ملكَ الموتِ، ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ
نيرانٌ تسبحُ في اليَمِّ
وحيتانٌ تلتهمُ نَجمةَ الصُّبحِ
والبلابِلُ على قارِعةِ الطَّريقِ
تتسوَّلُ…
حُلكةُ الدُّخانِ
تغتالُ ابنةَ الشَّمسِ
وحافيةُ القدمينِ
بين مفارقِ النِّهاياتِ
تُلَملِمُ أشلاءَ الصَّمتِ
كُلُّ الضمائرِ أصابَها الصَّمَمُ
والحقُّ صارَ أبكمَ
وعيونُ الضَّوءِ مَسمولَةٌ
ترانيمُ الصِّغارِ
فوقَ أجسادِ الغَيمِ
صخبٌ وضجيجٌ
وفي مَهبِّ الرِّيحِ إعصارٌ
طَعناتُ الحِرابِ
ما عادتْ تُؤلِمُني
لا تبحثوا بعد اليومِ عَنِّي
فأنا لَستُ هُنا؛ وإنْ كُنتُ
غَلَبَني الرُّقادُ
بينَ أكفانِ اليَمامِ
فما عُدتُ أعلَمُ
إنْ كانَ ذاكَ نحيباً
أم وشوشاتِ الهَديلِ
هطلتْ أجنحةُ الشَّمعِ
وتاهَ فوقَ جبهةِ الفَجرِ
عُبوسُ الجَّليدِ
نعيقُ غربانٍ
والنُّسورُ تَحومُ
والمِلحُ فوقَ الوجنتينِ
يَخُطُّ ودياناً
وفي القاعِ يئنُّ
عَلَقٌ يَمتَصُّ
بقايا ذاكرتي
وظمأُ الأرضِ
ترويهِ الدِّماءُ
وبذورُ الحِقدِ
على مَهلٍ فيها تنضُجُ
مُحنيةً رُؤوسَها
تتلو السَّنابلُ
صلواتِها الأخيرةَ
خاشعةً صاغرةً
تُقدِّمُ أعناقَها
إلى المناجِل الغادرةِ
قُرباناً في طقوسِ التَّضحيةِ
رؤوسٌ من غيرِ رؤوسٍ
صامتةٌ غاضبةٌ ضاحكةٌ
في الحَدائقِ مُعلَّقةٌ
أبا مُرَّةَ، متى تُنهي
جولتَكَ الأخيرةَ؟
ملكَ المَوتِ،
ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ
فقد صارَ المُرادُ والأُمنيةُ
هو المَنيَّةَ…
بقلمي: جورج مسعود عازار
ستوكهولم – السويد
اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق