اطراف الحديث ..
طيف يخترق العتمة !
حسين الذكر
مع ان الحضارة بمختلف القواميس ما زالت تعني التمدن .. ومع ان الأنهار سر وأس ذلك الطين المنغمس بتموجات ماء ظل فيضه يعني الحياة على المستوى المادي والرحي .. الا ان الكتابة هي من ظلت متلازمة مع التعريف بالعراق او ببلاد الرافدين او ميزوبوتاميا التي انطلقت من خلالها بدايات التحضر اومن علمت الانسان معنى الاستقرار ومن ثم بدايات الإدارة في شؤون الحياة .. التي تجلت بالكتابة المسمارية كاحد اهم واقدم المنجزات الحضارية بتاريخ البشرية التي تولد منها كل معنى ثقافي آخر .
لم تحصر منجزات العراق في تلك الجزيئية معا ما احتوته من تاريخ ومعنى ثر . الا ان للموسيقى مرادف اخر باعتبارها قدر التعبير الإنساني وترجمان المشاعر بطريقة اذوق وارفع عما اختلج الانسان في صراعه مع الطبيعة لتشكل اول نوافذ الاستقرار والتشذيب الأخلاقي بعيدا عن همجية صراع البقاء .
هنا تحديدا ولدت القيثارة .. حيث العراق والكتابة .. ثم توالت الحضارات ترتع على شواطيء دجلة والفرات منذ فجر السلالات حتى بعد موجات الغزات والتتر او المغول او بقية طوابير الطغات .
ظلت بغداد تفيض على العالم حيرة تلك العقول التي توقف عندها الاسكندر المقدوني بكل ما اوتي من علم وفلسفة وطموح سلطان .. ثم ملات كتب التاريخ عما في العراق عامة وبغداد خاصة ..
هكذا تصورت شريط الذكريات وهو ينحدر من بطون أمهات الكتب الحبلى باعماق وأنواع الابداع التي تجلت على ( لسان اطراف الحديث ) حيث شدى فيها عبد المجيد السامرائي بتنوع ثر لم بعنكبوتيته ما يمكنه خلق مجلدات وقواميس حضارية فضلا عما يجود به من ذكريات ومذكرات تبعث في نفس المتلقي سيل جارف لتحقيق الذات او بالأحرى البحث عنها برغم جليد المدلهمات .
هكذا تابعت حلقة جديدة من اطراف الحديث لمقدمها الدكتور عبد المجيد السامرائي من قناة الشرقية وهو يسلط الضوء على ( آلة الجوزة ) ومن خلال لقائه بعناوينها القممية في عالم الموسيقى العراقية ليس كالة عزفية فحسب بل مسبار موسيقي وبوصلة نحو رحم الموسيقى الأول وقممه اللحنية التي لم تقف عند حدود الرقص والغناء الكوميدي او البكاء واللطم التراجيدي .. بل اخذنا نحو الفارابي والكندي والفراهيدي وشعوبي وحسين الاعظمي وليس ختاما بهيثم وكمر … حيث كان حديث هيثم شعوبي ومحمد حسين كمر لاهب الإحساس حد الاستضاءة والتنقل بين محطات الحديث كمسبحة عابد يتجلى في خرزها ملكوت بعيد يستنطق البخت من اجل الاقدام في رحلته وراحلته ..
مرت ساعة . بل اقل من ذلك الوقت .. وفي زمن سطوة وسيطرة التواصل والسوشل ميديا … وعلى اعتاب تشيع جنازة الفضائيات والصحافة الورقية – كما يشيع البعض – الا ان مجيد السامرائي وضيوفه الكبار .. ما زالوا يصرون على ان حبر القلم ومنطوق الحوار باق وان كرهت التقنيات .. فشتان ما بين ترند ( ميت ) .. وعظيم تلقائية توهب الحياة .