فى مثل هذا اليوم 28 سبتمبر 1970م..
وفاة الزعيم جمال عبد الناصر ..
اليوم يكون قد مر 53عام على رحيله فقد توفي فى ٢٨ سبتمبر 1970عن52عاما،بعد ١6 عاماً من الحكم. بعدما غيّر خريطة المنطقة العربية وموازين القوى فيهاورد الاعتبار والكرامة للمواطن المصرى في مصروخارجها ودعم حركات التحرر في العالم الثالث ،وكان عمره 34عاما حينما أطاح بالاحتلال البريطانى لمصر،ووقف موقف الند للند مع الغرب، ورغم أنه رحل عن دنيانا منذ اكثر من نصف قرن فإن حضوره القوى مازال يتجدد ويفرض نفسه إلى الآن ..
وتقول سيرة الزعيم جمال عبدالناصر أنه ولد بمنزل والده بحى باكوس بالإسكندرية وفى ١٥ يناير ١٩١٨مما يعنى أنه كان يبلغ من العمر٣٤ عاما حين قاد ثورة يوليو وهذا كان متوسط أعمار رفاقه في تلك الفترة وكان والده من قرية بنى مر بأسيوط، وكان يعمل وكيلا لمكتب بريدباكوس وبحكم عمل الوالدوفى ١٩٢١تكررت تنقلات الأسرة،فتنقل عبدالناصر في تعليمه الابتدائى بين روضة الأطفال بمحرم بك والمدرسة الابتدائية بالخطاطبة ومدرسة النحاسين بالقاهرة ومدرسة العطارين بالإسكندرية،كما تنقل في تعليمه الثانوى بين مدرسة حلوان الثانوية ومدرسة رأس التين بالإسكندرية ومدرسة النهضة بالظاهر في ١٩٣٣وفى ١٣نوفمبر ١٩٣٥ كان في مظاهرة طلابية وأصيب بجرح في جبينه،وأسرع به زملاؤه إلى دارجريدة الجهادالتى كان يصدرها توفيق دياب؛ حيث وقع الحادث بجوارها، ونشر اسمه في الصفحة الأولى ضمن مصابى المظاهرة وفى ١٩٣٧ تقدم للكلية الحربيةولم يُقبل فالتحق بالحقوق بجامعةالملك فؤاد«القاهرة»وتركها ليتقدم مجدداللكلية الحربية بعد إعلانها قبول دفعة استثنائية وقُبل وتخرج في ١٩٣٨،والتحق بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد، والتقى زكريا محيى الدين والسادات. وفى ١٩٣٩ خدم في الخرطوم وجبل الأولياء، وقابل زكريا محيى الدين وعبدالحكيم عامر،وفى ١٩٤١ نقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر بالقرب من العلمين. أثناء تقدم رومل، وفى فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية، ثم سافر للمشاركة في حرب فلسطين، وجرح ونال نيشان النجمة العسكرية، وبعد رجوعه إلى القاهرةأدرك أن المعركةالحقيقية في مصر،حيث الإطاحة بالملك فاروق، والنظام الحاكم وبعد ١٩٤٩أسس تنظيم الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبدالناصر،وهى اللجنةالتى أصبحت مجلس الثورة،وكانت النية متجهة للقيام بالثورة في ١٩٥٥،لكن الحوادث المتلاحقة بكرت بقيامها في ١٩٥٢خاصة بعد حدوث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢واندلاع المظاهرات في القاهرة،احتجاجاً على مذبحةرجال البوليس بالإسماعيلية،ثم أزمة انتخابات نادى ضباط الجيش. حيث نجح محمد نجيب مرشح الأحرار، وخسر حسين سرى عامر، مرشح الملك، فألغى الملك الانتخابات فقررعبدالناصر تقديم موعد الثورة إلى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، ونجحت الثورة وقدم محمد نجيب كقائد للثورة،وفى ١٨يونيو ١٩٥٣ صدر قرارمن مجلس قيادةالثورة بإلغاءالملكية وإعلان الجمهورية،وإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب، إلى جانب رئاسته الوزارة، أما عبدالناصرفقد تولى منصب نائب رئيس الوزراءووزير الداخليةثم ترك منصب وزير الداخلية وفى فبراير ١٩٥٤ استقال نجيب بعد خلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبدالناصر رئيسا لمجلس قيادة الثورةورئيساً لمجلس الوزراءوتكررالخلاف بين ناصر ونجيب، وانتهى بتنحية نجيب وجاء ناصر رئيسا
