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، ونسق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتقل مرتين، وحاولت إسرائيل اغتياله عدة مرات، ونجحت في ذلك عام 2001.
عُرف أبو علي بزهده وحياته البسيطة، وكان ذا شخصية وحدوية جامعة، والتف حوله أقطاب النضال الفلسطيني على اختلاف مشاربهم الأيديولوجية، ودافع عن خيار عودته إلى فلسطين بعد اتفاق أوسلو، أمام سيل من الانتقادات الحادة التي تعرض لها من بعض رفاقه وزملائه في فصائل المقاومة التي رفضت الخيار السلمي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكان يَعتبر أن ساحة المواجهة المركزية مع الاحتلال هي الداخل المحتل، وعليه الوجود فيها، وهو صاحب المقولة الشهيرة “عدنا لنقاوم لا لنساوم” وقد أردف ذلك بعمل متواصل لبناء تنظيمه وإعداده ميدانيا لأي مواجهة قادمة مع الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى اغتياله على يد قوات الاحتلال أثناء انتفاضة الأقصى.
ولد مصطفى علي العلي الزِبري، الشهير بـ”أبو علي مصطفى” في بلدة عرّابة في محافظة جنين يوم 14 مايو/أيار 1938، أي قبل 10 سنوات بالتمام من إعلان إقامة دولة الاحتلال على أرض فلسطين.
وكان والده مزارعا في البلدة منذ عام 1948، بعد أن عمل في سكة حديد وميناء حيفا، وهو أحد المشاركين في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.
وأبو علي متزوج وله 5 أبناء، وهو الشقيق الأكبر لتيسير الزِبري، أحد قادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والأمين العام الأول لحزب الشعب الديمقراطي بالأردن (حشد) منذ تأسيسه سنة 1993.
درس أبو علي المرحلة الأولى في بلدته عرّابة، ثم انتقل عام 1950 مع أسرته إلى عمّان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.
كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة “أنشاص” المصرية عام 1965
قبل أن يتفرغ للعمل الكفاحي، عمل أبو علي مراسلا في بنك الإنشاء والتعمير، وعمل في منجرة ومحل للزجاج وفي مصنع للكرتون، وفي أعمال أخرى بسيطة ومتعددة، وقد أسهم انتماؤه للفقراء والطبقة العاملة إسهاما عميقا في تكوين فكره وشخصيته وسلوكه، وأكسبه ذلك إحساسا فطريا بقضايا الكادحين وهمومهم.
انتسب أبو علي في سن الـ17 من عمره إلى حركة القوميين العرب، التي أسسها جورج حبش، الملقب بـ”الحكيم” والأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك عام 1955.
واعتقل بعد عامين، عندما أعلن الأردن الأحكام العرفية وحلّ الأحزاب السياسية. وحوكم أمام محكمة عسكرية، وقضى في سجن “الجفر” بصحراء الأردن 5 سنوات.
وعام 1963 تعرف أبو علي على رفيقة دربه في الكفاح “أم هاني” وكان ذلك بعد الإفراج عنه مباشرة، وتزوج منها في 23 يوليو/تموز 1964، وأصر على هذا التاريخ محبة منه للزعيم جمال عبد الناصر.
وبعد الزواج انتقل وأسرته إلى مدينة جنين، وسكن في الحارة الشرقية وافتتح محلا تجاريا للمواد الزراعية، ثم حوّله إلى مطعم شعبي للفول والحمص والفلافل.
ظل أبو علي منحازا إلى الخط القومي التاريخي للجبهة الشعبية، واتخذ مواقف مناوئة للمجموعة اليسارية بقيادة نايف حواتمة وعبد الكريم حمد وياسر عبد ربه وقيس السامرائي، الذين انشقوا عن الجبهة سنة 1969، واتخذوا لأنفسهم اسم “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”
وبقي طوال مسيرته النضالية والسياسية يقف إلى جانب حبش والقيادة الأولى لحركة القوميين وديع حداد وهاني الهندي وحبش وأحمد الخطيب وحامد الجبوري وصالح شبل، وإلى جانب القادة الجدد أمثال أحمد اليماني وغسان كنفاني وتيسير قبعة. ولم يكترث أبو علي كثيرا بالماركسية اللينينية التي التزمتها الجبهة الشعبية في مؤتمرها الثالث سنة 1972.
وبعد أن أنهى دورته التدريبية في أنشاص عام 1965 عاد أبو علي إلى جنين لقيادة العمل في “حركة القوميين العرب” بالمنطقة الشمالية للضفة الغربية، حتى أعيد اعتقاله عام 1966، بعد أحداث معركة السموع جنوب مدينة الخليل، وبقى في السجن عدة أشهر، قبل أن يطلق سراحه العام التالي، بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967.
