قراءة نقدية: “الومضة الشعرية بين الضعف والقوّة”
من ديوان “حين اشتهانا الغرق”
الومضة الشعرية عدد(4)
الباب الأوّل: محطات عاشقة.
الشاعرة: سليمى السرايري (تونس)
الناقدة: جليلة المازني (تونس)
ا***ا
بينما كان المطرُ يلامسُ
أفواهَ الأشجارِ،
كانتْ عيناكَ تُبَلِّلَانِني بالقُبلاتِ.
ا***ا
القراءة النقدية: ” الومضة الشعرية بين الضعف والقوّة”
استخدمت الشاعرة سليمى السرايري بين طرفي الومضة الشعرية مقابلة معنوية بين المطر والعينين وبين أفواه الأشجار والقبلات ووجه الشبه الماء المنهمر من المطر والدموع المنهمرة من العينين…أيّ معنى لوجه الشبه هذا؟ :
-1- رمزية المطر :
“ويُنصَفُ محبّو المطر بأنهم من الأشخاص التي تشعر بالسعادة من أقل الأشياء
حتى وان كانت عبارة عن قطرات من الماء تهبط من السماء والتي تجعلهم يشعرون بالسعادة لدرجة أنهم يتركون كل شيء بيدهم ليستمتعوا بلحظة هطول المطر(1).
وأفواه الأشجار قد تكون أغصان الأشجار التي تتلقى هذه القطرات من المطر
ولماذا هي قطرات من المطر؟
ان الشاعرة تقول: “بينما المطر يلامس أفواه الاشجار”
والملامسة قد لا تعني أن هذه القطرات قد تروي هذه الاشجار بل هي مجرّد اغراء بإطفاء ضمئها وعطشها.
انه شبيه بالسراب الذي يحسبه الضمآن ماء وحين يقترب منه لا يجد ماء.
وفي هذا الإطار هل أن الشاعرة سليمى السرايري ترضى بهكذا قطرات مطر تلامس أفواه الأشجار لتشعر بالسعادة؟
ان الشاعرة قد تُوهمُنا بأن أوّل الغيث قطرة لتنعم بعدها بغيث نافع يروي ضمأها
وتعطشها للحبيب حين يتحوّل بذلك ضعف قطرات المطر التي تلامس أفواه الأشجار إلى قوّة غيث نافع يروي ضمأها.
بيد أن الشاعرة في الجزء الثاني من ومضتها الشعرية تقول:
“كانت عيناك تبلّلانني بالقبل”
-2- رمزية العينين :
والعينان هي مصدر الدموع فهل الشاعرة تعتبر قطرات المطر التي بالكاد تلامس أفواه الأشجار شبيهة بدموع العينين؟ ومن الدموع ما يسمّى بالدموع العاطفية:
و”الدموع العاطفية هي نتيجة ردّ فعل على المشاعر المتنوعة وقد وجد العلماء في
هذه الدموع مواد كيميائية تُعْنَى بالتوتر وبالتالي هناك احتمال لربط هذه الدموع
بالتخفيف من التوتّر…الدموع الانعكاسية والعاطفية تنتجها الغدة الدمعية فوق العين فتخرج الدموع من قناتيْن اما إلى الأنف أو إلى الخارج على الخدّين”(2).
في هذا الإطار:
– هل أنّ الشاعرة تعتبر أن الدموع التي تشي بها عيْنا الحبيب بمثابة القبلات التي تبلل شفتيها؟
– هل هي تتفاءل بهذه الدموع لتُوهمَنا ولتُوهمَ نفسها بأنها دموع الفرح أو دموع
الاعتذار التي ستروي ضمأ شفتيْها تماما كما قطرات المطر التي تلامس أفواه الأشجار.
– هل ان الحبيب مَدينٌ لها بالاعتذار ليذرف “دمعا من خلائقه الكبرُ” على حدّ قول أبي فراس الحمداني.
ان هذه الدموع الغالية التي قد تكون دموع الاعتذار ستستبشر بها الشاعرة الحبيبة
لتعتبرها قبلات تبلّل شفتيْها الضمآى.
ان الشاعرة بهكذا معادلة ليست مستحيلة وقد تكون ممكنة باستخدام أسلوب المقابلة فهي لا تخفي عنّا تفاؤلها واستبشارها بكل ما يصدر من ايجابية عن الحبيب ايمانا منها بقيمة الحب وقناعة منها أن التسامح مع الحبيب والتصالح مع الذات قوة جعلتها ترى الدموع قبلات فحوّلت الحبيبة بذلك الضغوطات إلى موارد وهي قد تحوّل ضعف قطرات المطر إلى قوّة غيث نافع يروي أفواه الأشجار ايمانا منها بان أول الغيث قطرة وهي أيضا قد تحوّل ضعف الدموع وبرودتها إلى قوّة القبلات وحرارتها التي تنعش حياتها نشوة ونخوة وتبعث فيها دفء القبلة وحرارتها.
سلم قلم المبدعة سليمى السرايري الصادق والمتصالح مع الذات ومع الحبيب.
بتاريخ 08/09/.2024
المراجع:
https://www.youm7.com>story>.(1)
ما لا تعرفه عن الصفات الشخصية لعشاق المطر.
https://www.bbc.com>arabic(2)
البكاء: لماذا تُذرف الدموع؟
Just à moment…