وبعد نكسة ١٩٦٧أعلن تنحيه وطالبته الجماهير بالبقاء وخاض حرب استنزاف ضارية، ومما حققه أنه قام بتأميم قناة السويس وأنشأ السد العالى وأسس منظمة عدم الانحياز وأصدر قوانين الإصلاح الزراعى، ونهض بالصناعة والتعليم والإسكان ودعم ثورات التحرر بالوطن العربى وإفريقيا ومما يذكر أن ناصر قد ثار بسبب مقال نشرته إحدى المجلات الأمريكية قالت فيه إن هذا الأثاث المذهَّب مأخوذمن قصور فاروق في حين أن هذا غير صحيح، وفى الوقت الذي يحق له فيه الإقامة في أحد القصور الملكية كرئيس دولة.. لكنه دفع ثمن الصالون الذي يملكه ويستقبل عليه ضيوفه من جيبه ومن ملامح نزاهته الأخري أنه كان يعارض بشدة محاباة كبار موظفى الدولة لأقربائه، وكان يصر على إنزال العقوبة بأى شخص مسؤول يفعل ذلك ظناً منه أنه يرضى ناصر، وحدث ذات مرة أنه تحدث هاتفياً مع صاحب إحدى الصحف اليومية وسأله: «ألا ترى الصفحة الخيرة؟»، فأجابه بنفسه: هل تقصد سيادتك صورة والدك؟ فأجاب ناصر في إصرار: «أنا لا أحب أن تنشر أخبار أبى بين الناس وأريده هو وإخوتى مثل الناس العاديين،ولا أريد أن يفسدهم منصبى». ويذكرأنه أمربإلقاء القبض على خاله بسبب مجاملته امرأة فرنسيةبالقاهرة كانت في ورطة وتوسط لها خاله، رغم أنها خالفت القواعد..
وكان منزل الزعيم عبدالناصر في منشية البكرى لاتحيط به أي مظاهر أبهة، وكان نموذجا للزعيم القدوة المتجرد، وعندما يسافر ناصر في الأعمال الحكومية فإنه يركب إحدى السيارتين الكاديلاك السوداوين الحكوميتين الموضوعتين تحت تصرفه وهو لا يستعملهما في الرحلات الشخصية، وكانت سيارته الأوستن السوداء قد أصابها العطب بعد الثورة بعامين فاشترى سيارة فورد فستقية اللون،كما كان ناصرلا يلين في إصراره على أن يكون كبار موظفى الحكومة أمناء وذوى ضمائر حية، ويجب أن تكون حساباتهم في البنوك مفتوحة للتفتيش، ويجب أن يتجنبوا التعرض للشك من اشتراكهم في أي نوع من الفساد وكثيراً ما أعفى كبار الموظفين من مناصبهم بعدما خرقوا هذه القواعد. كما الزعيم جمال عبدالناصر نموذجا للزعامة ورمزا ثوريا في منطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا والعالم الثالث ودعم الكثير من الثوار والثورات في العالم العربي..
مساء ذلك اليوم قبل 51 عاما، أوقفت كافة محطات الإذاعة والتلفزيون برامجها لتعلن الخبر الصادم والحزين. وبصوت يتخلله البكاء، كتبت وكالة فرانس برس حينها، أن نائب الرئيس أنور السادات خاطب الشعب ليعلن وفاة عبد الناصر في الساعة 5:15 مساء بتوقيت القاهرة
وقال السادات بتأثر بالغ وهو يقرأ بيانا على شاشة التلفزيون الرسمي “فقدت الجمهورية العربية المتحدة وفقدت الأمة العربية وفقدت الإنسانية كلها رجلا من أغنى الرجال، رجلا من أغلى الرجال وأشجع الرجال وأخلص الرجال، هو الرئيس جمال عبد الناصر”. وتابع أن عبد الناصر توفي “بينما هو واقف في ساحة النضال يكافح من أجل وحدة الأمة العربية ومن أجل يوم انتصارها”.
قبل يوم واحد فقط، تمكن عبد الناصر من إقناع العاهل الأردني الملك حسين وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالتوقيع على وقف لإطلاق النار، وإنهاء المواجهة الدامية بين الطرفين المعروفة باسم “أيلول الأسود”. وبدا ناصر مرهقا وهو يودع الملك حسين في مطار القاهرة الدوليّ، حسب شهود عيان من مساعديه.
كمدخّن شره ومصاب بالسكري، لم يتم الكشف أبدا عن حالته الصحية للجمهور في شكل مسبّق، لذا جاءت وفاته بمثابة صدمة كبيرة. في عام 1952، كان ناصر أحد قادة الانقلاب العسكري الشعبي الذي أطاح بالملكية في مصر، وأصبح رئيسًا للجمهورية الجديدة بعد ذلك بعامين. كان من كبار مؤيدي الاشتراكية القومية العربية، وأقام نظام الحزب الواحد وحكم لمدة 16 عامًا.
كان أكبر انتصار له هو تأميم قناة السويس عام 1956، ما أثار أزمة تواطأت فيها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لمهاجمة مصر. بعد 10 أيام من القتال وتصاعد التوتر، تنازلت بريطانيا وفرنسا وأعيد فتح القناة أمام الملاحة الدولية في عام 1957 والتي باتت تخضع للسيطرة المصرية. كما أشرف ناصر على بناء السد العالي الذي تم افتتاحه عام 1964. لكنّه تكبد أكبر هزيمة له ولمصر وللعالم العربي في حزيران/يونيو 1967 حين هزمت إسرائيل جيوش مصر والأردن وسوريا واحتلت، من بين مناطق أخرى ، شبه جزيرة سيناء المصرية.
أعلنت البلاد فترة حداد رسمية مدتها 40 يومًا. وخرجت جموع غفيرة من المصريين بعد وقت قصير من إعلان وفاة عبد الناصر للشوارع. في ضاحية مصر الجديدة الراقية بالقاهرة حيث كان عبد الناصر يسكن، بكى الرجال والنساء والأطفال في الشوارع في حزن. وفي أحياء الطبقة العاملة، تجمعت الحشود في الميادين. أعرب الناس طوال الليل عن صدمتهم وعدم تصديقهم لوفاة الزعيم.وتوجهت حشود إلى منزل عبد الناصر، ثم إلى القصر الرئاسي حيث تم نقل جثته. لتأمر السلطات الجيش والدبابات إلى قطع الطرق. وفي مدينة الإسكندرية الساحلية بشمال البلاد، أُغلقت المتاجر وتوقفت عروض السينما.
بدءا من صباح 29 ايلول/سبتمبر، انهالت التعازي من جميع أنحاء العالم وتصدر الخبر الحزين عناوين الصحف. في القاهرة، توقفت الحياة تقريبا حيث تم إغلاق جميع المكاتب والمتاجر. سافر شباب إلى القاهرة من ارجاء البلاد حاملين الزهور وصور عبد الناصر.
في 1 تشرين الأول/أكتوبر، تم وضع نعش عبد الناصر، ملفوفًا بالعلم المصري، على عربة مدفع يجرها ثمانية خيول ويحيط بها 40 من قادة الجيش. وخلفهم سار خمسة آلاف من طلاب المدارس العسكرية. أخذ زملاء عبد الناصر في الجيش مواقعهم في مقدمة موكب الجنازة، وتبعهم رؤساء دول وقادة أجانب. وحلقت طائرات هليكوبتر ومقاتلات فوق القاهرة. أطلقت المدافع 21 طلقة تحية عسكرية للزعيم الراحل.
تبع حشد يقدر بعدة ملايين شخص على طول طريق الموكب، امتد حوالى 15 كيلومترًا وهتفوا “عاش ناصر” و”لا اله الا الله”. في البداية كان الحفل منظمًا، لكن لاحقا شابت الفوضى الجنازة حيث أجبرت الحشود العربة على التوقف عدة مرات. تمت استعادة الهدوء فقط داخل المسجد حيث ترأس شيخ الأزهر الشيخ محمد الفحام صلاة الجنازة في العباسية حيث دفن عبد الناصر في مسجد يحمل اسمه.!!