وقاد أبو علي الدوريات الأولى نحو الوطن الفلسطيني عبر نهر الأردن، وعمل على تهريب السلاح إلى الداخل، وإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة والقطاع. وكان ملاحقا من الاحتلال واختفى عدة أشهر بالضفة بدايات تأسيس الجبهة، وتولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم أصبح المسؤول العسكري لقواتها بالأردن إلى عام 1971.
وكان هو القائد العسكري للجبهة أثناء معارك المقاومة سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك أبو علي في معركة الكرامة عام 1968 ومواجهات جرش وعجلون ضد الجيش الأردني في “أيلول الأسود” 1970. ثم غادر الأردن سرا إلى لبنان عام 1971.
وأثناء وجوده في لبنان، شارك أبو علي في مقاومة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وخرج مع عناصر المقاومة الفلسطينية إلى سوريا، ورأس وفد الجبهة الشعبية في حوارها مع حركة التحرير الوطني (فتح) في عدن والجزائر عام 1984 وفي بلغاريا عام 1987، وأصبح عضوا بالمجلس المركزي، وعضوا باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بين عامي 1987 و1991.
Abu Ali Mustafa, deputy leader of the Popular Front for Liberation of Palestine (PFLP), waves to some 300 supporters who came to receive him in Jericho in the West Bank upon his return, 30 September 1999, after spending three decades in the diaspora. Mustafa, the most senior Damascus-based opposition leader to go back to the Palestinian territories, crossed the the Allenby Bridge border point between Jordan and the West Bank by car. (Photo by MENAHEM KAHANA / AFP)
أبو علي خلال استقباله بالضفة لدى عودته يوم 30 سبتمبر/أيلول 1999 (الفرنسية)
الوظائف والمسؤوليات
بعد خروجه من المعتقل عام 1966، تسلّم أبو علي قيادة منطقة الشمال بالضفة، وشارك في تأسيس “الوحدة الفدائية الأولى” ضمن “حركة القوميين العرب” والتي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين.
إعلان
وعام 1967 شارك أبو علي مع حبش في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتولى مناصب عديدة فيها، وأصبح نائبا للأمين العام طوال العقود الثلاثة الماضية، ثم أمينا عاما عام 2000، بعد استقالة حبش الذي كان رفيق دربه على مدى 45 عاما.
وعام واحد أصبح أبو علي عضوا بالمجلس الوطني الفلسطيني، وذلك بعد التحولات التي طرأت على منظمة التحرير، وصعود المنظمات الفدائية إلى قيادة المنظمة بعد استقالة أحمد الشقيري. كما انتخب عضوا باللجنة المركزية للجبهة سنة 1969، وعضوا بالقيادة اليومية سنة 1970.
وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب أبو علي نائبا للأمين العام، حتى عام 2000. وفي المؤتمر الوطني السادس عام 2000 انتخب أمينا عاما للجبهة الشعبية، وظل بهذا المنصب حتى استشهاده عام 2001.
الاغتيال
لم تكن المحاولة التي تم فيها اغتياله هي الأولى من نوعها، فقد تعرض أبو علي لعدة محاولات، كان أبرزها في منطقة الكولا ببيروت، حيث كان يسكن شقة في بناية من 12 طابقا، وتم ركن سيارة مفخخة بالمتفجرات أسفل البناية، لكن يقظة جهازه الأمني جعلته يكتشف أمرها.
وقبل ذلك، وأثناء وجوده في منطقة الأغوار بالأردن، تعرضت سيارته لقصف مدفعي كثيف، ولم يكن يظنّ وقتها أكثر المتفائلين أن مَن بالسيارة قد نجا، ولكن أبو علي تمكن من إلقاء نفسه خارج السيارة والاختباء بمزارع الموز المجاورة حتى زال الخطر.
وبعد عقد اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل بالنرويج عام 1993، قرر أبو علي العودة إلى الضفة، رغم الرفض والمعارضة الشديدة لعدد من رفاقه. وسمح له بالعودة سنة 1996، ونال الرقم الوطني بصفته مواطنا فلسطينيا من بلدة عرّابة.
وهناك عند “جسر العودة” أعلن مقولته الشهيرة “عدنا لنقاوم لا لنساوم” وفعلا لم يهدأ أبو علي ولم يستكن، فاتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن عدد من عمليات التفجير في القدس وتل أبيب وبالقرب من مطار اللد خلال سنتي 2000 و2001. وفي 27 أغسطس/آب 2001 اغتالته الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مكتبه في رام الله.
وخلفه في موقع الأمانة العامة للجبهة أحمد سعدات “أبو غسان” الذي لم يتردد في الثأر له، وذلك باغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001.!!!!!!!