**بوح أنثى بين الضّد والصّمتِ**
وإن طالَ صَمْتي، فلا تُلِمْني
فإني لستُ مَن يهجر، فلا تَعجَلْ
ولا تَرحلْ عن حُلمي.
أنا أنثى أُبوحُ الصّمتَ في عُمري،
أعيشُ النقيضَ بين حضيضِ أمري.
فالضِّدُّ يُثبتُ في حقائقه الضِّدّا،
وبالضِّدِّ تُدرَكُ الأشياءُ ظاهِرةً ومُعتدّا.
أُصبتُ بأرقِ الأحلامِ في فجري،
وقلبي انفطرَ مِن شوقهِ عبثًا بلا مدى.
أفألتقيه والعُمرُ خريفٌ في محافلِهِ؟
وماذا لو تلاقَينا؟ وهل يبقى لنا أثرُ؟
أما كانَ مَن بالعشقِ يُجادلُني سحرًا،
يطوفُ بحُسنِ لفظهِ في الغسقِ سرّا؟
فلمّا هانَ حالي، رحل عني دون وداع.
هدوئي صمتي، وصَرختي قاتلةٌ،
فيا ليتَ قدري يَصبُّ في قلبهِ عشقي،
كما أوجعني في خافقي وجرحي.
أعودُ كعاصفةٍ مِن الصمتِ تُرعدُني،
أمارِسُ طقوسيَ في حبرٍ على الورقِ.
خطّي لا يُرى إلاّ كسَرابٍ في أفقي،
وحروفي باتت نارًا تُرمِدُ الأرضَ.
تركَ بيني وبينهُ حاجزًا كالجَسَر،
تذيبُ شوقَ صخورِ قلبي المنتظر.
وجودُكَ، أيها الأنا، طياتُ أحرفي،
كسحابةٍ روت في قلمي بقعي.
وقمحُ كلماتي استوطنَ روحي وقلبي.
فللهِ دَرُّكَ يا طريفَ العُمرِ في خَرفي،
إني وإن هَرِمَتْ أوراقُ زهرتي، سأبقى
في ربيعٍ زهرهِ صامدةً بوعيي.
فلستُ أذبلُ مهما ضاقَ بي زمني،
سأبقى زهرةً تنمو فوقَ أوجاعي.
رغمَ الخريفِ، سأحيا في صُمودي،
وأكتبُ بيدِ العزمِ سِفرَ الرجاءِ.
“وفي عمقِ الألمِ، تُزهرُ أجملُ بذورِ الأملِ.”
الشاعرة عائشة ساكري – تونس 17_10_2024